30 يناير 2020
أَنْسَـابُ شِعْـرًا كَمَــا لَولَــمْ أَكُنْ بَشَرَا أُلْقِي عَصَـايَ؛ لَعَلِّي إِنْ فَعَلْتُ أَرَى... فِي سَاحِلِ اليَمِّ، شَوْقِي: جَذْوَتِي، قَبَـسِي؛ وَكُـنْتُ أَرْقُـبُ، أَسْعَـى، أَقْـتَـفِـي أَثَـرَا مُسَـافِـراً فِـي دُرُوبِ الرُّوحِ، أَسْـأَلُنِـي: هَلْ سَافَرَ الجِسْمُ، أَمْ كَانَ الهُدَى سَـفَرَا؟ بَرْقٌ يُبَاغِتُ جُنْـحَ اللَّيْـلِ، يَـصْرَعُهُ، حَتَّى أَضَاءَ المَدَى فِي دَربِ مَـنْ عَبَـرَا لَمَّا نَزَعْتُ يَـدًا بَيْضَـاءَ سِـرْتُ بِـهَـا، طَـوْعًا تَكَشَّفَ لِي مَا كَـــانَ مُـسْـتَــتِـرَا أَسْـرِي وَأَبْـحَثُ فِي أَلْوَاحِ مَنْ وَقَفُوا، حَتَّـى وَقَـفْـتُ بِـطَيْفٍ مِنْـكَ فِيَّ سَـرَى رَأَيْـتُ فِي الطَّـيْـفِ سِرًّا لَيْسَ يَعْرِفُهُ إِلَّا شَرِيدٌ بِـبَحْرٍ مَا، رَأَى جُزُرَا وَسَارَ يُبْـحِرُ بِي فِي الـمَوْجِ، أَتْـبَعُـهُ، لَكِنَّ سَيْرِيَ فِي زَلَّاتِهِ عَثَرَا أَدْرَكْتُهُ فِي سُجُودِ اللَّيْلِ، فَـانْطَفَأَتْ مِنِّي الذُّنُوبُ، كَأَنَّ الحُبَّ لِي غَـفَـرَا أَكْـمَـلْتُ دَرْبِي وَزَادِي أَنَّنِي كَلِفٌ؛ حَمَلْتُ فِي صَدْرِيَ الآيَاتِ وَالسُّوَرَا بِـهَا مَـشَـيْتُ؛ فَمَـا أَخْــشَـى؟! وَقُلْتُ: بِهَا سَأَفْرُقُ البَحْرَ، أَسْتَسْقِي بِهَا الحَجَرَا فِي هَـدْأَةٍ مِــنْ سُكُونِ اللَّيْلِ، تَـسْـأَلُنِـي عَـنْكَ الدُّرُوبُ: أَنُوراً كُـنْتَ أَمْ بَـشَـرَا؟ يُـجِيــبُـهَـا الـكَـوْنُ رَسْـمًـا فِيهِ سِيرَتُـهُ: كَـوَاكِبٌ، أَنْجُـمٌ، قَدْ صَدَّقَتْ قَـمَرَا «اقْــرَأْ» فَذَا الغَارُ أَصْدَافٌ مُفَتَّحَـةٌ، وَغَـادَرَ الدُّرُّ بِالأَنْـوَارِ مُدَّثِرَا عَلَا البُرَاقُ سَمَاوَاتٍ بِذَاتِ لِقـا، بِـسِدْرَةِ الـمُنْتَهَى، البَـيْـتِ الَّذِي عُمِرَا فَـقَـابَ قَوْسَيْنِ، فَالمَأْوَى، وَأَسْمَعَـهُ صَرِيـفَ أَقْـلَامِ رَقٍّ فِـيـهِ مَا قُـدِرَا مُـــحَــــمَّـــــدٌ، وَاسْتَـنَارَتْ كُـلُّ مُظْلِمَةٍ؛ أَكُـنْـتَ تَـنْـثُـرُ لِلْـمِـصْـبَـاحِ مَــا نَـثَرَا! أَضَــاءَ حُـسْــنًا، سَــطَا حِــلْـمًـا، يَـذُوبُ حَــيَـا، أَشَــعَّ صِـدْقًـا، سَــمَـا طُـهْــرًا، يَـفِـيضُ قِـرَى مَـا مُـزِّقَ الـمُـلْـكُ إِلَّا مِـنْ صَحِــيـفَـتِـهِ إِذْ مُزِّقَـتْ، عَـنْـدَهَـا كِـسْرَى قَـدِ انْـكَـسَـرَا وَيَـوْمَ كَانَـتْ لِـصَـوْتِ الـكُفْـرِ أَلْـسِـنَــةٌ، «أَنَــا الــنَّــبِــيُّ...»؛ فَـوَلَّـى الـكَـافِـرُ الدُّبُــرَا وَمَـا قِـيَامُـكَ نِـصْـفَ الـلَّـيْـلِ؟! يُــخْــبِـــرُهَـا: أَلَا أَكُـونُ بِــهِ عَـبْـدًا لَـهُ شَـكَـرَا! جِــذْعٌ يَــئِــنُّ، وَلَـوْلَا ضَـمَّـةٌ لَـقَـضَـى، فَـكَـيْــفَ يَـصْــنَـعُ مَــنْ بِــالـطِّــيــنِ قَــدْ نُــشِـــرَا! وَبَـسْمَةٍ إِثْـرَ كَـشْـفِ السِّتْرِ، فَـابْـتَهَجُوا؛ «بَـلِ الـرَّفِـيقُ...» بِهَـا قَدْ آثَرَ السُّرُرَا لَا مَا رَحَلْتَ؛ فَفِي الطُّوفانِ لَا جَبَـلٌ، وَكَانَ هَدْيُـكَ لِي الأَلْـوَاحَ والـدُّسُـرَا فِي مَـشْـهَـدِ الـبَـعْثِ حَـارُوا كُلَّمَا سَأَلُوا، حَتَّى أَتَـوْكَ وَكَانَ الظِّلُّ مُنْـشَـطِـرَا «أنَا لَهَا» يَوْمَ قَالَ الكُـلُّ: «لَسْـتُ لَهَا»؛ وَكُـنْتَ وَحْدَكَ تُـلْـقِـي عَـنْـهُـمُ الـكَـدَرَا مِنْ حَوْضِهِ شَـرْبَةٌ تَـنْفِي الظَّمَـا أَبَدًا، كَأَنَّـمَا فِـيهِ سِـرُّ الخُلْـدِ قَـدْ عُـصِرَا أَوْدَعْـتُ قَـلْبِيَ طَـيْـفًـا مِـنْـكَ يُـؤْنِــسُـنِي، سِـيَّـان عِـنْدِي بِـهِ مَنْ غَـابَ أَوحَضَـرَا وَكَـانَ حُـبُّـكَ لِـي غَـيْمًا يُـظَـلِّـلُـنِي، يَـسْـتَـمْـطِـرُ الـشَّـوْقَ، لَا يَـسْـتَـمْـطِرُ الـمَـطَـرَا فِي مَـدْحِكَ الـيَـوْمَ غِـيـضَتْ كُلُّ قَافِيَةٍ، وَظَلَّ وَصْـفُـكَ بِـالـجُودِيِّ مُـنْــتَــظِـرَا... ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كلمات : حسن إدريس أداء : خالد الدغيم