الجمعة 10 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.92 ليرة تركية / يورو
40.78 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.89 ليرة تركية / ريال قطري
8.62 ليرة تركية / الريال السعودي
32.35 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.92
جنيه إسترليني 40.78
ريال قطري 8.89
الريال السعودي 8.62
دولار أمريكي 32.35

شريط الكاسيت.. ثورة أخمدتها ثورة

21 يونيو 2021، 10:57 ص
شريط الكاسيت
شريط الكاسيت

هالة القدسي

صحفية سورية

21 يونيو 2021 . الساعة 10:57 ص

صندوق بلاستيكي بحجم قبضة اليدة اسمه شريط الكاسيت،إذا كنت من جيل الألفين فلربما سمعت عنه أو وجدته في مكان مهمل من المنزل، ولكن بكل الأحوال هو لا يعني لك شيئاً.

أما بالنسبة للأجيال السابقة.. فهو يعني الكثير... لأنه من ذكريات الزمن الجميل، التي  تفوح رائحتها من شريط كاسيت.

بحلول عام 1963، كان المهندس الهولندي لو أوتينس البالغ من العمر 36 عاماً قد أصبح رئيساً لقسم تطوير المنتجات في شركة "فيليبس" للتكنولوجيا، وكشف النقاب في أحد معارض الإلكترونيات في برلين، عن اختراعه الذي أحدث ثورة في عالم الموسيقى، "شريط الكاسيت"، وبدأت علاقة حبه مع التكنولوجيا بعد تركيبه راديو لعائلته خلال الحرب العالمية الثانية، كي يتمكنوا من الاستماع إلى البث أثناء الاحتلال النازي للبلاد.

وكلمة "كاسيت" تعني علبة أو صندوق وهي فرنسية الأصل، تستعمل اختصاراً للكاسيت الموسيقي الذي يُسمع عن طريق وضعه في جهاز التسجيل فتصدر منه الموسيقى والأغاني المسجلة كما يمكن تسجيل الأصوات والموسيقى عليه بطريقتين، إما باستعمال ميكروفون يوصل بجهاز التسجيل أو باستخدام كابل يوصل بين جهاز التسجيل والراديو، وبذلك يمكن تسجيل البرامج من الإذاعة مباشرة أو تسجيل الأغاني التي نحبها أو حتى أصواتنا.

حقق الكاسيت انتشاراً واسعاً، فكان ثورة سمعية هائلة حيث تم تصنيع أكثر من مائة مليار شريط خلال العصر الذهبي لهذا المنتج الذي احتل جزءاً مهماً من حياة الكثيرين على مدار  أعوام  وأصبح رفيق الجلسات والسهرات الممزوجة بالأغاني والموسيقى ورسائل الحب والأشواق التي  سجلها وسمعها جيلي الثمانينيات والتسعينيات وهم يعانقون جهاز التسجيل وينصتون بشغف حيث ساهم في انتشار موسيقى "الهيب هوب" وثقافة موسيقى "ريذم آند بلوز"R&B الشعبية في أوساط المجتمعات الإفريقية الأمريكية.

أما شراء الكاسيت فكانت له طقوسه الخاصة، وكان للذهاب إلى السوق وتبضع الكاسيتات الجديدة لذةٌ لا يعرفها إلا من عاصر  صخب هذاالاختراع وانتظر صدور ألبوم مطربه المفضل.

وعن العلاقة الحميمية التي لا تنسى مع الكاسيت فلم تكن هناك علاقة أعمق وأقوى من علاقة تلك الأم التي تنتظر بريداً يحمل شريط كاسيت مسجل بصوت ابنها البعيد في بلاد الاغتراب أو زوجة وأطفالها ينتظرون أن يسمعوا أخبار الأب ويطمئنوا عليه فتلتف العائلة حول جهاز التسجيل ليستمعوا إلى كلامه ويجيبوا عليه وكأنه جالس معهم.

ومن الطرائف في زمن الكاسيت أنه كان إذا تعرض لأي نوع من أنواع التلف فلا يمكن الاستغناء عنه أبداً بل هناك سعي وإصرار على إصلاحه بأي شكل من الأشكال، فمثلاً إذا حدث قطع في الشريط توضع قطعة لاصق ويوصل من جديد أما إذا  أصبح الشريط ملفوفاً حول بعضه  أو كما يقال (علكته المسجلة) فهناك حل سحري يلجأ إليه الجميع وهو وضع قلم داخل "بكرة الشريط" وتحريكه فى عكس الاتجاه مع محاولة فردِه.

ولأن التكنولوجيا لا تقف عند حد معين تطورت مشغلات الشريط السمعي واستطاع الناس لأول مرة أن يستمعوا إلى الموسيقى دون الاضطرار  إلى ملازمة أماكنهم وذلك من خلال تطوير جهاز التسجيل ليعمل في السيارات وجهاز الووكمان الذي لازم الشباب في ذلك الوقت بشكل كبير.

وبما أن الثورات التكنولوجية متسارعة والواقع البشري نهمٌ للتطور ويتماشى مع الإيقاع السريع لمخرجات التكنولوجيا جاءت ثورةٌ  وأطفأت  ثورة، مع ولادة القرص المدمج "السي دي" الذي قضى على حياة شريط الكاسيت.

وكان "أوتينس" مخترع الكاسيت جزءاً من هذه الثورة حيث كان من الفريق الذي وضع الأسس الأولى لانتشار الأقراص المضغوطة في عام 1982، لتتجاوز مبيعات الأقراص المضغوطة، مبيعات الكاسيت في أوائل التسعينيات، ويباع أكثر من 200 مليار قرص مضغوط في جميع أنحاء العالم وتتحول معظم محال بيع الكاسيت إلى محلات لبيع الأقراص المدمجة التي تعمل على الحاسوب.

ومع تقدم التكنولوجيا وتعاقب الثورات السمعية أحيل شريط الكاسيت إلى التقاعد في ذاكرة من عاصروه  حاملاً معه حكايته وأغانيه بينما تلاشت اللهفة لانتظار نزوله إلى الأسواق، وأصبح كل شيء متاح للجميع بسهولة عبر الأنترنت.