الخميس 04 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

بايدن في المنطقة لإحكام الجدار الحديدي حول روسيا

17 يوليو 2022، 04:42 م
بايدن في المنطقة لإحكام الجدار الحديدي حول روسيا

د. باسل معراوي

كاتب وسياسي سوري

17 يوليو 2022 . الساعة 04:42 م

كان الرئيس الأمريكي جو بايدن صادقاً في إظهار أسفه من تخفيف الاهتمام والوجود الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط.

ولا يمكننا اعتبار أن التغلغل الروسي والصيني في المنطقة كان بغفلة عن العين الأمريكية، ولن نغوص في أسبابها أو دوافعها ولكنها حصلت.

كانت الحملة الانتخابية للمرشح جو بايدن تتميز بالهجوم غير المبرر على الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة (وبخاصة مصر وتركيا والمملكة العربية السعودية، وحتى إن سهامه كانت تصيب حليفه الإسرائيلي)، مع رغبة واضحة بإعادة إحياء الاتفاق النووي مع نظام الملالي.

ترجم ذلك عملياً بالانسحاب المتسرع من أفغانستان وتغيير صفة ومهام الوجود العسكري الأمريكي في العراق، والوجود المتواضع في سورية سيكون تحصيل حاصل.

يبدو أن صراعاً رئيسياً كان يدور في دوائر صنع القرار في المؤسسات الأمريكية حول أهمية الوجود والاهتمام الأمريكي في الشرق الأوسط.

إن ذهاب الإدارة الأمريكية لإنشاء تحالف المحيط الهادي “أوكوس” والبرود الأوروبي من المناشدات الأمريكية في التحذير من الخطر الروسي، هو ما جعل الاعتقاد أن الهم الاستراتيجي الأمريكي متوجه إلى الصين شرقاً.

وخلال العام الأول من إدارة الرئيس بايدن للبيت الأبيض أنجزت الدول في المنطقة مصالحاتها ونبذت خلافاتها أو جمدتها مرحلياً في مواجهة خطر إيراني عابر للحدود مدعوما بقوى الشرق الرئيسية الصين وروسيا، وذلك لإنشاء مقاربة أمنية مشتركة مدعومة بتعاون اقتصادي وانتظار القادم.

كان ذلك القادم غير متوقع أبداً، لم يكن الكثيرون يتوقعون أن يقدم بوتين على اجتياح أوكرانيا، حدثت اللحظة الدولية التي سيكون ما بعدها ليس كما قبلها، فتغيرت كل المعادلات الدولية والتفاهمات أو الشراكات السابقة.

قرأ الرئيس الروسي المشهد الدولي برغبوية، أقل ما يقال عنها إنها انفصال عن الواقع.

لم يكن أمام الغرب، إلا رفض المطالب الروسية لتجنب الغزو، وقد اشترط القيصر المغرور قبولها دفعة واحدة أو رفضها كاملة، وكانت أشبه بشروط فرض الهيمنة على القارة العجوز وسحب أنابيب الإنعاش التي يتنفس منها الناتو الميت سريرياً (كما وصفه الرئيس الأوروبي).

لم يبال الغرب بالرد على القيصر المغرور كتابياً كما طلب، لأنه كصك التوقيع على مطالب إذعان وخضوع.

جرت محاولات اللحظة الأخيرة لثني القيصر عما يعتزم القيام به وفشلت زيارتا الرئيس الفرنسي والمستشار الألماني.

كانت الحرب ضرورية للولايات المتحدة وروسيا ولم يسع الطرفان لتجنبها بحلول وسط وتغليب الديبلوماسية، كل منهما رآها فرصته، القيصر لإخضاع أوروبا والانتقام لتداعيات الانهيار السوفييتي المذل أمام الغرب، ولتحقيق إمبراطوريته الأوروآسيوية وإلغاء نظام القطبية الأحادية، وإزاحة الولايات المتحدة عن عرشها العالمي.

وكانت الولايات المتحدة تراها ضرورية لبعث الناتو إلى الحياة واستنزاف ذلك الدب الروسي في حرب طويلة لن يخرج منها إلا مهزوماً، وكسر الجناح الشرقي الطامح بمنازعة الولايات المتحدة على قيادتها للنظام الدولي.

قامت القيامة الأوروبية في وجه الخطر الروسي واستعاد الناتو شبابه وحيويته، ويتم منذ اليوم الأول لغزو الأراضي الأوكرانية إحكام السد الحديدي أمام الاتحاد الروسي من الجهة الغربية.

الوجود الروسي القوي في الشرق الأوسط

تمكنت روسيا البوتينية وانطلاقاً من سوريا، من بناء علاقات قوية مع القوى الإقليمية الأربع في المنطقة (تركيا – إيران – إسرائيل – الخليج العربي ومصر).

كانت العلاقة الروسية مع إيران سابقة للتدخل العسكري في سوريا، ولكنها ساهمت بإرساء شراكة استراتيجية في الإقليم كله، غايته منافسة وطرد النفوذ الأمريكي منها، وبالتالي تحطيم النظام الدولي القائم، ولا تبتعد الصين عن تلك الرؤية لكنها بعيدة عن الظهور العسكري وتكتفي بقوتها الناعمة.

الوجود الروسي العسكري في سوريا ألزم بقية الأطراف الثلاثة بتقوية علاقاتها مع روسيا، وتمكنت الأخيرة من إدارة وسائط القوة بين الدول الأربع المتصارعة في سوريا، وعقد التفاهمات ورعايتها بما يتيح تجنب الاصطدام المباشر بينها وضبط الحرب الرمادية القائمة بينها.

فيما رأت الكتلة العربية أنه لا مناص من تنويع العلاقات الدولية مع كل دول العالم وخاصة الاتحاد الروسي والصين، تلك القوتان الشرقيتان الصاعدتان، وعدم الارتهان للتذبذب الأمريكي وغياب أو عدم وضوح الرؤية الاستراتيجية الأمريكية للمنطقة.

عندما كان الرئيس بايدن يهاجم المملكة العربية السعودية وينتقدها، كان سعر برميل النفط 41$. وعندما بدأ الرئيس الأمريكي يناشدها لزيادة إنتاجها اليومي من النفط كان سعر البرميل قفز مئة دولار زيادة، اضطر بايدن للسحب من المخزون الاستراتيجي الأمريكي بمعدل مليون برميل يومياً، إلا أن ذلك لم يغير كثيراً من ارتفاع سعره.

أدرك بايدن والمؤسسات الأمريكية أن خللاً هائلاً طرأ على العلاقات مع دول الخليج خاصة، لكنه أجّل زيارته للمنطقة ليتم مناقشة أو إعادة صياغة للاستراتيجية الأمريكية والتشاور مع كل الأطراف.

ذهب بايدن شرقاً واجتمع مع منظومة الكواد والهند وحاول تقوية الستار الحديدي المحيط بروسيا شرقاً، مع عدم الكف عن إعطاء التحذيرات للصين من مغبة تقليد الدب الروسي واجتياح تايوان، مع إرسال الرسائل من مغبة الإفراط بخرق العقوبات الغربية على الاتحاد الروسي.

بعد عقد قمة الناتو أواخر حزيران الماضي، ورص الصف الغربي، وكانت سبقت تلك القمة قمة للسبع الكبار وقمة لمنطقة اليورو وإصلاح العلاقات مع تركيا، كانت المفاوضات الهادئة التي أجراها وليم بيرنز رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية في المملكة ولقائه ولي العهد السعودي لساعات طويلة، والمحادثات التي أجراها الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي، قد أنجزت جدول أعمال الزيارة الحالية.

مهد ولي العهد السعودي بجولاته في المنطقة لتشكيل كتلة عربية من 9 دول للقاء الرئيس الأمريكي بمطالب ومواقف موحدة.

قال الرئيس الأمريكي في مقالته التي نشرت في صحيفة “واشنطن بوست” إن منطقة الشرق الأوسط ضرورية للأمن والطاقة العالميين.

ويعرف الرئيس الأمريكي من يهدد الأمن فيها، ومن يهدد منابع الطاقة وخطوط نقلها وسلاسل التوريد العالمية التي تعبر ممراتها المائية.

بعيداً عن خوض الجدل، هل سيتم الإعلان عن ناتو عربي أو شرق أوسطي أو تعاون دفاع جوي أو ما شابه ذلك؟.

المنطقة لن تترك الرئيس الأمريكي يغادرها قبل انخراط الولايات المتحدة بملفاتها الأمنية الاستراتيجية، ولن يغادر بايدن المملكة قبل بناء المدماك الأول في الستار الحديدي الجنوبي حول الحليفين الروسي والإيراني.

اقرأ أيضاً: "آرام" تنشر النص الكامل لبيان "قمة جدة".. ماذا حمل لسوريا؟