أثر تراجع حجم المساعدات الإنسانية وعدة أسباب أخرى، على الحالة المعيشية لآلاف العائلات في الشمال السوري، ما أدى إلى زيادة معدلات الفقر والجوع بين السكان، وارتفاع حالات الانتحار هرباً من ضنك المعيشة.

وكشف فريق "منسقو استجابة سوريا" أن نسبة العائلات الواقعة تحت خط الفقر ارتفعت إلى نحو 87.11 في المئة خلال شهر آب/ أغسطس الجاري في مناطق شمال غربي سوريا.

ونشر الفريق بياناً عبر صفحته في "فيس بوك"، حول تغيرات الحدود الأساسية للعوامل الاقتصادية للسكان المدنيين في الشمال السوري.

وخلال شهر آب/ أغسطس الجاري، ارتفع حد الفقر المعترف به في الشمال السوري إلى قيمة 4354 ليرة تركية، كما ارتفع حد الفقر المدقع إلى قيمة 3218 ليرة تركية، وفق البيان الذي أكد أن مئات العائلات الجديدة انزلقت إلى ما دون حد الفقر الأساسي.

ولفت البيان إلى ارتفاع حد الفقر إلى مستويات جديدة بنسبة 0.53 في المئة، ما يرفع نسبة العائلات الواقعة تحت حد الفقر إلى 87.11 في المئة، في حين حد الجوع بنسبة 0.13 في المئة، ما يرفع نسبة العائلات التي وصلت إلى حد الجوع إلى 38.18 في المئة.

وأوضح الفريق أن الزيادات في الأجور نتيجة تغير أسعار الصرف بقيت محدودة، مع انخفاض واضح عن الشهر السابق، وتراوحت بين 63 -81  ليرة تركية.

تخفيض الوجبات الأساسية للعائلات

بدوره، قال سعد الوائل وهو مسؤول توثيق وإحصاء في إحدى المنظمات الإنسانية العاملة في الشمال السوري، في تصريح خاص لـ"آرام"، إن "تدني مستوى الدخل، أجبر العديد من العوائل على تخفيض عدد الوجبات اليومية".

وأضاف أن "نسبة الأسر التي خفضت أعداد الوجبات الأساسية بلغت 70 بالمائة، في حين وصلت ضمن المخيمات إلى 91 بالمائة، وارتفعت نسبة الأسر التي وصلت إلى حد الانهيار خلال الأشهر السابقة إلى ما بين 55 و 62 بالمائة".

وأوضح الوائل أن "سلة المساعدات الشهرية المقدمة للعائلات هي بمثابة إبرة بنج وحلّ مؤقت، لأنها قد تتوقف في أي لحظة، ولابد من توفير فرص عمل دائمة أو دعم النازحين مالياً لبدء مشاريع ربحية، تساهم في تحقيق مردود مادي ثابت".

من جهته، أرجع الباحث الاقتصادي وئام الخالد، أسباب الفقر والجوع بالشمال السوري إلى "ارتفاع نسبة البطالة، وذلك نتيجة ارتباط اقتصاد المنطقة بالاقتصاد التركي، الذي شهد ضربات متتالية بسبب انخفاض قيمة الليرة التركية خلال الفترة الماضية".

ولفت إلى وجود أسباب أخرى ساهمت بعدم تقدم الواقع الاقتصادي، منها "أسباب أمنية تتعلق بالقصف الذي زادت وتيرته مؤخراً على المناطق المحررة شمال غربي سوريا".

وأيضاً "اعتماد العديد من المنظمات الإنسانية والجهات الحاكمة على سياسة توظيف المقربين والمعارف، والتي قد تصل إلى وجود الشخص بأكثر من وظيفة، ما أدى إلى حرمان المئات من فرصة التوظيف، وتأمين دخل شهري ثابت".

يضاف إلى كل ذلك وفق الباحث الاقتصادي، "تراجع نسبة مواد المساعدات التي كانت تكفي أعداداً كبيرة من سكان المخيمات، وذلك بعد تخفيضها من الدول والجهات المانحة".

الفقر والجوع يفاقمان حالات الانتحار

وشهدت مناطق الشمال السوري عشرات حالات الانتحار بين نساء ورجال ويافعين، والتي تدور الأسباب حول عدم وجود من يساعدهم على تخطي الصعوبات والضغوط المعيشية التي تواجههم، وفقاً لتقريرسابق لـ"منسقو الاستجابة".

وأفاد التقرير باستمرار تسجيل حالات الانتحار خلال العام الحالي، لتصل إلى أرقام جديدة تجاوزت ما تم توثيقه خلال الأعوام السابقة، حيث بلغت عدد الحالات المسجلة 53 منذ بداية عام 2022.

وأشار الفريق إلى أن التوعية حول الانتحار مغيبة بشكل كامل، مع توفر العديد من الأسباب المؤدية إلى الانتحار ضمن المجتمع المحلي الذي يعاني من الفقر الشديد وغياب فرص العمل.

وناشد الفريق المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة مساندة المدنيين والنازحين، وتأمين المتطلبات الأساسية لهم، خاصة في ظل ارتفاع أسعار المواد الأساسية، والتهديدات المستمرة بقطع المساعدات الإنسانية.

يُذكر أن سوريا لا تزال في صدارة الدول الأشد فقراً في العالم، وفقاً لموقع "World by map"، الأمر الذي ينعكس على أزمة الجوع التي يعيشها السوريون على امتداد جغرافية البلاد، مع وجود 82 بالمائة منهم تحت خط الفقر، وفقاً لإحصائيات الموقع.

اقرأ أيضاً: المجلس الإسلامي السوري يصدر فتوى حول التعامل مع البضائع الإيرانية

شاهد إصداراتنا: