السبت 04 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.92 ليرة تركية / يورو
40.78 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.89 ليرة تركية / ريال قطري
8.62 ليرة تركية / الريال السعودي
32.35 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.92
جنيه إسترليني 40.78
ريال قطري 8.89
الريال السعودي 8.62
دولار أمريكي 32.35

حقوق الإنسان من تاريخ النشأة إلى واقع التطبيق

08 يونيو 2023، 10:08 م
حقوق الإنسان من تاريخ النشأة إلى واقع التطبيق
08 يونيو 2023 . الساعة 10:08 م

مقدمة

( يولد جميع الناس أحرارًا ومتساوين في الكرامة والحقوق)

هذا ما نصت عليه المادة الأولى من الإعلان  العالمي  لحقوق الإنسان 1948
لكن يا ترى هل أتت هذه المادة على فكرة مستحدثة في عصرها أم أن لفكرة حرية الإنسان وصيانة حقوقه  امتداد  متجذر في التاريخ

إن القراءة التاريخية المقارنة تؤكد أن البشرية اتجهت في مرات كثيرة نحو إعلاء شأن الإنسان وإبراز  حقوقه  وحفظ كرامته
لقد امتدت فكرة حقوق الانسان الى أقدم الحضارات البشرية المعروفة وأولى صفحات التاريخ البشري المكتوب

أولا  مصر القديمة

في أراضي وادي النيل الأدنى في مصر الفرعونية حوالي 3300 قبل الميلاد وذلك عندما أخضع حكام مصر  سكان القرى إلى قانون سماوي اسمه (ماعت ) وأهم ركائز هذا القانون كانت مفاهيم الحق والعدل والصدق وبقي معمولا به لفترة طويلة في مصر العليا ومصر السفلى
وصار تحت حكم الأسرة الثامنة عشر من حق كل فرد ضمن مجموعة حقوقه المدنية أن يحفظ جثته بعد موته حيث لم يكن التحنيط من الحقوق العامة فقد كان قبل ذلك حكرا على الأمراء والملوك فقط

وأن الملك أخناتون الذي أسس ديانة التوحيد في مصر كان أيضا ممن وضع قوانين تجسد السلام والرحمة والتسامح والمساواة بين الناس في شؤون الدنيا ودعا لتحقيق العدالة خاصة بين أفراد العائلة المالكة وبين عامة الشعب بعد ما كانت العائلة المالكة تتميز بحظوة التقديس المبالغ به
وجاء في وصايا (حريكارع) أحد حكماء الأسرة العاشرة  قوله ( احتفظ بذكراك بين الناس بحبهم فالإنسان الذي يصل للآخرة من دون أن  يرتكب  خطيئة فإنه سيمكث هناك ويمشي مرحا مثل الأرباب الخالدين )

ثانيا في اليونان

في حين أن الأمر كان مختلفا جدا في اليونان القديمة حيث لم تعط تعاليم أرسطو حقوق المساواة لكل أفراد المجتمع حيث أكد أرسطو في مذهبه أن (فريقا من الناس مخلوقون للعبودية لأنهم يعملون على الآلات التي يتصرف فيها الأحرار ذوو الفكر والمشيئة)  ووفقا لمفهوم أرسطو، فإن الله خلق فئتين من الناس، اليونانيون الذين يمتازون بالفعل والإرادة، والبربر ذوي الطاقات البدنية التي تهيئهم لأن يكونوا عبيدا.
 ومع ظهور ما يعرف بالمدرسة الكلبية، اندحر الفكر الأروسطي التمييزي الذي ينادي بالعبودية، واسترقاق البشر، وجاءت هذه المدرسة تندد بالكثير من الممارسات الشنيعة والمتعارضة مع جوهر الكرامة البشرية، ودعت إلى ضرورة إلغاء مثل هذا الفكر، وإقرار مبدأ المساواة بين جميع أفراد المجتمع
ويقضي أفلاطون في جمهوريته الفاضلة بحرمان العبيد من حق المواطنة، وإجبارهم على الطاعة والخضوع للأحرار من سادتهم أو من السادة الغرباء، ومن تطاول منهم مع سيد غريب، أسلمته الدولة ليقض منه كما يشاء.

ثالثا في بلاد  الرافدين

وفي العراق القديم  في بلاد الرافدين كانت هناك حضارات عريقة حثت على وجوب احترام حقوق الإنسان، وجاءت لتشرع لهذه الحماية في قوانيين وتشريعات وصلنا بعضها، مثل قانون حمورابي، وعلى الرغم من القيمة القانونية التي يحظى بها قانون حمورابي والذي يعود إلى القرن الثامن عشر قبل الميلاد، لما تضمنه من تأكيدات على بعض حقوق الإنسان وصون كرامته، وكبح شهوات طغيان السادة والحكام، غير أن عيوب ونواقص كثيرة قد ظهرت ولا تـزال تظهر في هـذا القانون، حيث أنه لم يصل كاملا، وإنما وصلت منه قطع غير مترابطة
كما وتميز قانون حمورابي أيضا بإقرار قانون الثأر والذي يتنافى مع مبادئ العدالة وجوهر الإنسان، حيث كان يؤمن هذا القانون بمبدأ العدالة الفردية، بالإضافة إلى إقراره بمبدأ ملكية الأرض من قبل شخص واحد هو الملك، وتشدد أيضا في فرض العقوبات القاسية التي تتنافى مع الطبيعة البشرية، حيث أجاز بتر الأعضاء البشرية والإنسان لا يزال على قيد الحياة، وأجاز قتل الأبن بدل ابيه وهو ما يتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان والعدالة والشرائع السماوية
أما الحضارات العراقية القديمة مثل البابلية والسومرية، فقد احتفظت بارتباط وثيق بين التعاليم الدينية والنظرة إلى الإنسان وحقوقه وأشهر ما وصلنا من قوانيين تخص حقوق الإنسان في العصور القديمة شريعة  عشتار وشريعة حمورابي الذي حكم الدولة البابلية من عام 2067-2025 ق .

رابعا الشريعة الإسلامية

ثم جاءت بعد ذلك الشريعة الإسلامية فأعلت من قدر الإنسان، وجعلت احترام حقوقه ليس فقط "فضيلة" وإنما "فريضة" واجبة النفاذ، وتوعدت من ينتهك هذه الحقوق بالعقاب في الدنيا والآخرة.

ويستشهدون في ذلك فضلا عن الآيات والأحاديث الكثيرة بمقولات مشهورة منها قول الخليفة الثاني للمسلمين عمر بن الخطاب لعمرو بن العاص (رضي الله عنهما) بعد فصله في شكاية أحد المصريين "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا".


ولا استغراب أن تسجل ذاكرة التاريخ البشري، أهم الوثائق العالمية لحماية حقوق الإنسان في شبه الجزيرة العربية، والتي تعكس في مضمونها وفحواها درجة الحضارة والتمدن التي وصل إليها الفكر العربي المسلم  في القرن السابع للميلاد، والذي ينم عن زخم الميراث الحضاري العربي القديم الذي نما وترعرع في جزيرة العرب، وتجسد هذا التطور لمفهوم حقوق الإنسان على يد الإنسان العربي القديم بولادة ما يسمى "بصحيفة المدينة" والتي جاءت لتراعي حقوقا وواجبات خاصة لأطراف الوثيقة وخصوصا لليهود، والتي بموجبها أضحى اليهود جزءا من النسيج الإجتماعي العام في المدينة المنورة ، وأندادا  بغيرهم من سكان المدينة، وتضمن لليهود حرية الدين والاعتماد، وكان من أكثر تجليات الفكر العربي القديم أن حفظ للمرأة العديد من الحقوق، فكانت تشارك في الغزوات، وتعمل في التجارة ولها الحرية بأن تعتنق الدين الذي يناسبها دون أن تتبع إرادة زوجها سلبيا، وأبعد من ذلك تشير الوثائق أن المرأة العربية كانت تستطيع أن تطلق زوجها، وأنها كانت سيدة نفسها وتختار زوجها ولها الحق بأن تهجره عندما يناسبها ذلك أما فيما يتعلق بالحجاب فتشير الوثائق الخاصة بالتاريخ العربي القديم، بأن هذه الممارسة من الممارسات العربية القديمة، وانها لم تكن وليدة الإسلام وتعاليمه، ومع كل ما تقدم، عرف تاريخ العرب القديم، العبودية والنظرة المشينة للمرأة، فقد كان هناك تميز واضح بين الحرة والعبدة، (  وكان من أبشع العادات العربية التي تتنافى وجوهر حقوق الإنسان عادة وأد البنات، والتي كان الباعث عليها إما مخافة العار الذي يلحقهم بسببهن إذا سبين، وطمع فيهن غير الإكفاء، وإما مخافة الفقر والإملاق

( . وتشير الوثائق التاريخية أن الحضارة العربية الكنعانية التي كانت تسود في فلسطين قد عرفت مفاهيم متقدمة في العدالة والمساواة وحفظ الحقوق، وكان ملوك تلك الحقبة يمتلكون أحساسا عظيما بالمسؤولية تجاه حفظ وحماية حقوق الإنسان، وفي هذا الصدد كانت "المدن الكنعانية: بيد ملوك صالحين يقضون بالعدل ويحفظون حقوق الأرامل واليتامى، وأقرت هذه الحضارة العربية العظيمة بمبادئ هامة كالمشاركة السياسية في الشوؤن العامة المشتركة وبناءً على ما تقدم، نرى أن التاريخ العربي القديم شهد نزعة ذاتية لدى حضاراته المختلفة تجاه احترام مبادئ حقوق الإنسان وجوهرها، بالرغم من عدم توافر الإطار القانوني العام الذي ينظم هذه الحقوق، إذ بقيت الممارسات العملية والبعيدة عن الجانب التقني والفلسفي تزخر بمعايير حفظ وحماية تلك الحقوق.
ولقد سجلت ذاكرة التاريخ العربي القديم شاهدين حيين على المساهمة العربية في مسيرة تبلور مفهوم حقوق الإنسان، وهما وثيقة الفضلين وصحيفة مكة، والتي تعد من أهم الوثائق التاريخية على صعيد حقوق الإنسان، ليس فقط على مستوى العالم العربي القديم، وإنما على المستوى الدولي والإنساني. وبهذا فإننا نجد أن وثيقة الفضلين تحتوي على مبادئ تضمن للإنسان كرامته وحريته وترقى في جوهرها إلى الماجناكارتا أو العهد العظيم الذي شهدته أنجلترا ولا زال العالم يتغنى بها حتى يومنا هذا.

 حقوق الإنسان والحضارة الإسلامية

 جاء الإسلام في فترة كان يسود فيها الظلم الأستبداد والقهر وإنتهاك كرامة الإنسان، حيث كانت البشرية فقط في ظلام دامس. ونزل القرآن الكريم على نبي الهدى محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ليجد الحلول الناجحة لضلالات البشر وطغيانهم، وبصورة تضمن للإنسان أدميته وكرامته وحرمة دمة وعرضه وممتلكاته. وكانت رسالة السماء مجسدة في القرآن الكريم واضحة كل الوضوح على صعيد احترام حقوق الإنسان، حيث نادت بضرورة تحرير الإنسان من العبودية والرق والاستعباد  وأقرت بمبادئ العدالة والمساواة وتحريم التميز، ولم تكن نظرة القرآن الكريم والشريعة الإسلامية تجاه مسألة حقوق الإنسان ناقصة، وذلك لسبب بسيط فهو أنها إنعكاس لعدالة الله عز وجل على الأرض. ومن أهم الحقوق التي ضمنتها الشريعة الإسلامية الحق في الحياة، المساواة، الحرية، العقيدة، حرية التعبير عن الرأي والشورى، حرية التنقل واللجوء، وحق العدل، العمل، وحقوق المرأة والطفل. ومن ثم نرى أن الحضارة الإسلامية لعبت دورا مهما في تطور وإنضاج وعي الإنسان بحقوقه وحرياته الأساسية، وذلك من خلال إقراره بمبادئ هامة تعد ركيزة لأي نظام اجتماعي قانوني بشري. ومهما يكون من إجحاف النظرة الغربية وعدم إنصافها للمساهمة الإسلامية في تطوير مفهوم حقوق الإنسان وصون كرامة الإنسان وتجريم الظلم والطغيان والاستبداد، تلك النظرة التي هضمت حق الإنسان المسلم، ودفعت به إلى التطرف والكراهية للأخرين، خاصة بعد إنكار حقوقه من قبل الغرب وأنظمته السياسية المختلفة.

إن مفهوم حقوق الإنسان في الإسلام يضبطه حقوق الناس على بعضهم في الإسلام وجلب كل مصلحة مندوبة ودرء كل مفسدة محرمة أو مكروهة، ويجمع ذلك قوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، ويؤسس هذا الحق العدل الواجب ومبدأ تكريم الإنسان، ويصنف الجابري حقوق الإنسان في الإسلام إلى عامة هي الحق في الحياة والتمتع بها، وحرية الاعتقاد والعرفة والاختلاف والشورى والمساواة، وحقوق خاصة هي البر والعفو للمستضعفين وحقوق المرأة(( . ويبين السامرائي أن تكريم الإنسان هو أساس فكرة حقوق الإنسان في القرآن الكريم، ولحفظ تلك الكرامة والمنزلة الرفيعة للإنسان شرع الله تعالى له الحقوق التي من شأنها تحقيق سعادته وحفظ مصالحه، فكان القرآن الكريم هو الأسبق في تقرير حقوق الإنسان التي تتغنى بها حضارات اليوم، والأشمل لجميع أنواع الحقوق والأكثر عدالة واحتراما للإنسان(( ، ومن الحقوق التي نص عليها القرآن الكريم حق الحياة والمساواة والحرية والملكية والتعليم والعمل والأمن وحقوق الأسرة والضمان والتكافل الاجتماعي. وتكاملت الصيغة النهائية لدستور حقوق الإنسان بنزول الدساتير الإلهية التي أولت تلك الحقوق اهتماما عظيما انطلاقا من مبدأ تكريم الإنسان خليفة الله في الأرض لإنسانيته الحقة التي لا تتكامل إلا بعد أن تحق له الحقوق الموجبة لإنسانيته ولفطرته البشرية، فحقه في الحياة وفي حرية التفكير والتعبير من مصاديق الإكرام له وطلب المساواة والسلام وعدم الاعتداء وحب الفضيلة وازدراء كل ما من شأنه التقليل من كرامته حق مشروع له مكفول بما شرعه الله وتعالى له ويجب أن تكفله له أيضا القوانين الوضعية ولنتوسع في حق الحرية المكفولة ضمن حقوقه الإنسانية نظرا لما فيها من  جوانب التفكير والتعبير والحوار التي تربط مع بعضها ارتباطا وثيقا لأنها تتبع من مصدر واحد هو العقل البشري جوهر الإنسان المميز(( . الإسلام يقر بأن من العدل تأتي الحقوق، وتضمن سائر المقررات والحريات المشرعة لبني الإنسان، وإذا ما اغتصبت حقوق الإنسان الطبيعية وصودرت حرياته، فإن ذلك يعني تفشي الظلم والطغيان وما يترتب على ذلك، من اضطهاد ومعاناة لأبناء الشعوب والأمم، سواء من المسلمين أو غيرهم، وكل ذلك يعني الإخلال بالسلوك والنظام الإنساني وتغييب العدل(( . إن جميع الحقوق تستقى من حرية الإنسان، وتصبح مضمونة بتنفيذ الواجبات والتكاليف في الاجتماع والسياسة، والمجتمع السليم والسعيد هو الذي تكون فيه الحريات والحقوق مكفولة. لقد دعا الإسلام منذ بزوغ فجره إلى صيانة حقوق الإنسان ورفع شعارها في جميع المجالات، كما أنه دعا إلى حرية التفكير، ولم يلغ الطاقات العقلية التي وهبها الله للإنسان، فهو يقر إقرار صريحا وواضحا بحرية الفكر وانطلاق النفس من كل خرافة ووهم، ودعا بقوة إلى نبذ ما كان عليه السلف الجاهلي من ضلالات وتقاليد وهمية جائرة وسياسات ذات نزعة تسلطية، فهو قرر العبودية لله وحده، وهي التحرر الواقعي من الخضوع للغير؛ حيث إن الآية القرآنية المباركة تقول : (إياك نعبد وأياك نستعين) (( .

 خامسا حقوق الإنسان والمناجنا كارتا الانكليزية  والشريعة العامة:

 مع بداية عصر النهضة في القرن الثالث عشر الميلادي، صدرت في إنكلترا الوثيقة الكبرى (الماجنا كارتا) في عام 1215، على إثر ثورة عارمة معادية لطغيان الملك، ونصت (الماجنا كارتا) الناس على الاخذ على آيدي المحلفين، وعدم سجن أي شخص أو القبض عليه بغير سند قانوني
 لكن الماجنا كارتا  كانت موجهة لشعب واحد ولم تضع أسس لتعاون عالمي يجمع أديانا وسلالات مختلفة كما كانت صحيفة المدنية، وتختلف صحيفة المدنية عما سبقها أو لحق بها من الوثائق أنها تجعل حقوق الإنسان وواجباته مرادفة للإيمان مخالطة للعقيدة، وليست مجرد قانون تفرضه السلطة الحاكمة، ذلك أن مراعاة هذه الحقوق والواجبات هي سلوك عام يتناول علاقات الأفراد ببعضهم، وعلاقاتتهم مع اسرهم واطفالهم والمجتمع بصورة عامة(( . ودعا (توما الأكويني) (1225- 1274) الذي ظهر كرجل دين في الدومينيكان، إلى التأكيد على فكرة الوظيفة الاجتماعية للملكية الخاصة، بمعنى التزام المالك بأن يدفع بملكيته مجتمعة الذي ينتمي إليه، وارتاى الأكويني، أن الإنسان مخلوق اجتماعي وسياسي في أن واحد معا، وأن أهداف الحكومة (أي حكومة) هو تأمين الخير العام(( . أما عريضة الحقوق التي أرسلها البرلمان الإنكليزي إلى الملك (شارل الأول) في عام 1628، والقانون الإنكليزي للحقوق 1689 بشأن حقوق الإنسان، فقد تضمن كل منها خطوات أخرى باتجاه مزيد من التبلور ومزيد من الضمانات، فقد أكدت الوثيقتان عدم جواز القبض على إنسان أو سجنه من غير سند قانوني، وعدم جواز فرض الأحكام العرفية في زمن السلم، وعدم جواز فرض ضرائب إلا بموافقة البرلمان وتعتبر مساهمات (جون لوك) و (فولتير) و (مونتسكيو) و (زوز) بارزة في مجال تمهيد الطريق أمام الاعتراف بحقوق الإنسان(( .، فقد قال الفليسوف الإنكليزي (جون لوك) (1623- 1704): إن الإنسان كائن عقلاني، وإن الحرية لا تنفصل عن السعادة)، وأكد أن غاية السياسة هي البحث عند السعادة التي تكمن في السلام والإنسجام والأمان

 
الثورة الفرنسية

بعد نشوء فكرة حقوق الإنسان وتبلورها في الشرق، جاء الغرب ليدلي بدلوه، خاصة إبان الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر، فراح يدعو إلى نشر مبادئ تلك الثورة وشعاراتها عن الحرية والإخاء والمساواة على نطاق عالمي، واعتبارها مرجعية في منظومة القيم الواجب سيادتها

 لقد مرت المسيرة البشرية نحو تأكيد حقوق الإنسان بمراحل كثيرة منها الثورة الأمريكية (1776)، والثورة الفرنسية (1789)، وكان آخر تلك المراحل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر عن الأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1949، ومن الإنصاف القول أن هذه المواثيق بما فيها قانون حامورابي أو الماجناكارتا وغيرها قد شكلت علامات في تلك المسيرة، وعكست تطلعات الإنسان لاستكمال حريته، والحد من غائلة الظلم والاستعباد. كما أسهمت حركات التحرر بدور فعال في تطوير حقوق الإنسان من خلال المطالبة بتثبيت حقوق الإنسان وحرياته في مختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، ولعل أهم ما حققته الثورات والانتفاضات الخيرة في  تاريخ الإنسانية، إنما هو إعلان حقوق الإنسان، اعترافا منها وتقديسا لواجب صيانتها وبذل الأرواح والجهود في سبيل الدفاع عنها وإذاعتها. وفي هذا السياق لا بد من الإشارة إلى أن الثورة الفرنسية والثورة الأمريكية لعبتا دورا بالغ الأهمية في تطوير نظرية حقوق الإنسان وبالتالي حركات حماية حقوق الإنسان في كافة مناطق العالم،


في الخاتمة
لا يسعني إلا التنويه أن معظم القوانين التي وضعت لحماية الانسان وضمان حقوقه وحريته  لم  يكتب لها أن  تتبلور في صورة التطبيق الواقعي والعملي أبدا  باستثناء التجربة الاسلامية التي تمكنت من إثبات واقعيتها  وتطبيقها الفعلي
وقد اصطدمت باقي الطروحات اما بالتمييز العنصري أو بتجاوزات السلطة الحاكمة أو بمصالح الامم والقوى المهيمنة كما يحصل في عالمنا المعاصر
ونحن إذ نكبر ما وصلت إليه البشرية من تطور في الإعلان العالمي لحقوق الانسان فإننا نطمح أن تتوج المرحلة القادمة بمعالجة سلبيات التطبيق وحلحلة قضايا الشعوب المسحوقة  وحل مشكلة الاسنعمار والدكتاتوريات  والهجرة وما يتبعها من قضايا الفقر والعوز والتميز
للوصول الى عالم يعيش جميع أبنائه في أمن وسلام وعدل ومساواة


اقرأ أيضاً:
بيان خليجي أمريكي بشأن حل القضية السورية
شاهد إصداراتنا: