السبت 04 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.92 ليرة تركية / يورو
40.78 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.89 ليرة تركية / ريال قطري
8.62 ليرة تركية / الريال السعودي
32.35 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.92
جنيه إسترليني 40.78
ريال قطري 8.89
الريال السعودي 8.62
دولار أمريكي 32.35

الوطنية بين سندان المحاصصة ومطرقة الطائفية

31 اغسطس 2020، 12:17 م
الوطنية بين سندان المحاصصة ومطرقة الطائفية

ثامر الحجامي

كاتب عراقي

31 اغسطس 2020 . الساعة 12:17 م

     لا يختلف اثنان أن ما بعد عام 2003 ليس كما قبله، فقد شهد تحولات جذرية سياسية واجتماعية، أنتجت أجيالا تختلف عما قبلها وأفرزت حركات سياسية ودينية متصارعة فيما بينها وكل لها أنصار ومؤيدون، وظهرت تقسيمات طائفية وقومية نتج عنها تكتلات شيعية وسنية وكردية، تسعى للحصول على مكتسبات طائفية وفئوية، وغاب عنها التفكير في المصلحة العليا لبلد يحوي جميع هذه المكونات.

   الثابت أن الوضع السياسي في العراق، له تأثيرات كبيرة على المجتمع العراقي، فالخلافات السياسية ولدت خلافات اجتماعية كبيرة، أدت إلى ظهور أجيال ومفاهيم غير مؤمنة وربما ومعادية لكل ما هو موجود على الساحة، رغم أن هناك من كان صالحا، أو من كان يسعى لذلك، بل وصل الأمر إلى الانقلاب على الحامي والمضحي بسبب التجيير السياسي لكل الأفعال، خدمية كانت أو سياسية أو اجتماعية، وحتى على مستوى الجهاد والدفاع عن الوطن، والمشاركة في الحرب ضد الإرهاب، فوصل التندر بالعراقيين على تلك الحالات الى إطلاق مقولة : " صورني وآني ما أدري ".

  الشيعة بعد حصولهم على السلطة كان هدفهم رفع الظلم عنهم بعد سنين عجاف، لكن الهم الأكبر كان هو وحدة المشروع الشيعي ضمن الإطار الوطني، وأن تكون لهم كتلة سياسية قوية موحدة توازي كتلتهم البشرية والاقتصادية، وهذا تم إجهاضه عام 2010 بعد انفراط عقد التحالف الوطني وتحوله إلى كتل سياسية متناحرة فيما بينها، ما زالت نتائجها السلبية تزداد كل يوم، وكأنها كرة ثلج تكبر كلما تتدحرج.

   فقدان السلطة من الأقلية الحاكمة، والخلافات السياسية والتحشيد الطائفي والدفع الإقليمي جعل السنة يتجهون لمعارضة التغيير السياسي الجديد، على الرغم من اتساع مشاركتهم فيه وعدم اقتصارها على عائلة أو قبيلة محددة، فكانت لهم يد في السلطة ويد تدعم الإرهاب، وصولا إلى الاقتتال الطائفي واجتياح عصابات داعش جميع الأراضي التي يقطنها السنة وسط رضا ودعم من الغالبية، نتج عنه حرب دامت ثلاث سنوات هدمت المدن وشردت السكان وآلاف الضحايا، وما زال قادتهم وتمثيلهم السياسي هو نفسه.

   الأكراد رجل على جبل؛ ينتظر انجلاء الغبرة ليحظى بالمغانم، وهذا حالهم منذ انفراط عقد اتفاقهم التاريخي مع التحالف الشيعي عام 2010 واقتصاره بين طرفين، مما ولد مشاكل كبرى داخل التحالف الكردستاني، هي شبيهة بمشاكل التحالف الشيعي، لكن بالمحصلة هم المستفيدون من أي خلاف بين المكونات الشيعية نفسها، أو بين المكونات الشيعية والسنية، وهذا جعلهم يتجاوزون مفهوم الفيدرالية إلى الكونفدرالية، رغم أن ذلك لم ينعكس على الوضع الاجتماعي الكردي الذي يمر بأزمة اقتصادية بسبب الفساد المستشري.

   ذلك ولد مفاهيم جديدة على المجتمع العراقي، منها تعدد الولاءات واختلاف الأجندات والاستقواء بالخارج، ونفور أجيال ما بعد 2003 من الوضع السياسي، والاختلاف في تفسير مفهوم الوطنية بين المكونات العراقية، والتي يفسرها كل منهم بحسب منظوره الخاص، متهما الآخرين بالقصور فيها، ورغم التمايز بين من ضحى دفاعا عن وطنه وبين من أحرق الأخضر واليابس، وبين من يحاول أن يبتلع ثروات وطنه دون أن يكترث للآخرين، ضاع المفهوم العام للوطنية، فضاع الوطن.

   وسط هذا التشظي وإختلاط المفاهيم، وانحدار العملية السياسية في العراق، والفشل الحكومي بالنهوض بالواقع الاقتصادي والتداعيات التي أفرزتها الصراعات السياسية والحرب على الإرهاب، انفجر الشارع العراقي بحشود بشرية رافعة الأعلام العراقية، صادحة بهتاف : نريد وطن، ورغم ما رافقها من أحداث سلبية، بعضها كان تصرفات فردية، وبعضها بتأثيرات حزبية وتدخلات دولية، لكنها ألغت المفاهيم السابقة عن الوطنية، وكتبت على جدران ساحة التحرير، والساحات الأخرى عنوانا اسمه : العراق أولا.

   ربما نختلف مع كثير من الشخوص التي قادت المظاهرات فكريا، ونتقاطع مع من حاول إخراجها عن سلميتها، ونستنكر ما جرى من بعض الأحداث خلالها، ولكن من سمتهم المرجعية الدينية بالأحبة لهم الحق في التعبير عن آرائهم، والمشاركة في إدارة بلدهم ورسم سياسته، وفق الأطر الديمقراطية والدستورية.