توفيق الحكيم

نعم اليوم لا يوجد شرق! إنما هي غابة، على أشجارها قردة، تلبس زي الغرب على غير نظام ولا ترتيب ولا فهم ولا إدراك. لم يجرؤ "محسن" أن يقول مثل هذا الكلام لصاحبه الروسى؛ إن هذا الرجل لم يستطع شيء في الغرب أن يشفي نفسه القلقة الحائرة، قد وضع كل أمله في الشرق.

وقد صنع للشرق في رأسه صوراً عظيمة، هي كل أمله الباقي، وإن كشف الحقيقة لعينه الآن أفظع طعنة يقتل بها هذا المسكين، فتركه في خيالاته، ورفع الفتى رأسه أخيراً ليرى ماذا يصنع صاحبه، فألقاه ملقيًا على ظهر الصندوق، ورأسه إلى الحائط وفي إحدى قدميه الحذاء، فأخذه روع لمرآه وأسرع إليه.