الأحد 05 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.92 ليرة تركية / يورو
40.78 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.89 ليرة تركية / ريال قطري
8.62 ليرة تركية / الريال السعودي
32.35 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.92
جنيه إسترليني 40.78
ريال قطري 8.89
الريال السعودي 8.62
دولار أمريكي 32.35

هل أستوعب المقاطعون الدرس؟

16 ديسمبر 2020، 02:18 م
صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
16 ديسمبر 2020 . الساعة 02:18 م

غاب عن أذهان المقاطعين للانتخابات النيابية السابقة أنه ربما يكون رأيهم "صوابا يحتمل الخطأ والرأي الآخر خطأ يحتمل الصواب".

ربما كان انحدار الوضع العام نحو الأسوأ مانعاً لإنصاتهم لدعوات المشاركة الواسعة، وقد يرى أغلبهم أنه على صواب في اختيار المقاطعة، لما عانوه من إهمال وتردي شمل مختلف القطاعات، ذات التماس المباشر في حياة المواطن وتعثر الحكومات السابقة، في خطواتها نحو توفير سبل العيش الكريم للمواطن.

فاتهم أنهم ومن خلال مقاطعتهم تلك أنهم قد هيئوا الفرصة، لحيتان الفساد ليتربعوا على صدارة المشهد اعتماداً على امتدادهم الجماهيري تارة، وبشاعة الاستغلال للمال العام أخرى.. وبذلك أصبح الطريق سالكاً أمام اغلب المسميات التي تحوم حولها الشبهات للوصول إلى مصدر القرار والتحكم بمقدرات الشعب.

الانتخابات البرلمانية المقبلة تمثل استحقاقاً مهما وتحد صعب للأطراف السياسية والاجتماعية في البلد، كون الجميع يدرك حجم التحديات التي تواجه العراق سواء كانت داخلية وأهمها ما يتعلق بإعادة ثقة المواطن بالعملية السياسية، بالشكل الذي يدفعه للمشاركة الواسعة في الانتخابات، وضرورة اعتماد الاختيار الواعي المبني على قراءة المشاريع المطروحة بدقة، ومن ثم المفاضلة بينها وصولاً للاختيار الصحيح..

 ناهيك عن ضرورة استحداث طرق ملائمة للتعامل مع وباء كورونا، وتوفير فرص العمل التي كانت أحد أهم الأسباب التي دفعت الشباب، للنزول للشارع وإحداث هزة عنيفة ألقت بظلالها، على مجمل الحياة العامة لأبناء الشعب، إضافة لمعالجة الإشكالية في تعامل الإقليم مع المركز وتمدد قوى اللادولة واستفحال خطرها، بالشكل الذي أثر سلبا على علاقة المكونات فيما بينها.

هناك أيضا تحديات خارجية تتمثل بموقف العراق وعلاقته بمحيطه الخارجي، الذي يتطلب طرق تعامل جديدة، بعد وصول الديمقراطيين إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، وصعوبة التكهن بكيفية تعامل الإدارة الجديدة مع واقع الشرق الأوسط الجديد، والذي يمثل العراق محوراً مهما من محاور الصراع الدولي خصوصاً بين طهران وواشنطن.

العراقيون أمام مفصل تاريخي مهم لانتشال بلدهم مما يمر به من أزمات، والحفاظ على أهم المنجزات التي صنعها ابناءه، وآخرها تحقيق النصر العسكري على عصابات "داعش" الإرهابية، ولا يكون ذلك حقيقة على أرض الواقع من خلال الأمنيات، مالم يرافقه عزيمة وإصرار على التغيير بعد أن ذاق ابناء الشعب مرارة التجارب الفاشلة على مدى السنوات الماضية.

لقد كان بإمكان أبناء الشعب المساهمة في إنقاذ بلدهم، وإبعاده عن حافة الهاوية، لكن دعوات المقاطعة للانتخابات السابقة كانت أهم العوامل التي أوصلت البلد لما هو عليه الآن، إذ اعتمد المقاطعون لغة التشكيك وإتهام الجميع بالتقصير وعدم أهليتهم لقيادة البلد، في حين أن نظام الحكم في العراق يعتمد على السلوك الديموقراطي، وتحديد الرئاسات مناط بمخرجات الصوت الانتخابي.

طريقة تعامل المقاطعين تلك ونظرتهم للواقع هي نفسها التي تم تبنيها من قبل متظاهري تشرين، الذين وعلى ما يبدو فشلوا في تبنيهم لمشروع سياسي واضح المعالم ومحدد الرموز وأدوات التنفيذ، وهو أمر طبيعي في ظل الانقسام والصراعات في داخل الساحات خصوصاً بعد دخول جهات سياسية نافذة على خط الاحتجاجات وتبنيها لخطاب ( المعارض الحاكم).

بناءً على ذلك هنالك ثمة تساؤلات تطرح بين الحين والآخر على مسامع المقاطعين، وأحيانا يباشر المقاطع لسؤال نفسه معاتبا إياها عن التقصير الذي كان عليه، بفعل مقاطعته تلك والتي كانت مقدمة لإسالة دماء اخوتهم من المتظاهرين.. فهل تمكنت المقاطعة ودعاتها من مواجهة تغول الحكومة على المواطن البسيط؟

وهل ساهمت المقاطعة في دفع الحكومة لمتابعة رؤوس الفساد، بغض النظر عن موقعهم الرسمي وثقلهم السياسي وتأثيرهم الاجتماعي؟ وهل ساهمت المقاطعة في حل أزمة تأخير الرواتب، واطلاق الاستحقاقات التي بذمة الحكومة للعاملين شركات وأفراد وفلاحين؟

أم هل ساهمت المقاطعة ومن خلال تأثيرها الإعلامي، في إسناد الدولة لمواجهة الخطر الخارجي وتشخيص الممارسات الخاطئة في الداخل؟ أم هل ساهمت المقاطعة في إضعاف مؤسسات العمل السياسي والسيطرة على منابع التمويل، بغية افراغها من مضمونها العبثي ودعم سلطة القانون في القضاء عليها؟

ربما يكون الطابع العاطفي سمة ملازمة لمن يريد الاجابة عن تلك التساؤلات، لكن الحقيقة تشير إلى أن العمل السياسي يدار من قبل قوى سياسية يحكمها العقل لا العاطفة عند اتخاذ القرار، بعيداً عن لحظة الانفعال والعجلة في ردود الأفعال، فالمسألة ليس أوهام أو تكهنات ورغبات لا تصمد أمام الواقع الذي ينظر إليه، كقرار سياسي يهدف إلى درء المخاطر وتحقيق المصلحة العامة للبلد، شريطة أن يكون ذلك من خلال أصوات الناخبين التي تحددها صناديق الاقتراع.