الخميس 04 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

جيفري: بايدن لا يحتاج لسياسة جديدة في الشرق الأوسط

21 يناير 2021، 07:14 م
جيمس فرانكلين جيفري
جيمس فرانكلين جيفري

نشر ممثل واشنطن الأسبق لشؤون سوريا "جيمس فرانكلين جيفري" مقالاً يتحدث فيه عن سياسة ترامب في سوريا، ويدافع عنها ويتنبأ باستمرار العمل بها.. 

كما كان عليه الحال في عهد الرؤساء الثمانية السابقين للولايات المتحدة، هيمن الشرق الأوسط على جزء كبير من السياسة الخارجية للرئيس دونالد ترامب، فعلى الرغم من الحديث عن إنهاء “الحروب إلى الأبد” والتحول إلى آسيا، إلا أن المصالح الوطنية الجوهرية أعادت الولايات المتحدة مراراً وتكراراً إلى هذه المنطقة.

صحيح أن أولويات ترامب في الشرق الأوسط لم تختلف كثيراً عن أولويات أسلافه مثل: القضاء على أسلحة الدمار الشامل، ودعم شركاء الولايات المتحدة، ومحاربة الإرهاب، وتسهيل تصدير الهيدروكربونات، ولكن إدارته – التي عملتُ فيها كمبعوث لكل من سوريا والتحالف لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية (المعروف أيضاً باسم داعش) – حققت تقدماً ملحوظاً في المقاربة السياسية للولايات المتحدة تجاه المنطقة.

سعى كل من الرئيسين الأمريكيين جورج ووكر بوش وباراك أوباما للقيام بجملة تحولات في الشرق الأوسط بناءً على اعتقاد خاطيء مفاده بأننا ومن خلال اختراق دول منطقة الشرق الأوسط سياسياً وعسكرياً، سيكون بامكاننا معالجة الأسباب الكامنة وراء “الإرهاب الإسلامي” وعدم الاستقرار الإقليمي الدائم.

على الرغم من صعوبة التنبؤ بالأهداف الحقيقية لسياسات ترامب، إلا أن إدارته اتخذت مساراً مختلفاً، وكانت النتائج واضحة، فقد تجنب ترامب المزالق التي واجهها أسلافه بينما كان يواصل تعزيز المصالح الأمريكية من خلال التركيز على أهداف محددة، والاستجابة للتهديدات الإقليمية الوشيكة، والعمل بشكل أساسي من خلال الشركاء الميدانيين. وعلى الرغم من كل الحقد الحزبي في النقاشات حول السياسة الخارجية الأميركية اليوم، يجب على هذا النهج الجديد أن يستمر – ومن المرجح أن يستمر – في تحديد السياسة الأمريكية، باعتباره الخيار الأفضل لاحتواء التحديات في الشرق الأوسط وفي نفس الوقت يعطي الأولوية للتحديات الجيوسياسية في أماكن أخرى.

استراتيجية جديدة 

تُصدر معظم الإدارات الجديدة، إستراتيجية للأمن القومي ثم عاجلاً ما يتم وضعها على الرف، لكن وثيقة عام 2017 التي صاغها البيت الأبيض، قدمت مخططاً جديداً لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مخططاً اتبعته إدارة ترامب بشكل عام.

عموماً، دعت الاستراتيجية إلى تحويل التركيز مما يسمى بالحروب التي لا نهاية لها إلى منافسة القوى العظمى، الصين وروسيا على وجه التحديد، وبالنسبة للشرق الأوسط، كان هذا المبدأ الأول والذي يعني تجنب التورط في القضايا المحلية مع الاستمرار في التصدي للمخاطر الإقليمية المتعلقة بالتنافس مع القوى الندية، عملياً، كان هذا بمثابة عملية احتواء لإيران وروسيا مع تحطيم التهديدات الإرهابية الخطيرة.

المبدأ الثاني، وهو “العمل جنباً إلى جنب مع الحلفاء والشركاء في المنطقة بدلاً من اتخاذ إجراءات أحادية الجانب عادة”، فقد كان أكثر تعقيداً، لقد كان وسيلة وليس غاية، وبناءً عليه سعى ترامب إلى إنهاء المشاركة المركزية للولايات المتحدة في حملة مكافحة داعش بعد سقوط الرقة، عاصمة التنظيم في سوريا في عام 2017 وخفض مستويات القوات الأمريكية في أفغانستان، وتسليم المهمتين إلى حلفاء محليين.

أراد مستشارو ترامب العسكريون أن تظل الولايات المتحدة ملتزمة، بينما سعى القادة المدنيون الآخرون إلى دمج القوات الأمريكية في سوريا والعراق في جهود ترامب الأوسع لاحتواء إيران، وكان جزء كبير من الصراع الداخلي للإدارة ناتجاً عن هذه الأهداف المتنافسة التي تتمثل بالانسحاب وإعطاء الأولوية لمكافحة الإرهاب أو التركيز على كل من الإرهابيين وإيران. في النهاية، تم الاتفاق على حل وسط معقول، وهو انسحاب كبير للقوات، مع تكريس القوات المتبقية فقط لمكافحة الإرهاب والمهام التي تركز على إيران.

أيضاً كجزء من هذا المبدأ (المبدأ الثاني)، أوضح ترامب أيضاً أنه سيدعم الأعمال العسكرية الإسرائيلية والتركية ضد إيران وروسيا في سوريا وسيعتمد بشكل أساسي على دول الخليج والأردن والعراق وإسرائيل للوقوف في وجه طهران، وستكمل الولايات المتحدة بدورها هذه الجهود عسكرياً عند الضرورة، من خلال بيع الأسلحة واستهداف الإرهابيين أو معاقبة الرئيس السوري بشار الأسد على استخدام الأسلحة الكيماوية. رغم كل ذلك، كانت الإدارة حذرة بشكل عام من استخدام القوة العسكرية، خاصةً تلك التي من شأنها أن تُزهق أرواحاً أمريكية، لكنها عندما قررت التدخل، استهدفت القوات الأمريكية الأسد والجماعات الإرهابية والمرتزقة الروس والميليشيات المدعومة من إيران.

وفي مقابل هذا، تجاهلت إدارة ترامب إلى حد كبير السلوك المحلي لشركاء مهمين، بما في ذلك مصر وتركيا وحتى السعودية، كما حصل في قضية الصحفي جمال خاشقجي.

كما أوضحت إدراة ترامب أنها ستدعم إسرائيل علناً عندما يتعلق الأمر بالقضايا الفلسطينية، وستُبطل السياسات الأمريكية والدولية القديمة بشأن التحفظ على عمليات نقل الأسلحة ومرتفعات الجولان والقدس والصحراء الغربية.

أنتجت هذه السياسات اتفاقيات ابراهام التاريخية بين إسرائيل والعديد من الدول العربية -في إشارة إلى أن المنطقة تمضي قدماً لتجاوز الصراع الإسرائيلي الفلسطيني-.

التحدي الإيراني 

وضعت مهمة احتواء إيران النموذج الجديد لإدارة ترامب على المحك، فقد كان ترامب يعتقد أن الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 الذي توسطت فيه إدارة أوباما صفقة سيئة؛ إذ كانت مدته محدودة، واشتكى الحلفاء الإقليميون من فشل الاتفاق في معالجة سلوك إيران المزعزع للاستقرار. في النهاية، وبعد سعي استمر لأكثر من 18 شهراً للحصول على شروط أكثر صرامة مع إيران، انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاقية، وعلى الرغم من أن طهران ردت بسرعة بزيادة أنشطة التخصيب، إلا أنها لم تتخلى عن الاتفاقية بالكامل.

وعلى عكس مضامين الخطاب الأمريكي، فإن السياسية التي تبنتها إدارة ترامب بعد الانسحاب من الاتفاق النووي لم تكن تهدف لتغيير النظام في إيران، على الرغم من أن بعض صانعي السياسات كانوا يتطلعون إلى هذا الاحتمال.

وبدلاً من ذلك، أطلق ترامب حملة “الضغط الأقصى” التي صممت لإجبار إيران على التفاوض بشأن صفقة أوسع تشمل أنشطتها النووية وبرنامجها الصاروخي وسلوكها الإقليمي. وبالفعل كان لهذه السياسة تأثير حقيقي على كل من اقتصاد إيران ومغامراتها الإقليمية، وعلى الرغم من استمرار طهران في تهريب النفط والغاز إلى خارج البلاد بأسعار مخفضة، إلا أن العقوبات حدت من المساعدة المالية التي يمكن أن تقدمها لحلفائها في العراق ولبنان وسوريا، ولم تكن الصين ولا روسيا على استعداد لإنقاذ إيران، ولم يكن بمقدور الأوروبيين فعل الكثير لمواجهة هذه السياسة رغم معارضتهم لها.

وعلى الرغم من أن معارضي إدراة ترامب جادلوا بأن إيران لن تقدم تنازلات كبيرة أبداً، إلا أن مطالب ترامب تختلف قليلاً عن مطالب إدارة أوباما التي قدمها في وقته، ولكن في كلتا الحالتين، كانت مواقف تفاوضية أولية متطرفة، فقد أراد ترامب، كما أوباما، التفاوض على “صفقة”، ولكن مع اختلاف جوهري بينهما، حيث كانت الأولوية المحورية لدى ترامب تتلخص في ردع مغامرات إيران الإقليمية والحد من قدراتها النووية قدر الإمكان – بغض النظر عن القيود الدبلوماسية، وإذا كانت الصفقة ممكنة ضمن هذه المعايير، فليكن-. فعلى عكس إدارة أوباما، التي أعطت الأولوية للتوصل إلى اتفاق، رأى ترامب في إيران تهديداً شاملاً وأخضع جميع السياسات، بما في ذلك الملف النووي، لهذا الواقع. وبالتالي، فقد عمل على تصعيب الأوضاع عليها، وصولاً لتمكنه من فرض شروط مواتية أو إذا لم يتمكن من ذلك، فلإضعافها بشكل كبير.

لا يوجد حكم واقعي الآن على مدى نجاح هذه السياسة، وما إذا كانت هذه السياسة ناجحة أم لا، ولكن مع الوقت ومن خلال القرارات التي ستتخذها إدارة بايدن، سنكتشف ما إذا كانت سياسة “الضغط الأقصى” قد فتحت الباب أمام تسوية مستقبلية أم أنها دفعت إيران إلى الاقتراب من الاختراق النووي (بناء القنبلة النووية) بعيداً عن أي تسوية تفاوضية.

سوريا والعراق 

أقرن ترامب حملته للعقوبات بمحاولة مواجهة توسع إيران الإقليمي – خاصة في سوريا والعراق-، السياسة التي ورثتها إدارة ترامب من أوباما سياسة مشوشة، انتقدها حتى مستشارو الرئيس السابق لاحقاً: جزء منها يتضمن الإطاحة بالأسد عبر معارضة مسلحة، وجزء يسعى إلى تسوية سياسية بوساطة الأمم المتحدة، وجزء آخر يهدف لهزيمة داعش.

بحلول أواخر عام 2017، كانت إدارة ترامب قد طورت سياسة خاصة بها تجاه سوريا، بنيت هذه السياسة على مواجهة التهديدات الإقليمية من خلال العمل مع الحلفاء والشركاء لمواجهة التحديات الإقليمية التي تتمثل في إخراج إيران من سوريا، وهزيمة داعش بشكل نهائي ، وحل النزاع الأهلي،

وعلى الرغم من أن الجيش الأمريكي حاول عدم الابتعاد عن مهمته المتمثلة في مكافحة داعش ، ولكنه في النهاية قام بتخصيص قواته في الشمال الشرقي والجنوب السوري لتشمل أهدافا اضافية في سوريا تمثلت في حرمان الأسد وحلفائه من مناطق جغرافية وموارد اقتصادية معينة.

وبحلول عام 2020 ورغم سعي الولايات المتحدة للتخفيف من التزامها المباشر في سوريا، تمكنت الولايات المتحدة من بناء تحالف مرن، حيث عملت تركيا وعناصر المعارضة المسلحة في سوريا مع الولايات المتحدة لمنع الأسد من تحقيق نصر عسكري حاسم، كما أدت الضربات الإسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة على أهداف إيرانية في سورية إلى الحد من الخيارات العسكرية للنظام. 

وفي غضون ذلك، قادت الولايات المتحدة تحالفاً دبلوماسياً دولياً كبيراً دعم الجهود السياسية للأمم المتحدة لحل النزاع، وعزل دمشق دبلوماسياً، وسحق اقتصاد سوريا من خلال العقوبات، ولكن وكما هو الحال بالنسبة للسياسة الأوسع تجاه إيران والتي تناسب سوريا أيضاً، فإن نتيجة هذه السياسات في ظل غياب حل تفاوضي ستكون حالة من الجمود وبالتالي فمن المرجح أن تستمر حرب الاستنزاف الفوضوية، ورغم أن هذه السياسة نجحت ضد السوفييت في أفغانستان إلا أنه وبالرغم من ذلك سيكون على الإدارة المقبلة موازنة مزايا هذه السياسة مع المخاطر الأخرى ومن ضمنها التكلفة المترتبة على المدنيين.

لم يكن مفاجئاً أن تضع السياسة الأمريكية واشنطن في حالة خلاف مع موسكو، التي رأت أن سوريا هي المكان الرئيسي لإعادة الانخراط دبلوماسياً وعسكرياً في الشرق الأوسط، وتماشياً مع هدفها المتمثل في مواجهة التهديدات الإقليمية للأنداد. ردت الولايات المتحدة مراراً وتكراراً على النشاط العسكري الروسي ومرتزقتها في شمال شرق سوريا وساعدت تركيا على صد التوغلات السورية الروسية المشتركة في شمال غرب البلاد، لكن معارضة تركيا لشريك الولايات المتحدة الكردي السوري المحلي في الشمال الشرقي -قوات سوريا الديمقراطية، المرتبطة بحزب العمال الكردستاني أو ما يدعى حزب “بي كي كي” – أدت إلى تعقيد تلك العلاقة، وأدى هذا التوتر إلى وقوع حادثة عسكرية ودبلوماسية صغيرة في أكتوبر 2019، وعلى الرغم من أن واشنطن وأنقرة نجحا في حل الأزمة، إلا أن هذه الأزمة أظهرت صعوبة العمل من خلال الشركاء الأكراد أو الأتراك- الذين قد تتجاوز أجنداتهم ما يمكن أن تدعمه واشنطن.

وفي العراق، حاولت الولايات المتحدة عزل جهودها العسكرية ضد داعش عن الصراع الأكبر مع إيران، ومع ذلك، بدأت الميليشيات المحلية الموالية لطهران في التصعيد ضد القوات الأمريكية، وفي النهاية، رد ترامب عبر قتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني -القائد الإيراني الذي لا يمكن تعويضه-، وردت إيران بشن هجوم صاروخي باليستي على قاعدة أمريكية لكنها فشلت في إلحاق خسائر جسيمة، فكانت النتيجة انتصاراً واضحاً -وإن لم يكن نهائياً- للولايات المتحدة.

اليوم لا تزال القوات الأمريكية في العراق، والميليشيات من أمثال كتائب حزب الله لا تزال تشكل تهديداً، ولا يزال العراق يمثل الجبهة الأكثر اضطراباً بين واشنطن وطهران.

نموذج للمستقبل 

على مدى السنوات الأربع الماضية، حققت إدارة ترامب نجاحين رئيسيين في الشرق الأوسط وهما: اتفاقيات أبراهام (اسم يُطلق على مجموعة من اتفاقيات السلام التي عُقِدت بين إسرائيل ودول عربية برعاية الولايات المتحدة) و تدمير خلافة داعش في العراق وسوريا.

كما تمكنت من مواجهة التوسع الروسي المتزايد في سوريا وأماكن أخرى، وتمكنت أيضاً من استيعاب التهديد الإيراني -الدائم المتعدد الأوجه- للاستقرار الإقليمي، واستطاعت حشد تحالف لمواجهة سلوك طهران الخبيث.

وعلى الرغم من أن ترامب لم يتمكن من حل مشكلة التحدي النووي الإيراني، فإن أوباما لم يتمكن من فعل ذلك أيضاً، فقد كانت حدود الاتفاق النووي فيما يخص التخصيب الإيراني غير المقيد للوقود النووي، ستتلاشى بسرعة خلال ما يزيد قليلاً عن خمس سنوات.

وفقاً لمعطيات الشرق الأوسط الأخيرة، فإن كل هذه التطورات هي انجازات سياسية معتبرة، حيث تمكن ترامب من تقليل الالتزامات والنفقات الأمريكية المباشرة، وفعل ذلك من خلال العمل بشكل وثيق مع الحلفاء الإقليميين. ومع ذلك، قد يكون من الصعب على الإدارة المقبلة الحفاظ على هذا النهج في حال قررت أن تعيد التركيز على الاتفاق النووي الإيراني.

فحالياً، يميل العديد من الحلفاء الإقليميين لاستمرار الضغط الأمريكي على اقتصاد إيران ومغامراتها الإقليمية، أكثر من عودة فورية للاتفاق، وسيحتاج بايدن إلى موازنة تلك الأولويات بعناية.