الجمعة 12 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98
...

الاستبداد الحقيقي.. ما هو؟

20 ابريل 2021، 03:57 م

الاستبداد الحقيقي هو استبداد السلطة تجاه العقول؛ فعندما تمتلك عقل المتعلم وتجعله يقول ويُضل بما يعرف من أجل حفنة من المال وقليل من الرضى حتى ينال مأمنه في نفسه ووظيفته، وتضييق الحال على المفكر والعبقرى ليهجر الوطن، فهذا هو أشد أنواع الاستبداد المدمر للأوطان. 

وعندما تروج لإشاعات مفبركة وتضل العقول من خلال شاشة صغيرة ومجموعة من المتحدثين الذين لا يعرفون غير ما يُكتب لهم؛ لكي يضلوا جموعاً غفيرة من العوام من خلال استغلال أميتهم وعدم وعيهم، ومن أجل أن تحول الحقيقة إلى باطل والباطل إلى حقيقة، كل ذلك كفيل بخلق نوع من الاستبداد لفترات طويلة وهذا النوع من الاستبداد يضر الناس في عقولهم ومعاشهم ودينهم؛ لأن الغاية السلطة وليس العمل على الرقي والتقدم بالشعوب.

الأصل في التقدم هو العلم وأهله وهما ما يفتقدهما صاحب السلطة، بل يعتمد على أهل الثقة لا أهل الكفاءة، لأن العلم وأهل المعرفة لا يتقبلهم المستبد ولا يحبذ مشاركتهم له، لأن المستبد دوما صاحب شخصية نرجسية مستبدة برأيها، فمن هنا نطرح سؤالاً، هل يستقيم بناء بدون أعمدة؟

 بيئة المستبد لا تصلح إلا بالاستبداد لأصحاب العقول وهذا هو الاستبداد الحقيقي وإصبعه، لأنه يصعب تجنبه لعدم قدرة الجميع التلفظ في وجه المستبد، لأن بيئة هذا الاستبداد تحاول أن تجعل الجميع أصحاب رذيلة وخطأ وتشل فيهم الضمير، والأصعب أن هذا الاستبداد ضرره كبير لمكوثه لفترات طويلة، تصحب هذه الفترات عدة أمراض منها  الفقر والأمية وغياب الوعي.

نجد من أدوات  الدعاية لهذا الاستبداد الإعلام ثم الإعلام الذي يأخذ لقطة معينة لتجميل المستبد في الداخل والخارج، ويوهم هذا الإعلام الشعوب بأن في هذا الاستبداد يكمن الخير والأمان والرخاء، كالذي يضع السم في العسل، وأيضاً يعمل المستبد ورجاله بأن يجيد تضخيم الأشياء الصغيرة بأنها إنجازات كبيرة رغم أنها أبسط حقوق المواطن في وطنه، وأيضاً يجعل حقوق الشعوب ليست حقاً أصيلاً بل هبة من الحاكم لشعبه.

ونجد أن السبب في طول فترات الاستبداد أن منهم قادرون على المواجهة وفهم حقيقة هذه الأمور إما خضعوا بالنفاق من أجل المأمن فباعوا علمهم ودينهم من أجل حفنة من المال تصيبهم أو شهرة ينالونها أو منصب يعطف به  المستبد عليهم أو من أصابه اليأس من جهل الجميع التزم الصمت وترك الساحة، وأيضاً هجرة  المفكرين والعباقرة  خارج حدود موطن الاستبداد ليتجنبوا سوط المستبد، فالعلم والعقل العدو الحقيقي لأي مستبد، والجهل والفقر والسوط والإعلام هما سلاح المستبد.

في النهاية نجد الاستبداد يجعل الأوطان تخسر عقول أبنائها وفرص تقدمها وبناء حضاراتها، وتفقد الشعوب ثقتها بذاتها فتستسلم وترضا بقدرها، وفي ظل الاستبداد يغيب الأمان  الفكري والعقلي والوظيفي والبدني وإلخ... من كافة أنواع الأمان هو فقدان لفرصة قيام الحضارة، لأن الاستبداد يعطل الطاقات والعقول ويعيق تقدم الدول حضارياً وثقافياً واجتماعياً وحتى اقتصادياً، فمتى  ينتهي الاستبداد في الشرق الأوسط؟... لكي تزدهر حضارته مرة أخرى.