السبت 04 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.92 ليرة تركية / يورو
40.78 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.89 ليرة تركية / ريال قطري
8.62 ليرة تركية / الريال السعودي
32.35 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.92
جنيه إسترليني 40.78
ريال قطري 8.89
الريال السعودي 8.62
دولار أمريكي 32.35

في إدلب.. الثوّار يتوسّطون قياداتهم طلباً للشهادة

02 ديسمبر 2019، 02:22 م
في إدلب.. الثوّار يتوسّطون قياداتهم طلباً للشهادة
في إدلب.. الثوّار يتوسّطون قياداتهم طلباً للشهادة

خالد سلامة- آرام:

"الواسطة"، مصطلح سيء السمعة، يُمثل إحدى الممارسات التي يلجأ إليها أفراد المجتمع بمختلف طبقاته للحصول على منفعة أو خدمة دون وجه حق، من خلال شخص ذو نفوذ أو سلطة، لكنها في عُرف الثوار "سعي نحو ما تكرهه النفس!".

دموع غزيرة، وإلحاح شديد في طلب "الواسطة" رصدتها شبكة "آرام" من قِبل أحد أولئك الذين لبوا نداء الوطن للدفاع عنه، وتخليصه من الغاصبين والطغاة، حيث بدأت الحكاية عقب صلاة الفجر في أحد أيام الجهاد والاستبسال في سوريا.

خالد أحد الثوار السوريين، شهدَّ لحظات تأهب الثوار في إحدى المناطق، استعداداً للإغارة على مواقع المليشيات، فكانت أجواءً وكأنها تحضير لرحلة ترفيهية، ضحكات ومزاح، وأحدهم يقول "تعال نأخذ سلفي قبل ما تستشهد!".

تأخر الأمر العسكري بالانطلاق، قاطع أحدهم أجواء المرح، فاقترح استثمار الوقت، بتلاوة القرآن، والأذكار، وبدأت الأجواء الروحانية تسود المكان، وجوه نيرة، وابتسامات لطيفة على وجوه الحاضرين كأنهم أطفال.

قاطع اندماجي وتفكري فيما أرى هناك، أصوات تكبيرات وتهليل، وإذا بأمر التقدم نحو جبهة الجهاد قد صدر، وأخذ الجميع يركض للمركبات وحمل السلاح، "أليسوا ذاهبين للموت؟ ماذا يحدث؟"، عقلي يسأل نفسه!

لا أعلم أهو حسن حظ أم سوء، أن يكون قائد أولئك الشبان صديقاً لي، ما جعلني أعيش لحظات هي الأكثر تعجباً واستفهاماً في حياتي!، حين قصدني أحدهم طالباً "الحديث على جنب".

بصوت خجول، وعيون تتحدث بالدموع، بدأ خالد بسرد ما قاله أحد المجاهدين: "أريد منك خدمة يا أخي"، فقلت له "أبشر بما أستطيع، فأنت تأمر"، حيث ظننت لوهلة أنه يريد مني لعب دور "الواسطة" عند قائده لإعفائه من الذهاب لحاجة في نفسه من أمور الدنيا.

وتابع "بكلمات اخترقت قلبي وجعلت عقلي يتجمد، (لو تكلم لي أبا أحمد، أريد أن أدخل مع مجموعات الاقتحام الأولى، فالعدد محدود ولم يكتب أسمي)، لم أستطع الرد لدقائق واكتفيت بـ"يا أخي هذا أمر عسكري لا أستطيع أن أتدخل فيه".

لم يستسلم ذلك الصنديد، أصر وألح ودموعه على خديه، "من شان الله مالي غيرك، تقفلي واسطة"، ابتسمت وقلت له بشرط "أن أقبل هذا الجبين الذي يبعث الأمل في قلوب اليائسين"، ومضيت وأنا أحدث نفسي عن أغرب واسطة في حياتي!

ويكمل "فعلت ما وعدته به، من خلال التحدث مع صديقي أبا أحمد، الذي بين أن منعه لذلك المجاهد كان بسبب أن له أخاً شهيداً، لكني وبصعوبة استطعت تحقيق رجاء ذلك الشاب من أجل الذهاب في طريق الموت!".

ويُضيف "أخذ يُقبل رأسي بعد أخبرته بقرار السماح له بالمشاركة لمرة واحد فقط، وعانقته وكأني أعرفه منذ سنوات قائلاً له: "لولا أنه كُتب علينا الوضوء ما غسلت جبيني من الأثر الطاهر لقبلتك".

لم تنتهي الحكاية كما ظن خالد في ذلك الوقت، فيقول "كان قلبي يحترق مع كل ثانية تمر منذ انطلاقه للقتال برفقة إخوانه في المقدمة، ألوم نفسي تارة وأرفع معنوياتي بوجود مثل هؤلاء الشباب تارة أخرى، حتى رأيته عائداً سالماً وغبار المعركة يغطي جسده".

هي قصة واحدة من بين آلاف القصص، التي تدل على أن الثورة السورية مستمرة، مهما تعرضت لنكسات وأزمات، وأن الأمل في الله كبير، ما دام هناك رجال يحملون البنادق وسواعد تحفر الخنادق، ولديهم من الهمة الكفيلة بهزم أعداء وطنهم بإذن الله.