الأربعاء 17 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

مرحلة "أوباماوية" جديدة تضع المنطقة بين فكي كماشة

23 يونيو 2021، 07:11 م
مرحلة "أوباماوية" جديدة تضع المنطقة بين فكي كماشة

أنس الخطيب

كاتب سوري

23 يونيو 2021 . الساعة 07:11 م

بشكل مفاجئ بدأت الولايات المتحدة الأمريكية سحب ثماني بطاريات باتريوت من المملكة العربية السعودية والكويت والأردن والعراق بالإضافة لسحب منظومة "ثاد" من السعودية وتقليص أسراب المقاتلات المخصصة للمنطقة، وإعادة انتشار لمئات الجنود في الوحدات التي تشغل تلك الأنظمة والمعدات، في وقت يستكمل به الجيش الأمريكي انسحابه من أفغانستان بالتزامن مع خطوة مماثلة لفرنسا في مالي.

التطورات الأخيرة تزامنت مع مفاوضات أمريكية – إيرانية في فيينا للعودة إلى الاتفاق النووي بصيغة جديدة، مفاوضات لا تقتصر على برنامج طهران النووي حتماً، بل تناقش طبيعة النشاط الإقليمي الذي تلعبه الأخيرة، وملف الصواريخ الاستراتيجية بعيدة المدى وغيرها من القضايا، على رأسها اتفاقية اقتصادية بين الجانبين تقطع الطريق على الصين المتوغلة في اقتصادات المنطقة.

وينتظر الاتفاق ولادة الحكومة الإيرانية الجديدة ليرى النور كما ألمح رئيس مجموعة الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، ويبدو أن طهران حصلت على هامش حركة إقليمي كبير واختارت رجل المرحلة المقبلة بناءً على هذا الأساس حيث أعلن فوز رجل الدين المتطرف "إبراهيم رئيسي" يوم 19 حزيران الجاري بانتخابات الرئاسة، ورغم تقليل البعض من تأثير الرئيس في إيران بوجود المرشد الأعلى الذي يصوغ السياسات الخارجية، إلا أن هذا لا ينفي دفع النظام الإيراني لشخصية تستطيع الانسجام مع سياسات المرشد المرحلية لتولي هذا المنصب المهم.

لا يغيب تنظيم "داعش" عن المشهد حيث يجدد الظهور في سوريا والعراق وأفغانستان وأجزاء من إفريقيا لنقف مجدداً أمام مرحلة "أوباماوية" جديدة، ما يعني أن المنطقة ستعتصر بين سندان مشروع ولاية الفقيه ومطرقة داعش لسنوات قادمة، وقد نكون أمام سقوط عواصم عربية تضاف إلى دمشق وبغداد وصنعاء وبيروت، فالنهم الإيراني لا حدود له وأحلام طهران الإمبراطورية تقود سلوكها نحو مزيد من التوسع وقضم مساحات جديدة خارج حدودها.

كل ما سبق يؤكد أن دول المنطقة وخاصة دول الخليج العربي، تواجه تحديات كبرى تتعلق بوجودها وسيادتها وأمنها على كل المستويات لن تنفع معها الحلول الترقيعية التي تنتهجها تلك الدول، بل تزيد الطين بلة وتجعل المستنقع أخطر وأكثر قدرة على ابتلاع المزيد، فمحاولات استمالة الشيعة العرب في دولهم عبر امتيازات تمنح لهم، ومحاولات سحب الحشد الشعبي العراقي من الحضن الإيراني عبر التفاوض معه ودعمه، وتعويم النظام السوري وإمداده بالمليارات لاستمالته على حساب إيران هو ضرب من الجنون وقد لا يخلو من تآمر في بعض مستويات اتخاذ القرار، فإيران هي المستفيد الوحيد من هذه الأفعال، أما المتغطي بالأمريكان فـ"عريان" كما تقول "المسلّمة"، كذلك عمليات التطبيع مع إسرائيل التي أصبحت من وسائل شحن أتباع "ولاية الفقيه" على دول المنطقة ليجد المطبعون أن النجاة بهذا النهج "وهم".

الفوضى الخلاقة وإعادة تفكيك الشرق الأوسط لبنائه مجدداً التي بشرت به وزيرة الخارجية الأمريكية إبان الحرب على العراق "كوندليزا رايس" سياسات أمريكية قائمة، لا يبدو أنها ستتغير حتى يعاد صياغة المنطقة على حساب أمنها وتركيبتها، ويتصدر نظام ولاية الفقيه قائمة أدوات تنفيذ هذه السياسات لما يمتلكه من قدرات هائلة ونزعة توسعية تخريبية تتميز بملكة تدمير تتجاوز تدمير الحدود والعمران إلى تدمير النسيج الاجتماعي والبنى الثقافية للدول التي تفترسها بوسائل قذرة فريدة لا يستطيع أي كيان أو دولة تنفيذها.

كل ما سبق يدفعنا للسؤال كيف تحل هذه المعضلة؟ وهل من مسار قادر على إيقاف هذا العبث ومواجهة هذا التحدي؟

الإجابة عن هذا التساؤل بحاجة لجهود جبارة تنصب في دراسة الدور الإيراني، أهدافه ووسائله وطرق المواجهة الفعّالة، إلا أن هناك وسائل عامة ممكن من خلالها الحد من فعالية هذا الدور، من أولها نسج علاقات استراتيجية تجمع دول المنطقة وتحولها لمنظومة تعاون سياسي وأمني واقتصادي إقليمي يتجاوز الخلافات البينية ويشكل ناتو شرق أوسطي، بالإضافة لتحصين مجتمعات المنطقة من الاختراق عبر منحها هامش أكبر من الحرية والقدرة على الحركة مع التوعية الممنهجة لخطورة المشروع التوسعي لإيران مع مصالحة شاملة بين الشعوب والأنظمة.

إن مزيداً من التأخر في معالجة هذه القضايا وتأجيل الحلول الناجعة واللجوء إلى حلول جزئية أو ترقيعية دون تجفيف المستنقع وقطع الأذرع الخبيثة لسرطان المنطقة سيزيد عدد البؤر المشتعلة وتزيد معه المآسي والنكسات وترتفع معه فواتير المعالجة اللاحقة من دماء وأرواح شعوبنا

شاهد إصداراتنا