الإثنين 29 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

رسالة إلى #الأنا في كل منا ....

20 أكتوبر 2021، 09:54 ص
رسالة إلى #الأنا في كل منا ....

عمر محمد الدغيم

كاتب سوري في الشؤون السياسية والفكرية

20 أكتوبر 2021 . الساعة 09:54 ص

الــ (أنا) موجودة فينا كلنا بلا استثناء، ولكن بنسب متفاوتة وأشكال متباينة بين شخص وآخر، والجدير بكل منا أن يغلّب (نحن) على أناه، فتقديم مصلحة الجماعة على الفرد والصالح العام على الخاص، شرط نهوض الأمم وقوة المجتمعات والشعوب، وبالطبع فلا بأس أن يعمل كلٌ منا في سبيل الأنا الذاتية، بل هو واجب وضرورة، ولكن ما دامت في نطاق (نحن) ولصالحها، وما دامت الطرقُ والوسائلُ مشروعةً وقويمةً، والغايةُ نبيلةً وسامية.

وقد تكون الأنا ضروريةً ونافعةً على سبيل تعريف الهوية وإثبات الذات ومعرفة حقها وقدرها، ومثالها " وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ "، " أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب "، " قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ".

 أما الأنا المتضخمة بابٌ للضعف والتفرقة ومدخل للفساد والإفساد، ومانع للنظام والانضباط، وعائق لقيام الدول والحضارات، وعندما تستحكم الأنا على قلوب وعقول أصحابها، تحول تلك الأنانية حياتهم إلى جحيمٍ يشعلُ الحقدُ والحسد والغيرة والبغض نيرانها، وتودي بأهلها إلى التهلكة، وبأخلاقهم إلى العدم، فلا نصر ولا تمكين مع الأنانية الفردية المجردة، إذ أن تواجد روح الجماعة في قول وفعل كل فرد وإنسان، شرطُ البناء والعمران والقوة والنهضة، فحتى ذو القرنين احتاج لمن احتاجوه، " قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ".

غير أنه يصبح من الفرض والضرورة إعدام (الأنا) ومحوها كلياً، وذلك في مذهب العشاق وفي حضرة الحب، ولا نقصد هنا تلك المشاعر والأحاسيس بين الحبيب والمحبوبة، بل هو الحب الأسمى والعشق الأمثل: وهو حب الإله العظيم والخالق الكريم، إنه العشق الحقيقي والوحيد على رأي المؤمنين الصادقين وبتعريف المتصوفة العاشقين، فقد قال إمامهم وسيدهم جلال الدين الرومي مخاطباً (أنا) الإنسان في علاقته مع ربه وخالقه: " لو زال منك الأنا، لاح لك من أنا ".

وحتى إن حضرت الأنا في هذا المقام العلوي والحضرة الإلهية، فهي أنا التذلل والتودد، وأنا التفاني والتناهي، إنها أنا "محو الذات" أمام الخالق وليست أنا "إثبات الذات" كما هي أمام الخلق، وذلك في وصف محمد إقبال، وهي الأنا نفسها التي قصدها أعرابي في دعاءه البليغ والجميل، القصير بالكلمة والطويل بالحكمةً: " يا رب أنا أنا وأنت أنت ".

اقرأ أيضاً:

شاهد إصدراتنا: