الإثنين 08 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

صفحات بيضاء مهمشة .. المقاومة البطولية للقواسم في الخليج العربي ضد الاستعمار

28 ديسمبر 2021، 05:02 م
صفحات بيضاء مهمشة .. المقاومة البطولية للقواسم في الخليج العربي ضد الاستعمار

عمر محمد الدغيم

كاتب سوري في الشؤون السياسية والفكرية

28 ديسمبر 2021 . الساعة 05:02 م

كانت سيادة الخليج العربي السياسية والعسكرية بيد قبائل عرب الخليج في القرن السابع عشر والثامن عشر الميلادي، وقد استطاعت هذه القبائل صد محاولات التوسع الأوربية المبكرة، وقاومت الحركات الاستعمارية الوافدة على الخليج العربي، ولعل أبرز هذه القبائل ممن لعب هذا الدور المقاوم في تلك الفترة هم قبائل القواسم أو الجواسم الذين قطنوا في المناطق الواقعة بين رأس مسندم شمالاً وأبو ظبي جنوباً، ورغم الغموض الذي يكتنف أصل القواسم وسبب تسميتهم، إلا أن أغلب المؤرخين يجمعون على أن القواسم من عرب نجد الذين انتقلوا إلى شرق عمان وسكنوها، وأنهم في الأصل من عرب آل الظفير (عبدالكاظم،2013، ص367).

وشكلت قبائل القواسم مع الزمن ما عرف بالاتحاد القاسمي الذي انضوى تحته عدد كبير من القبائل، فتشكل ما عرف باتحاد لواء القواسم، وهي القبائل التي تقيم بشكل رئيسي في مدينتي الشارقة ورأس الخيمة، وبعضهم يقيم في أم القيوين التي تنتمي إليها الأسرة الحاكمة للإمارة، وأشهر هذه القبائل قبيلة المهرة وعشائر آل بو مهير وآل زعاب وقبيلة الحبوس وقبائل الشحوح والمطاريش. وظهرت زعامة القواسم في عهد زعيم القواسم رحمة بن مطر، والمعروف بــ " كايد بن عدوان "، وهو الجد الأكبر لحكام إمارتي الشارقة ورأس الخيمة، ويعد المؤسس للحلق القاسمي الشهير للمدينتين، كما ضم إليه ساحل الشميلية وإمارة الفجيرة، وأقام التحالفات والعلاقات مع القبائل والعشائر المجاورة، وذلك في أوائل القرن السابع عشر الميلادي، واتخذ القواسم مدينة رأس الخيمة التي عرفت بجلفار الجديدة عاصمة لهم، وبقيت عاصمة لهم إلى أن دمرها الإنكليز عام 1819م (الشعيلي،2015، ص2).

استطاع القواسم مد نفوذهم من رأس مسندم إلى دبي، فأخضعوا رأس الخيمة والشارقة والرمس وجزيرة الحمراء وعجمان وخورفكان وشناص وأم القيوين وخور كلبا، فأصبحوا قوة كبيرة وعبروا إلى الجانب الآخر من الخليج العربي فأخضعوا مناطق على الساحل الفارسي، وأسسوا مدناً وقرى، ثم شكلوا أسطولاً كبيراً ضم بعض السفن الفارسية والأوربية التي استولوا عليها أثناء العمليات البحرية، وزادت قوة القواسم البحرية في عهد الشيخ راشد بن مطر الذي حكم حتى عام 1777م، فتمكنوا من السيطرة على كثير من المناطق على الجانب الفارسي كجزيرة قشم ولفت ولنجة في عام 1765م، مستغلين بذلك حالة الضعف التي مرت بها فارس (الشعيلي،2015، ص4-5).

وبشكل عام فقد حددت العلاقات المختلفة للقواسم مع الأطراف الفاعلة في منطقة الخليج العربي أحداث ومعالم عهدهم، بما فيها فترات السلم والحرب، والعداء والحلف، والقوة والضعف، وأهم هذه الأطراف السعوديون الوهابيون في الداخل، وجيرانهم سلاطين عمان، والمستعمرون الإنجليز (الشعيلي،2015، ص7-8).

مقاومة القواسم للبريطانيين:

يمكن القول بأن العلاقة بين التاريخية بين القواسم والبريطانيين لم تكن علاقة إيجابية أبداً، حيث كانت علاقة صراع دائم في أغلبها، ويمكن تقسيمها حسب المراحل والأحداث التاريخية إلى عدة مراحل وأحداث فاصلة وأهمها:

  • المرحلة المبكرة 1778-1797م: تمثلت بالغارات والهجمات التي شنتها عشائر القواسم على السفن البريطانية، وتمكنت فيها من أسر عدة جنود وضباط بريطانيين وبعض السفن البريطانية، وكانت بريطانيا غالباً تستعيدها عبر المفاوضات ودفع الفدية أو بالهجمات المضادة.
  • الحملة البريطانية على موانئ القواسم سنة 1809م ومعركة رأس الخيمة: وهي الحملة التي انطلقت من مومباي في المحيط الهادي ضد القواسم ومناطق نفوذهم، وقد فشلت الحملة بدون أن تحقق أي هدف من أهدافها بسبب موت قائدها قبل انطلاقها، وغرق بعض سفنها، وانتهت بأمر الانسحاب بعد المقاومة العنيفة التي واجهتها من قبل القواسم، وبذلك انتهت المعركة لصالح عرب القواسم (عبدالكاظم،2013، ص369).
  • التعاون العسكري العماني البريطاني ضد القواسم ومعركة شناص: وهي حملة عسكرية مشتركة بين الحلفاء العمانيين والبريطانيين ضد القواسم، وتوجهت في عام 1810م لمهاجمة شناص، ورغم المقاومة الشديدة والشجاعة الفريدة التي أبداها المقاومون القواسم، فقد تمكن البريطانيون من اقتحام الحصن، وحرقوا سفن القواسم وخسر القواسم أكثر من 400 قتيل.
  • الحملة البريطانية الكبرى وانهيار الاتحاد القاسمي 1819-1820م: وهي حملة بريطانية كبيرة في العدد والعدة، خرجت وانضمت إليها قوات سلطان عمان السيد سعيد، باتجاه رأس الخيمة بهدف القضاء على اتحاد القواسم بشكل نهائي، ورغم المقاومة الباسلة التي استمرت لخمسة أيام، إلا أن المدنية سقطت بفعل التفوق المدفعي للجانب البريطاني ونفاذ الذخائر لدى القواسم، واضطر القائد حسين بن علي لتسليم المدينة التي تعرضت للتدمير والسلب بشكل كامل (عبدالكاظم،2013، ص369).
  • المعاهدة العامة 1820م: بعد الهزيمة التي تعرض لها القواسم، أجبر شيخهم حسن بن رحمة على توقيع المعاهدة الدائمة مع الجنرال "كير" البريطاني، والتي أنهت بشكل فعلي نفوذ وسيطرة القواسم في منطقة الخليج، بعد أن تضمنت عدة بنود كان أهمها تخلي القواسم وتسليمهم لجميع سفنهم الحربية، واقتصار ملكيتهم على سفن الصيد فقط، مقابل تعهد بريطانيا بعدم دخول المدن والأحياء العربية وتدميرها (عبدالكاظم،2013، ص371).

يتضح أن تاريخ الخليج العربي كان يرتكز بشكل أساسي على النظام القبلي والعوامل القبائلية والعشائرية في تشكيله وصناعته، ولذلك كان لمجموعات القبائل من أمثال قبائل القواسم الدور المحوري في صنع أحداث وحوادث التاريخ في جنوب شرق الجزيرة العربية طوال القرن السابع عشر، وذلك عندما توفرت عند هذه القبائل الإرادة السياسية والمشروع الموحد لإيجاد كيان سياسي واقتصادي وعسكري يدعم نفوذها ويعزز قوتها في المنطقة، وانطلاقاً من مكانتها هذه كان لا بد أن تتزعم المقاومة والوقوف بوجه الاستعمار البريطاني ونفوذه المتصاعد، خصوصاً مع وجود روح القتال والجهاد عند قبائل القواسم.

 

 

المراجع:

1. عبدالكاظم، ستار علك، 2013، المقاومة الوطنية لقبائل القواسم ضد الغزو البريطاني في منطقة الخليج العربي 1778-1820م، مجلة العلوم الإنسانية، المجلد 1، العدد 15، جامعة بابل، ص.ص 367-372.

2. الشعيلي، محمد بن حمد، 2015، اتحاد القواسم وصراع المصالح في الخليج العربي 1763-1820م، مجلة البحث العلمي في الآداب، العدد 16، جامعة عين شمس، ص.ص 1-16.