الجمعة 03 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.77 ليرة تركية / يورو
40.65 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.90 ليرة تركية / ريال قطري
8.64 ليرة تركية / الريال السعودي
32.39 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.77
جنيه إسترليني 40.65
ريال قطري 8.90
الريال السعودي 8.64
دولار أمريكي 32.39

تفاصيل أهوال مجزرة نهر قويق في حلب بذكراها التاسعة

31 يناير 2022، 11:53 م
مجزرة نهر قويق في حلب 29 يناير 2013
مجزرة نهر قويق في حلب 29 يناير 2013

عائشة صبري

صحفية سورية

31 يناير 2022 . الساعة 11:53 م

آرام – عائشة صبري

يستذكر أهالي مدينة حلب شمالي سوريا، أهوال مجزرة نهر قويق، التي ارتكبها نظام الأسد يوم 29 كانون الثاني/يناير 2013، حين استيقظ سكان حي بستان القصر شرقي المدينة على رؤية عشرات الجثث تطفو على ضفتي النهر الذي أُطلق عليه لقب "نهر الشهداء" نسبةً لتلك المجزرة الميدانية.

أحد الممرضين سابقاً في المستشفى الميداني (النقطة الطبية) بحي بستان القصر، حذيفة دهمان، يروي في تصريح خاص لشبكة "آرام" تفاصيل الفاجعة التي يمرُّ عليها الذكرى التاسعة، وما يزال المجرم طليقاً ويرتكب المزيد من المجازر دون أيّ رادع.

يقول "دهمان": في تمام الساعة 6:30 صباح يوم 29 / 01 / 2013 صحونا على أصوات صراخ وتكبير، وهناك من يطرق علينا باب المستشفى الميداني بقوله: "يا طبية مجزرة.."، وعند توجهنا للمكان رأينا عربة لبيع الخضار والفواكه مليئة بالجثث فوق بعضها البعض.

ويضيف: أنَّ أحد الشبان طلب من الكادر الطبي أن يفحص الجثث ليتأكد هل هناك أحد على قيد الحياة ليتم إسعافه، وعند وصول الجثث إلى النقطة الطبية، لم نكن نعلم كيف قتلوا وظننا أنَّ مجزرة وقعت نتيجة قصف ولم نتوقع تصفية ميدانية.

ويتابع: عندما فحصنا الجثث كانت مكبلة الأيدي ومعصوبة العينين ومكمومة الأفواه والطين يغطيها، وعند لمسنا ليد أو رجل الجثة نشعر وكأنَّها ستفلت من جسد الضحية نتيجة انتفاخها بالماء، والرائحة "كانت فظيعة جداً"، فتبيَّن أنَّ الجثث كانت غارقة في نهر قويق.

ويردف "دهمان": بدأت سيارات نوع "سوزكي" تتوارد إلى المستشفى الميداني تنقل كلّ عشر جثث على حدة، والمستشفى لم تتسع لكل الجثث، فقما بفرد الجثث أمام باب المستشفى وامتدت على طول الشارع، فيما بدأ البكاء والصراخ من الأهالي الذين فقدوا أبنائهم بالاعتقال، مشيراً إلى أنَّ "المشهد حينها لا يمكن وصفه".

نقل الجثث إلى مدرسة

ويشير إلى أنَّهم في الكادر الطبي اقترحوا نقل الجثث لمدرسة قريبة اسمها "اليرموك"، لتبدأ مرحلة تكفين الضحايا في النقطة الطبية عبر غسل وجههم وفك القيود من جسدهم، ثم إرسالهم إلى المدرسة حتى يتعرّف الناس عليهم، وكان عدد الضحايا في اليوم الأول نحو تسعين جثة.

ويذكر "دهمان" قصة لم تذهب من مخيلته، كانت لجثة طفل عمره نحو 15 سنة، بقوله: "سمعتُ صوتاً مرتفعاً أرجف قلبي حينما ركضت سيدة تحضن الجثة وتقول: والله ما بدي ابعتك لعندن حتى تشتغل بس مجبورين بدنا ناكل ونشرب".

ويوضح: أنَّ الأم كان ابنها يعمل في مشغل خياطة بمنطقة الفيض الخاضعة لسيطرة النظام، وفقدته قبل المجزرة بحوالي شهر، لتجده بين الجثث وتعرّفت عليه عبر علامة موجودة في جسده، لافتاً إلى  صعوبة التعرّف على الجثث لأنَّ طريقة القتل كانت عبر طلقة بالرأس من الخلف وتخرج من الوجه.

ويضيف: أنَّ الجثة مشوهة تماماً وهناك الكثير من الجثث لم يتعرّف عليها أحد، فيما استمرت عملية انتشار الجثث من النهر حوالي 45 يوماً، وهناك جثث وصلت لريف حلب، وبحسب وصول الجثة لأي منطقة يتم سحبها وإخبار المعنيين لتوثيقها.

وينوه "دهمان" إلى أنَّه كان أحد الذين أخذوا عينات من شعر الجثة لتحليلها، وتم تسليمها أصولاً للطبابة الشرعية، وكان عدد من المحامين حاضرين في تنظيم ضبوط الوفيات وأخذ شهادات الأهالي الذين تعرّفوا على الجثث والأهالي الذين لديهم أبناء مفقودين، وتم تسليم الجثث لذويها بعد تنظيم ضبط من قبل الشرطة الحرة والمحامين ليتم دفننها.

دور الإعلام في التوثيق

ويلفت "دهمان" إلى دور الإعلامين الكبير بتوثيق هذه المجزرة، ويتأسف لعدم وجود مكان لدفن هذا العدد الكبير من الضحايا غير المعروفين من الجثث، فتم اقتراح دفنهم بشكل جماعي في "حديقة القباقيب" المطلة على قناص الإذاعة الذي استهدف المدنيين عند انتشالهم للجثث ما أوقع إصابتين على الأقل وتسبب بتأخير عملية نقل الضحايا من النهر.

ويؤكد الشاهد على تلك المجزرة، أنَّ الفاعل هم ميليشيا تتبع للمخابرات الجوية والأمن الجنائي وعناصر من جيش النظام السوري المتواجدين حينها على الحواجز، وذلك لأنَّ أحد عناصر النظام ممن شهد المجزرة تحدث لنا بعد إلقاء القبض عليه، عن تفاصيل لا توصف، وتم نشر حديثه على منصة يوتيوب، ويوجد نسخة منها في الملف الذي تم تحضيره لتقديمه للمجتمع الدولي لإدانة نظام الأسد.

من جهته الخبير الجنائي د. محمد كحيل، مسؤول الطبابة الشرعية في حلب سابقاً يوضح لـ"آرام"، أنَّ عدد الضحايا يُقارب الـ300 شخص لكن ما تم توثيقه في الطبابة الشرعية بمحاضر ضبوط بلغ "240 جثة" تم انتشالها من هذا النهر على مدى ستة أسابيع حيث تم انتشال 90 جثة في اليوم الأول، وبقية العدد تم انتشاله على دفعات يومياً.

وينوّه "كحيل" إلى أنَّ انتشال الضحايا استمر حتى ستة أشهر لأنَّ هناك جثث كانت عالقة في جذوع الشجر على سرير النهر ولم تظهر لبعد أشهر، كما حرّرت العوامل الجوية بعض الجثث لتطفو على المياه، بعد أن كانت عالقة في قاع المياه نتيجة الطمس والطين، وهناك أشلاء كانت ممزّقة، فنحو (60 جثة) لم يتم توثيقها نتيجة التمزّق.

يشار إلى أنَّ ناشطين سوريين تفاعلوا مع ذكرى مجزرة قويق عبر نشر صور الجثث مرفقة بشرح عن المجزرة ووسم "دماء منسية" ضمن الحملة التي أطلقتها رابطة نشطاء الثورة في حمص قبل أيام للتذكير بمجازر نظام الأسد الميدانية بحق الشعب السوري على مدى سنوات الثورة الماضية.

شاهد إصداراتنا