الأربعاء 03 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

انتهاء شهر المحاسبة الإعلامي.. واقتراب المحاسبة الحقيقية

05 ابريل 2022، 06:09 م
انتهاء شهر المحاسبة الإعلامي.. واقتراب المحاسبة الحقيقية

د. باسل معراوي

كاتب وسياسي سوري

05 ابريل 2022 . الساعة 06:09 م

كان مؤلماً للسوريين تناول المسؤولين الغربيين والإعلاميين وفي خضم حملتهم على العدوان الروسي على أوكرانيا، استحضار اسم سورية أو اسم مدينة منها كحلب مثلاً، لربط مشاهد الإجرام والوحشية والتدمير التي يقوم بها نفس العدو في هذه الأيام ببلد أوروبي مجاور له (وإن كنت أعتقد أن يد الإجرام الروسية مكبلة بقيود عديدة لا ترقى لـ10% مما فعله بسورية).

الحرب العالمية الثالثة التي تدور رحاها الآن في أوكرانيا ليست إلا المعركة العسكرية منها… تدور المعركة الاقتصادية الآن بين روسيا والمجموعة الغربية (والمجموعة الغربية ليست بالمعنى الجغرافي بل بامتلاك نفس القيم والمبادئ ولو كانت بأي جهة جغرافية كسنغافورة وكوريا الجنوبية وأستراليا واليابان الخ) وعنوان تلك الحرب الروبل مقابل الدولار واليورو.

ما يهمني اليوم، أن أتناول المعركة الإعلامية والقضائية والتي ترتبط الجرائم الروسية بسورية بها ارتباطاً وثيقاً، ومن ضمن تلك المعركة كان إعلان السفارة الأمريكية بدمشق أنّ "شهر آذار هو شهر المحاسبة للنظام السوري"، والغاية التركيز والتذكير بجرائم النظام والعدو الروسي التي تم ارتكابها بسورية وتقديم ذلك للمتلقي في العالم والغربي خصوصاً، لحشد الرأي العام الغربي خلف حكوماته لمواجهة أيّ تذمر شعبي من ارتفاع الأسعار بشكل عام والأغذية والوقود بشكل خاص.

إذ أنّ تلك الحكومات منتخبة ويهمها نسبة تأييد الجمهور لها خاصة أنّ فرنسا تواجه استحقاق انتخابي رئاسي والإدارة الأمريكية تواجه انتخابات التجديد النصفي للكونغرس بالخريف المقبل.

وكان بادياً أيضاً اهتمام العدالة الدولية بمراقبة الجرائم الروسية حيث فتحت مثلاً المحكمة الجنائية الدولية التحقيق بملف جرائم الحرب الروسية بأوكرانيا بعد يومين من انطلاقتها.. وقالت إنّ أثر تلك الجرائم رجعي يمتد ليشمل الجرائم الروسية منذ عام 2014 عند احتلال الجيش الروسي لشبه جزيرة القرم، وليس بعيداً أن تتبنى بالمستقبل القريب التحقيق ببعض جرائم الحرب الروسية الموثقة بسورية (وهي عديدة بالطبع) وتسهم في إغناء أي ملف قضائي دولي جار إعداده.

ولا شك أنّ وصف الرئيس الأمريكي للرئيس الروسي ونعته بمجرم الحرب ليس صدفة إنما هذا الوصف يستخدم لسوق من يطلق عليهم للمحاكم الدولية إذ أنّه توصيف قضائي وليس سياسي كما وصف الرئيس الأمريكي نظيره الروسي مرات عديدة بالقاتل والجزار ..الخ.

أصيب بعض السوريين بخيبة أمل بعد نهاية هذا الشهر (شهر المحاسبة).. وذلك لأنهم بالغوا في تفاؤلهم بنتائجه والتي تصور البعض أنها لسوق مجرمي النظام إلى العدالة الدولية أو إصدار مذكرات توقيف أمريكية بحق بعضهم أو ما شابه من الأفعال الإجرائية، لكن كان واضحاً للغالبية أنّ هذا الشهر تظاهرة إعلامية لحشد الرأي العام ليس أكثر وهو مفيد بكل الأحوال.

إذ لا يمكن لأي سياسي في المنطقة التجاهل أو الاستخفاف بما يصدر عن المؤسسات الأمريكية الرسمية أو السياسيين الحاليين (وليس المتقاعدين بالطبع الذين يتحفونا بتحليلاتهم أو مواقفهم أو تضامنهم أو تأنيب ضميرهم بعد الإحالة على التقاعد).

كان إطلاق اسم الشهر وباسم المحاسبة هو تذكير عملي بالموقف الأمريكي الرافض لأي تعويم للنظام دولياً أو عربياً، بل إنّه بين السطور والكلمات يمكن أن يشرع سيف قانون قيصر بوجه من يحاول تجاوز ذلك الموقف.

ارتباك أمريكي بالملف السوري قد يكون أيضاً من أسباب إعلان شهر آذار شهر المحاسبة. لا تحتاج السياسة الأمريكية لمزيد من الارتباك بالملف السوري والتي كانت محدداتها بعهد الإدارة الجديدة تتركز على:

1- الاهتمام بالدعم الإنساني للسوريين وعدم مقاربة أي طرح سياسي في هذه المرحلة مع تكرير المواقف الأمريكية المعروفة بأن لا حل عسكري للحرب في سورية والتمسك بالحل السياسي وفق القرار الدولي 2254.

2- مكافحة تنظيم داعش الإرهابي.

3– إبقاء حالة الهدنة غير المعلنة والإبقاء على وقف خطوط القتال كما هي عليه منذ أكثر من عامين لعدم التسبب بكوارث إنسانية جديدة.

لكن الارتباك الأمريكي المرتبك أصلاً حدث نتيجة لعدة عوامل مهمة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالملف السوري وهي:

1– لم يكن في خطط الإدارة الديمقراطية الحالية عدم التوصل لاتفاق نووي مع إيران، وقد وصل الاتفاق لكتابة سطره الأخير بنهايات شهر شباط المنصرم وقد تعطل ذلك بفعل الغزو الروسي، ويمكن أن تكون هناك سياسات أمريكية تم تجهيزها للملف السوري بعد توقيع ذلك الاتفاق وكيفية التعاطي مع الاحتلال الإيراني لسورية.

2–  اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا التي فاجأت العالم كله بمن فيهم الأمريكان، وكانت كل الخطط الأمريكية بالملف السوري مبنية على تعاون اضطراري مع الوجود الروسي بسورية سياسياً وعسكرياً، ليس واضحاً لحد الآن (ولازال ذلك مبكراً) كيفية التعاطي الأمريكي مع الوجود الروسي بسورية وإن كان المنطقي أنّ التأثير الروسي سيضعف حتماً ليس في سورية فحسب بل في كل أماكن نفوذها بالعالم.

3– تماهي النظام السوري مع ثلاثة دول مارقة بالعالم فقط بتأييد الغزو في حين امتنع حلفاء لروسيا عن التصويت كإيران والصين وفنزويلا وصربيا الخ.. بل وإرسال مرتزقة سوريين للقتال إلى جانب القوات الروسية، ويمكن أن يكون هذا الموقف من قبل النظام كقطع شعرة معاوية مع ما يسمى أمريكياً تعديل سلوكه وليس تغييره.

4- تبلور مجموعة أصدقاء أمريكا الساخطين على سياستها وعقدهم لقمة وزارية بالنقب المحتل وإصدار مواقف موحدة من التمدد الإيراني بالمنطقة.

كل تلك المتغيرات حدثت بالأسبوع الأول من الغزو الروسي، ونتيجة للاهتمام الأمريكي بمواجهة الروس عالمياً بالحرب العالمية الثالثة، فإنهم اضطروا للإمساك بالورقة السورية بوجه خصومهم الروس والإيرانيين عبر إطلاق كل التظاهرات الإعلامية ومنها شهر المحاسبة والإيحاء على عجل وبشكل مفاجئ بعد زيارة وفد أمريكي لمناطق سيطرة ما يسمى تنظيم قسد بإطلاق البيانات الرسمية المؤيدة للثورة السورية والمباركة لها بعيدها الحادي عشر، إضافة لرفع أعلام الثورة في تلك المناطق. ستؤدي كل تلك التداعيات في المنطقة لتغيير أساسي بالمقاربة الأمريكية للملف السوري سنراها قريباً بل قريباً جداً.

اقرأ أيضاً: