الأربعاء 03 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

كيف حلّت "معركة بأنهم ظلموا" معضلة إدارة المركبات في حرستا؟

15 ابريل 2022، 11:57 م
خريطة توضح موقع إدارة المركبات في حرستا
خريطة توضح موقع إدارة المركبات في حرستا
15 ابريل 2022 . الساعة 11:57 م

آرام – براء عبد الرحمن

شكّلت إدارة المركبات في مدينة حرستا خلال سنوات تحرير الغوطة الشرقية منذ 2012 وحتى 2018 أهمية وعمق استراتيجي لدى النظام والميلشيات الحليفة له فكانت جغرافياً نقطة متقدمة في عمق المناطق المحررة لقوات نظام الأسد لم يتنازل عليها طوال سنوات الثورة السورية في ريف دمشق.

وشكّلت نقطة تجمّع وانطلاق لقواته في معاركه ضد فصائل الجيش الحر في دمشق وريفها، وكانت نقطة لنصب الدافع والرشاشات الثقيلة لقصف بلدات ومدن الغوطة الشرقية وتشكيل خطوط دفاع ومنع تقدم الثوار نحو العاصمة دمشق، فما هي أهمية تلك الإدارة التي استمات النظام بالدفاع عنها وكلفته ضريبة ضخمة من قتلى كبار ضباطه بدأت من مقتل نائب مدير الإدارة وعشرات الضباط ومئات العناصر في التصدي منعاً لسقوطها بيد الجيش الحر وحافظ عليها حتى يوم تهجير فصائل الثورة في 2018 فقد كان موقعها هدفاً رئيسياً للنظام بتقسيم غوطة دمشق سنتعرف عن ذلك من خلال هذا التقرير.

إدارة المركبات في حرستا وأهميتها العسكرية للنظام

تقع إدارة المركبات بين مدن وبلدات الغوطة الشرقية وسط مدينة حرستا وعربين ومديرا، وتضم بناء القيادة الرئيسية، وقسم الإدارة والرحبة 446، والمعهد الفني، وقد تحولت إدارة المركبات العسكرية منذ بداية الثورة إلى مركز عمليات للتنصت والتشويش وتقاطع الاتصالات والمعلومات العسكرية ومركز عمليات وقيادة لقوات الحرس الجمهوري ومركز في انطلاق العمليات العسكرية لقوات الأسد إلى أنحاء الغوطة الشرقية.

وتعتبر جغرافيا المركبات أعمق نقطة للنظام داخل مدن وبلدات الغوطة بعد تحريرها على أيدي الثوار، ما دفع النظام بالاستمات بالدفاع عنها ليبقى على مقربة من مدن وبلدات الغوطة الخارجة عن سيطرته، ويمنعها من التقدم نحو العاصمة دمشق مشكلاً خط دفاع استراتيجي عن العاصمة، وليقوم بقصف مدن وبلدات الغوطة بالمدفعية التي نصبها داخل إدارة المركبات وكان النظام يسعى ويخطط بعد خروج الغوطة عن سيطرته لقسم الغوطة لشطرين لإضعاف المناطق المحررة والسيطرة عليها من خلال تكتيك قضم قطع جغرافية صغيرة ومنفردة عن بعضها.

ولتنفيذ ذلك المخطط كان لا بدّ للنظام من الحفاظ على سيطرته على إدارة المركبات ومحاولة سيطرته على فوج الشيفونية لوصل المنطقة ببعضها وقطعها عن بعضها وهذا ما حصل بعد ذلك في 2018 حيث نفّذ ما سعى إليه خلال سنوات الحرب بدعم روسي إيراني وشطر الغوطة إلى قسمين، وبالتالي استطاع وصل فوج الشيفونية الواقع شرق مدينة دوما (بعد تقدم النظام إليه من منطقة المرج) جغرافياً بإدارة المركبات في حرستا، وبذلك استطاع قتال الفصائل في جبهات الغوطة منقسمة ومنفردة عن بعضها بهدف إضعافها وتسهيل سيطرته عليها.

معارك ثوار الغوطة الشرقية للسيطرة على إدارة المركبات

مع الأهمية الاستراتيجية لإدارة المركبات لدى النظام كانت الأهمية كذلك لدى فصائل الثورة في غوطة دمشق، فسيطرة فصائل الثوار على المركبات، يعني تسهيل حركة الثوار في حرستا التي خسرت التحرك جغرافياً بكثير من الأحياء بسبب تواجد النظام في المركبات، كذلك لو تم تحرير المركبات سيتم وصل عربين بـ حرستا ومديرا جغرافياً، وسيتم فتح الطريق الرئيسي بين دوما وحرستا وستتقدّم نقاط رباط الثوار للعاصمة، الأمر الذي دفع ثوار الغوطة من إطلاق عدة معارك عبر سنوات الثورة.

كان أولها مع شرارة انطلاقة تحرير الغوطة الشرقية أواخر 2012 حيث انطلقت معظم فصائل الثورة بعد تحرير الغوطة لمحاولتهم دخول إدارة المركبات، وتم تحرير جزء منها بداية المعركة، إلا أن النظام أعاد سيطرته على النقاط المحيطة بالمركبات وبعض الأبنية في حرستا.

بعد ذلك أقدم مقاتلون تابعون لـ«لواء درع العاصمة» في 18 تشرين الثاني 2013 على تفجير مبنى فرع «إدارة المركبات» ومحاولتهم التقدم نحو الإدارة في حرستا لكنهم فشلوا بتحريرها، ثم انطلقت معارك نحو الادارة في  2015-08-17 واستطاع جيش الإسلام وفيلق الرحمن، التقدم والسيطرة على المعهد الفني داخل إدارة المركبات ثم استطاع النظام استعادة النقاط التي خسرها، ومنع تقدم الثوار نحو قيادة الإدارة، إلى أن انطلقت معركة "بأنهم ظلموا" والتي قادتها حركة أحرار الشام الإسلامية في الغوطة الشرقية والتي بدأت بالتزامن مع اتفاقيات خفض التصعيد في 14 تشرين الثاني 2017.

اتفاقيات خفض التصعيد

بعد سلسلة من الاتفاقات بعد اجتماعات هيئة التفاوض كان آخرها "أستانا 4"، حيث أصبحت الغوطة واحدة من أربع مناطق سميت بمناطق خفض التصعيد، ومع توقيع المعارضة بالغوطة تلك الاتفاقيات لكنها لم تثنِ قوات النظام عن محاولاته اقتحام مدن وبلدات الغوطة الشرقية، ولم يتوقف القصف ومع توقيع كل من جيش الإسلام وفيلق الرحمن مع الجانب الروسي على اتفاقيات وقف إطلاق نار كامل وفتح معابر للغوطة الشرقية المحاصرة.

لم يتوقف قصف النظام للغوطة ولا محاولة النظام التقدم نحوها بل استمرت محاولات النظام على جبهات جوبر وعين ترما والمرج من التقدم، حينها لم يجد ثوار الغوطة سوى حلّ الهجوم لمحاولتهم الضغط على روسيا لممارسة التزامها وضغطها على النظام من تنفيذ وقف إطلاق النار والالتزام بالاتفاقيات، فانطلقت معركة "بأنهم ظلموا" لقطع الطريق على نظام الأسد كونه يسعى لقسم الغوطة إلى قسمين، عبر شن هجمات من إدارة المركبات باتجاه فوج الشيفونية.

معركة بأنهم ظلموا

وفقاً للناطق الرسمي لحركة أحرار الشام منذر فارس، لشبكة "آرام" عن المعركة، بأنها جاءت للدفاع عن الغوطة، ونتيجةً لعدم التزام نظام الأسد باتفاقية تخفيف التصعيد، عبر قصفه مدن وبلدات الغوطة، ومن خلال محاولاته المتكررة اقتحام عين ترما وجوبر وحوش الضواهرة، وقد نتج عن المعركة مقتل العماد شرف "وليد خواشقي"، والذي يشغل نائب مدير إدارة المركبات، إضافة إلى مقتل العشرات من عناصر قوات الأسد، واغتنم الثوار ذخائر وأسلحة بينها مدافع عيار 23.

وقصفت طائرات الأسد الحربية مقرات عسكرية تابعة له تحوي على مستودعات ذخيرة وأسلحة بالقرب من إدارة المركبات، كي لا يستولي عليها مقاتلو أحرار الشام الذين بدأوا هذه المعركة في مرحلتيها الأولى (14 نوفمبر 2017) والثانية (29 ديسمبر 2017) وشارك في المرحلة الثانية ثوار الغوطة مجتمعين في هذه المعركة، التي أدت لتدخل الروس بقوتهم الجوية والمدفعية لحسم المعركة لصالحهم حيث كثفوا من القصف المدفعي والصاروخي إلى أن أدى ذلك إلى تهجير أهالي الغوطة نحو الشمال السوري.

وقد استشهد فيها الشيخ صالح عنتر من حرستا ومن كبار قيادات الجيش الحر في حرستا وبعض ثوار الغوطة الذين كانوا يدافعون عن أهلهم وكان قائد المعركة آنذاك القيادي في أحرار الشام أبو موسى الكناكري، ومعه أبو سليمان الزبداني.

حقَّقت المعركة نتائج كبيرة وذلك بسيطرة مقاتلي الفصائل على أحياء العجمي والحدائق ونقل المعركة إلى داخل أبنية إدارة المركبات، الأمر الذي أدى لجعل النظام بموقف دفاعي، وتم حصار الإدارة بشكل كامل وقطع خطوط الإمداد عنها بعد سيطرة الفصائل على الفرن الآلي وطريق عربين نهاية كانون الأول/ديسمبر 2018، وتغيرت مجرى المعارك بمنطقة استراتيجية تعد نقطة تجمع قوات النظام قرب العاصمة دمشق وكان للمعركة آثاراً إيجابية كبيرة لدى أهالي الغوطة وشكلت ضربة موجعة لقوات النظام.

إلا أنه ومع تلك الانتصارات الكبيرة التي أحرزتها فصائل الثورة بمعركة المركبات الأخيرة، كان موقف بعض الناشطين ساخطاً منها بحجة أنه لا يتناسب أبداً مع التحضيرات التي تجريها موسكو من أجل عقد مؤتمر سوتشي للحوار بين السوريين خصوصاً كان بيان حركة أحرار الشام يتحدث عن عدم علاقته بتلك المحادثات ومشاركة هيئة تحرير الشام تلك المعركة، حيث كان ذلك سبباً لتحجج الروس بتواجد فصيل إرهابي قرب دمشق أمام المجتمع الدولي وتعرضت الهيئة حينها لنقد واسع لعدم قبولها حل نفسها ومشاركة الثوار معاركهم دون راية الهيئة المصنفة على لوائح الإرهاب.

وكما هو حال "معركة الله غالب" التي تقدم بها الثوار لأعالي الجبال وحققوا بها انتصارات بالغة في شمال مدينة دوما كان هو الحال نهاية الأمر في "معركة بأنهم ظلموا"، فقام الطيران الروسي بتصعيد مكثف على المدنيين والعسكريين أدت لوقوع مجازر مروعة، وكانت نقطة بدء التصعيد الأخير على مختلف جبهات الغوطة الشرقية حيث استقدم النظام قواته من جميع المحافظات السورية.

وبدأت مطارات سوريا العسكرية أجمع بما فيها مطار حميميم العسكري الروسي بإرسال طائرات الموت التي بدأت بحصد أرواح المدنيين واستهدافهم بالصواريخ والبراميل والكيماوي وخراطيم المتفجرات حتى فكّ حصار إدارة المركبات وتقدّم النظام من جهة المرج باتجاه فوج الشيفونية ووصل المنطقة عسكرياً.

الأمر الذي أدى إلى تقسيم الغوطة جغرافياً لثلاث مناطق وهي حرستا ودوما والقطاع الأوسط، ثم بدأت عملية التهجير بعد التدخل الروسي والإيراني وحشد كافة الميليشيات الأجنبية للقتال لجانب النظام والتقدّم نحو منطقة أبادت ثلثي جيش النظام على أسوارها، وكادت تسيطر على دمشق لولا الإرادة الدولية التي منعت سقوطها بيد الثوار.

اقرأ أيضاً: