الأربعاء 03 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98
...

نظرية التطور ومصير المجتمع العاصي

10 يونيو 2022، 03:54 م

إن المجتمعات في عملية تطور مستمرة، ولولا هذه العملية المتواصلة من التطور لانقرضت البشرية

منذ زمن عتيد.

فالكائنات جميعها تتطور، وتحاكي التغيرات الحاصلة في محيطها وحتى على مستوى الجراثيم

والأوبئة، فهي كذلك في عملية تطور مستمر.

لذلك يتحتم على الإنسان التطور مع هذا الكم الكبير من التغيرات والتقلبات الفسيولوجية والسلوكية

والتكنولوجية.

ومن الأساس هو كذلك، ففي مطلع القرن الماضي كان من يتعلم سياقة السيارة كأنه تعلم على سر من أسرار العلوم الخفية. لما يرونه من أمر مستعصي وعصيب، إلا أن الأمر اختلف تمامًا بعد مرور مئة سنة.

فأصبحت قيادة السيارات بالأمر اليسير جدًا وبمتناول الجميع، وهذه العملية التطويرية كعجلة السيارة دائمة الدوران.

وإذاأرادت السيارة الوصول إلى مكانٍ ما يتحتم على العجلة الدوران للوصول إلى المكان المنشود، هذا ما تملي عليه عملية التطور.

نحن الآن في القرن الواحد والعشرين، ونرى أن من يقود الطائرة كما يرى مجتمع مطلع القرن العشرين لقائد السيارة

ولعلي لا أخطئ إذا قلت أن في المئة القادمة ستكون قيادة الطائرة الشراعية أو السمتية وغيرها ليست بالحالة المبهرة ولا قائدها بالشخصية النادرة بل هي عمليةتطويرية اجتماعية اعتيادية يعتاد عليها المجتمع شيئًا فشيئًا مع تقدم عجلة التطور فإذا كان قائد السيارة البسيطة شخص نادر الوجود.

واليوم يمكن لأي صبي قيادتها، فمن الجائز جدًا أن يكون قائد الطائرة الشخص النادر الوجود اليوم كثير الوجود في الغد، ووجوده يعتبر غير ملفت واعتيادي.

على الجميع أن يؤمنوا بنظرية التطور والتقدم العلمي والتكنولوجي، لأن هذا التقدم يتناغم مع تقدم المجتمع ووجود الإنسان ومواصلته الحياتية.

وأن معارضة التقدم هذا يعني هلاك المجتمعات كما حصل مع حيوانات منقرضة.

فقيل عن أحد الدراسات الإحيائية أن كثير من الحيوانات عارضت التطور ولم تتقبل عملية التغير إلا أنها واجهت الانقراض لأن التطور لا بد منه ولا رجوع عنه، لذلك وقوف الفصيلة فيمكانها هذا يعني أنها ستُسحق بعجلة التطور ولم يذكر لها ذاكر.

لذا يتوجب على المجتمع الحالي عدم الوقوف في المكان ذاته، والتأخر الحاصل على جميع الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية، هي حالة خطر تنذر جميع مفاصل المجتمع بالخطر المحدق فإما التقدم أو الهلاك.

وأن سبل هلاك التأخر كثيرة كالأمراض والاقتتال نتيجة الجهل المستشري أو هدر الأنفس

عن جهل مما وصل اليه العالم الخارجي من تقدم فسوء استخدام الحداثة أيضًا هلاك.

كأنك تأخذ بيد رجل من عام 1900 وتجبره على قيادة طائرة شراعية، فمن المؤكد سقوطه وموته مع إقلاعه "هذا في حال إقلاعه لكنه مستحيل".

وهذا مايسمى الجهل بالحداثة والتطور، فالتطور وحده لا يكفي دون عقول يستوعبها، وهذا العقول الموجودة تعتبر غالبية المجتمع لا تُبشر خيرًا فهي إلى اليوم مشغولة في تفسير الآية التي تقول:

(وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) (النساء: ٣)

فانشغلوا في مسألة المثنى والثلاث والرباع، وبات شغلهم الشاغل هل يُقصد بها لليتامى من النساء واللواتي لا يملكن ممن ورائهن من الأهالي والأوصياء عليهن ليقيموا على رعايتهن أم يقصد أحل لك أربعة من النساء مهما كانت الحالةالمعاشة لجهتين الرجل والمرأة، وأن معظم الانشغالات في هذا الإطار أو الانشغال في مسائل أخرى لا تغنيهم ولا تشبعهم من جوع إلا اتساع الجدل والتناحر والتنازع.

هم لا يتنازعون على المسائل الشرعية التي تنفع حياتهم المستقبلية والتي تصلح حالهم وتقوّم اعوجاجهم بل بالمسائل التي تثير الجدل بينهم وتشدد وتيرة النزاع.

لذلك تجد معظم الوقت يتقاتلون من أجل مسائل لا تقدمهم خطوة إلى الأمام كونهم اعتادوا على النزاعات والمشاحنات التي تؤخرهم وتعيدهم إلى القرون المتأخرة

ولا يشعرون بأن التطور سيسحقهم ويجعلهم هباءً منثوراً.

فيصبحوا كتلك المخلوقات التي عارضت التطور ولم تواكب هذه العجلة الكونية

فانقرضت بفعل التغيير الحاصل في الكون كله، فهؤلاء يعتقدون أن الكون قطعة زمنية متوقفة وهو يصول

ويجول خلالها ويذرع الأرض شرقًا وغربًا بطريقة العابث ولا يعتبر نفسه نقطة مفصلية في هذه القطعة الزمنية

ويتوجب عليه أن يساعد في دوران هذه القطعة الزمنية لكي يواكب العالم أجمع وينتج حالة من التغير الدائم لدعم عملية التطور.

إن هذا الكون كالسفينة في جميع أحوالها سائرة فمن استطاع التجديف نجا، ومن عارض هلك والجميع أحرار في طريقة أفكارهم، لكنهم ليسوا أحراراً في طريقة هلاكهم، فالكون لا يتوقف ولا ينتظر مجتمع عارض التطور

وأصر على التأخر بل يتخلص منه ليسير كما يسير في كل مرة.