السبت 04 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.92 ليرة تركية / يورو
40.78 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.89 ليرة تركية / ريال قطري
8.62 ليرة تركية / الريال السعودي
32.35 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.92
جنيه إسترليني 40.78
ريال قطري 8.89
الريال السعودي 8.62
دولار أمريكي 32.35

مهزلة الحل السياسي في سورية وخطورة القرار 2254

06 سبتمبر 2022، 02:58 م
مهزلة الحل السياسي في سورية وخطورة القرار 2254

الدكتور عبد المجيد الويس

أكايمي وباحث في مركز آرام للدراسات والنشر

06 سبتمبر 2022 . الساعة 02:58 م

      برزت في الآونة الأخيرة الدعوة الملحة من قبل الأطراف المعنية بالملف السوري، ولاسيما ممن يتبنى المعارضة السورية، إلى المفاوضات المباشرة مع نظام الأسد، على أساس تطبيق القرار 2254، علما أن المفاوضات بين المعارضة والنظام برعاية المنظمة الدولية والأطراف الراعية لم تتوقف، والاتصالات لم تنقطع، سواء أكان في جنيف واللجنة الدستورية، أم في سوتشي وأستانا؛ التي لم تجلب للشعب السوري الثائر سوى مزيد من الدمار والخراب والقصف والقتل والتشريد، وضياع الأراضي، وزيادة المهجرين والمهاجرين، وللنظام التقاط أنفاسه وإعادة الحياة إلى مفاصله، واستمراره بنهجه العدواني الاستبدادي المعروف، وتعنته أكثر، وتمكن الميليشيات الطائفية والاحتلال الروسي في البلد، ونهب خيراته، واستمرار قسد بنهجها الاحتلالي التخريبي، وسرقة النفط والغاز، وتهريب الأموال إلى جبال قنديل والعصابات الإرهابية المارقة والمافيا الدولية والكيان الصهيوني المستفيد الأكبر من كل ما جرى ويجري، سواء أكان على مستوى الشمال الشرقي السوري، أم على مستوى البلد ككل، ويتعداه إلى تمزيق العراق ولبنان وباقي الوطن كله.

      الشيء اللافت في الأمر أن الأطراف العربية والإقليمية والدولية التي كانت تدعم الثورة والمعارضة، وتنادي بالإطاحة بالأسد سلما أم حربا، غيرت موقفها، وأخذت تتراجع عن مواقفها السابقة حتى صارت إلى انظام أقرب منها إلى المعارضة، وظهر جليا أن مواقفها السابقة لم تكن جدية، وإنما كانت لعبا على الزمن لصالح النظام، وخداعا للمعارضة، لتكشف أخيرا عن مواقفها الحقيقية بأن الحديث عن زوال نظام بشار - ولا حتى تغيير شخصه فقط - واردا، وإنما بالتفاوض والتفاهم معه، وإجراء مفاوضات مباشرة، وهم يعلمون يقينا أنها لا تفضي إلى شيء، وإنما إلى تنازل النظام عن بعض المناصب الوزارية الخدمية للأشخاص المفاوضين الذين يعملون لصالح النظام أكثر من عملهم لصالح الثورة بشهادة لافروف نفسه الذي يقول مستغربا: إن المعارضة كانت توافق على قرارات واتفاقات ضدها، ولصالح النظام، كما نقل لي عنه أحد الزملاء المطلعين على بعض خفايا الأمور.

   في هذه السلسلة سأتكلم بشكل تفصيلي على القرارات والبيات التي صدرت عن مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة وتدرجت حتى وصلت إلى القرار 2254 سيء الصيت؛ الذي هو لصالح النظام كليا، ويعيد إنتاجه، ويقضي على تطلعات الشعب السوري بالحرية والانعتاق من ربقة النظام المجرم الذي لم يعرف العالم له مثيلا بإجرامه منذ أن خلقت الخليقة، ولا أظن أن يكون هناك من يماثله إلى قيام الساعة، وبدلا من أن يجتمع العالم على الخلاص منه ومن شروره، يجتمع العالم كله على المحافظة عليه، وإعادة إنتاجه، والقضاء على الشعب السوري، وتشريده وذبحه وإبادته، وإنهاء أحلامه وطموحاته المشروعة، بالحرية والكرامة والعيش الآمن المستقر السعيد، ومنعه من أن يمارس حياته السياسية كبقية شعوب الأرض؛ من خلال إقامة الدولة المدنية الديمقراطية التعددية الوطنية لكل السوريين، وتحقيق العدالة والمساواة بينهم، بما يتناسب مع التضحيات التي قدمها الشعب السوري في سبيل الوصول إلى ذلك.. وبالمحصلة فقد فشلت قوى الثورة في إسقاط النظام، وفشلت المعارضة في تحقيق أي شيء يذكر في المفاوضات، وفشل المجتمع الدولي في تحقيق طموحات الشعب السوري الثائر، وإليكم الأسباب:

أولاً- على مستوى الثورة: فشلت قوى الثورة السورية والمعارضة في تحقيق أهداف الثورة، لعدة أسباب، منها:

1- أنها لم تفرز قيادة سياسية ثورية حقيقية واعية مثقفة تعرف كيف تدير العملية السياسية وفق أهداف ومبادئ الثورة، وتفرض نفسها على المجتمع الدولي كممثل حقيقي للثورة؛ للوصول إلى حل سياسي مشرف.

2- لم تفرز قيادة عسكرية حقيقية، توحد وتقود العمل العسكري المسلح،  وتوجهه إلى تحقيق أهداف الثورة.

3- لم تحل مشكلة الفصائل المتهمة بالإرهاب (جبهة النصرة وتوابعها)، بدمجها بالثورة، أو الخلاص منها، وإبعادها عن المشهد، ومازالت هي القوة الضاربة، والخطر الحقيقي الذي يهدد وجود الثورة، ويمنع انتصارها ويعطي الذريعة للنظام والمحتل الروسي للقصف والقتل والدمار- بحجة محاربة الإرهاب دون أن تصاب بأذى- والمجتمع الدولي من الوقوف مع الشعب السوري، وحل قضيته العادلة.

4- لم تستطع إقناع الجنود والمقاتلين في صفوف جبهة النصرة، والفصائل التابعة لها من السوريين بالتخلي عنها، وعدم طاعتها، ورفض أوامرها الضارة بالشعب والثورة.

5- استمرت بعض شخصيات المعارضة السورية - التي تصدرت المشهد - بالعمل على تأمين مصالحها الشخصية، وتحقيق طموح الوصول إلى السلطة والثروة؛ على حساب الثورة والشعب، وتنفيذ أجندات النظام، والدول التي صنعتها وترعاها.

ثانيا- على مستوى المجتمع الدولي: فشلت اللقاءات التفاوضية التي انعقدت برعاية دولية، في جنيف وسوتشي وأستانا بتحقيق أهداف الثورة، وكذلك ما صدر عن المجتمع الدولي من قرارات وبيات كانت تصب في مصلحة النظام، ومن ثم مصالح هذه الدول وأمنها الوطني والإقليمي على حساب الثورة والشعب السوري، وهذه هي الأسباب والمآخذ:

1- على طاولة المفاوضات، لم تجلس المعارضة السورية الوطنية الأصيلة ولم تكن في الواجهة السياسية والإعلامية، ومن تصدر المشهد لم يمثل الإرادة الحقيقية للشعب السوري الثائر.

2- لم يكن هناك جدول أعمال واضح الملامح، يتضمن مبادئ الثورة، ولا أهداف الثورة، ولم تكن هناك مفاوضات حقيقية تهدف إلى التوصل لحل سياسي مشرف يحقق أهداف الثورة، وطموحات الشعب.

3- كانت المرجعية دائماً القرار الدولي 2254 الخطر جداً على الثورة السورية، لأنه يهدف بالمحصلة إلى إعادة إنتاج النظام من جديد، ويعطيه الشرعية الدستورية والجماهيرية التي فقدها.

4- تواصل أعمال القتل والتدمير، وانتهاكات حقوق الإنسان، وعدم حماية المدنيين، واستمرار القصف والقتل والتدمير بحجة محاربة الإرهاب التي نص عليها القرار، وسمح بها.

5- عدم تحميل المسؤولية للنظام، والتغاضي عن الجرائم ضد الإنسانية، التي اقترفها بحق الشعب السوري الثائر، ومساواة الجلاد والضحية، وبالنتيجة تزكية النظام وتبرئته.

6- جعلوا له اليد الطولى في قيادة وتسيير العملية السياسية الانتقالية، التي وجدت أصلا لتلبية التطلعات المشروعة للشعب السوري، في تحديد مستقبله بصورة مستقلة ديمقراطية.

7- منحوا له في حال إقامـة هيأة حكـم انتقاليـة أن تــضم أعــضاء مــن النظام، ومن المعارضــة، وله حق الاعتراض على الأشخاص في تشكيلها بناء على أساس الموافقة المتبادلة.

8- بذريعة توطيد الهدوء والاستقرار، يتم نزع سلاح الثورة، وتسريح أفرادها، وإعادة إدماجهم في جيش النظام من أجل الحفاظ على استمرار قواته العسكرية والأمنية الطائفية، ولاسيما أجهزة المخابرات.

9- تحت حجة الحفاظ على تأمين الخدمات العامة وسير عملها، فقد أكدوا على استمرار المؤسسات الحكومية والموظفين والأجهزة الأمنية.

10- على الرغم من إجحاف هذا القرار بحق الثورة السورية، فلم يلتزم النظام بتطبيقه ولا الدول التي قررته، على أمل هزيمة الثورة السورية، واستسلام الثوار.

11- ما زال بعض المعارضين السوريين الحالمين متمسكين بالحل السياسي، ويطالبون بتطبيق القرار 2254 برعاية دولية وإقليمية، ظنا منهم أنه الحل الأمثل، وهم يفعلون ذلك إما جهلا بالقرار وما فيه، أو تجاهلا ورغبة في تحقيق مكاسب شخصية، وإرضاء الدول التي تحتضنهم على حساب الثورة والشعب............... يتبع..