بيانات مجلس الأمن الدولي

انطلق الربيع العربي من تونس الخضراء بزعامة البو عزيزي[1]، وهذه رواية موقع (ميدل إيست): يقول موقع middle east eye البريطاني:

• كان بوعزيزي، البالغ من العمر وقتها 26 عاماً، يبيع الفاكهة والخُضر في الطرقات، جانياً ما يكفي عائلته المكونة من ثمانية أفرادٍ، ويُبقي إخوته الخمسة الأصغر منه في مدارسهم.
• لكن رزقه تعرض للتهديد حينما صادرت شرطيةٌ موازينه وبضاعته في السابع عشر من ديسمبر/كانون الأول عام 2010. وكلما ذهب إلى السوق كانت الشرطة تُغرّمه لإدارته متجراً متنقلا دون ترخيص".
• في العاشرة من صباح ذلك اليوم، صفعته الشرطيةٌ، وبصقت على وجهه، وشتمت أباه المتوفى، فذهب بوعزيزي، إلى البلدية المحلية مستنجداً، غير أنهم طلبوا منه الرحيل لأن المأمور كان في اجتماعٍ، وهو عذرٌ معتادون على سماعه.
• غادر بوعزيزي المكان، لكنه عاد بعد ساعةٍ في الحادية عشرة والنصف صباحاً وقد غمر نفسه بالتنر، وأشعل النار في نفسه أمام المبنى، وعلى الفور أشعل بوعزيزي حالة هياجٍ في المدينة، كانت شرارة ثورةٍ شعبيةٍ ضد تسلط زين العابدين بن علي، وخلال أربعة أسابيع، أُطيح بزين العابدين ولاذ بالفرار إلى السعودية، لينتهي بذلك استيلاؤه على الحكم الذي دام ثلاثة وعشرين عاماً.

       لم يلبث الربيع العربي طويلا في تونس حتى انتقل شرقا إلى مصر، ومنها عاد غربا إلى ليبيا، ليذهب جنوبا إلى اليمن، ثم يصعد شمالا إلى سورية.. فتبدأ حالات فردية في دمشق، في 15/ 3/ 2011م، ما لبثت أن تطورت سريعا في درعا بسبب اعتقال الأطفال وتعذيبهم ومعاقبتهم على شعارات كتبوها على جدران مدرستهم: (جاك الدور يا دكتور)، لتنطلق ذئاب وكلاب وضباع بشار الأسد المتوحشة؛ تنهش أجسادهم وتمثل بهم، وتقتل عددا منهم، ويقول عاطف نجيب ابن خالة الرئيس بشار مقولته الشهيرة: (انسوهم وخلفوا غيرهم، أو هاتوا نساءكم إليها تحمل غيرهم). فينفجر الوضع في درعا 18/ 3/ 2011م، فيقابلها الأمن بالرصاص، فتسعر نارها، وتمتد ألسنتها إلى باقي محافظات القطر، فيتحول البلد كله إلى ثورة شعبية عارمة[2].

     ومن الطبيعي أن تتدخل الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي في حدث عالمي  كبير كهذا، سلبا أم إيجابا، فصدر البيان الأول في 3/8/ 2011م، أي بعد أربعة أشهر ونصف على استحياء.. وهذا نصه: 

البيان الأول:

الأمم المتحدة .. بيان من رئيس مجلس الأمن..  3 /August/ 2011

    في جلــسة مجلــس الأمــن ٦٥٩٨ المعقــودة في ٣ / آب أغــسطس ٢٠١١م، أدلى رئــيس مجلس الأمـن باسـم المجلس بالبيـان التـالي فيمـا يتعلـق بنظـر المجلس في البنـد المعنـون "الحالـة في الشرق الأوسط":

• يعرب مجلس الأمن عن قلقـه البـالغ مـن تـدهور الوضـع في سـوريا،
• ويعـرب عن أسفه العميق لوفاة مئات عديدة من الأشخاص.
• ويـدين مجلـس الأمـن انتـهاكات حقـوق الإنـسان الـتي ترتكبـها الـسلطات السورية على نطاق واسع.
• كما يدين استخدامها القوة في حق المدنيين.
• ويـدعو مجلـس الأمـن إلى وقـف فـوري لجميـع أعمـال العنـف ويحـث جميـع الأطــراف علــى أن تتحلــى بأقــصى درجــات ضــبط الــنفس، وأن تحجــم عــن أعمــال الانتقام، بما في ذلك الهجمات الموجهة ضد مؤسسات الدولة.
• ويهيب مجلس الأمن بالسلطات السورية أن تحتـرم حقـوق الإنـسان احترامـا كاملا وأن تتقيد بالتزاماتها بموجب القانون الدولي.
• وينبغـي محاسـبة المـسؤولين عن أعمال العنف.
• ويلاحظ مجلس الأمن التزامات الإصـلاح الـتي أعلنتـها الـسلطات الـسورية، ويأسف لعدم إحراز تقدم في تنفيذها.
• ويدعو الحكومة السورية إلى الوفاء بالتزاماتها.
• ويؤكـد مجلـس الأمـن مـن جديـد التزامـه القـوي بـسيادة سـوريا واسـتقلالها وسلامة أراضيها.
• ويشدد على أن الحل الوحيد للأزمة الحالية التي تشهدها سوريا إنمـا يكـون مـن خـلال عمليـة سياسـية جامعـة بقيـادة سـورية، تـهدف إلى تلبيـة تطلعـات السكان المشروعة، ومعالجة شـواغلهم علـى نحـو فعـال، بمـا يـسمح لهـم جميعـا بممارسـة الحريات الأساسية ممارسة كاملة، ويشمل ذلك حريتي التعبير والتجمع السلمي.

    كان الشعب السوري ماضيا في ثورته، ولا يدري ماذا يخطط له في الخفاء، وماذا كانت الأنظمة العربية المستبدة تعمل، وقد بدأت علامات الثورة المضادة تظهر، وتشير إلى دور خفي للمملكة العربية السعودية، ودور ظاهر للإمارات العربية المتحدة - الوجه القبيح واليد القذرة للسعودية -  من خلال الموقف المعارض للروس والصينيين، واستعمال حق الفيتو لاحقا، والموقف السلبي للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، ودور متآمر للأمم المتحدة والمراقبين الدوليين برئاسة الخائن الدابة السوداني الذي كان يحاول تشويه الوقائع، وقلب الحقائق، لصالح النظام المجرم، على حساب الثورة والثوار، ومن يذهب إلى السودان ويرى هول الفساد المستشري فيه، لا يعجب مما فعله الدابي وغيره[3]، وقد حاولوا أن يظهروا تعاطفهم مع الشعب السوري، فأنشأوا لجنة الدعم والموك والموم وغيرها ليتبين لاحقا أنها كانت كلها تعمل على إجهاض الثورة في سورية، والمحافظة على نظام بشار الأسد.

وفي قراءة سريعة لما بين السطور في هذا البيان يسجل الباحث الملاحظات الآتية:

1- الأسف العميق والقلق البالغ، وثقافة القلق التي جسدها الأمين العام للأمم المتحدة (بان كيمون) لاحقا، وجعلها لازمة من لوازم مجلس الأمن، والأمم المتحدة، وهذا كلام رفع عتب، وتخل عن واجب تجاه المجرمين، وما يفعلون.

2- يدين مجلس الأمن استخدام القوة، والانتهاكات التي تمارسها السلطات السورية على نطاق واسع، ضد المدنيين، وهذه بادرة خير كان يجب أن تطور وتستثمر لصالح الشعب السوري، ولكن للأسف لم يحصل شيء من هذا، والذي حصل العكس تماما، فقد تمادى النظام بإجرامه أكثر، دون رادع.

3- ينبغي محاسبة المسؤولين، ولكن لم يُحاسَب مسؤول واحد، بل العكس من ذلك، ظل المجرمون يمارسون إجرامهم بأبشع الطرق، ويرتكبون المجازر بحق الشعب الثائر الأعزل، ولهذه اللحظة لم يجنح الشعب إلى العنف، وظل ينادي بالسلمية.

4- يشير إلى عملية سياسية بقيادة سورية، تـهدف إلى تلبيـة تطلعـات السكان المشروعة، وتطلعات الشعب كانت تأمل بالتغيير الجذري للنظام، ورحيله  بطريقة سلمية، وهذه العملية لم تحصل إلى الآن، وما حصل مسرحية هزلية شارك العالم كله بما فيهم بعض شخصيات المعارضة السورية التي صادرت قرار الثورة السورية لحساب بشار الأسد وأنظمة القمع العربية التي نصبتهم وصدرتهم المشهد، وأغدقت عليهم الأموال، ومازالت فصولها إلى اليوم من خلال الدستورية وسوتشي وأستانا.. وما يبشرونا به اليوم شيء خطير..

يتبع..