الإثنين 08 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

الشمال السوري: الإصلاح بات حتمياً أو الانفجار

02 نوفمبر 2022، 09:04 م
الشمال السوري: الإصلاح بات حتمياً أو الانفجار

د. زكريا ملاحفجي

كاتب وسياسي سوري

02 نوفمبر 2022 . الساعة 09:04 م

الثورة كمصطلح سياسي هي الخروج عن الوضع الراهن وتغييره باندفاع يحركه عدم الرضا أو التطلع للأفضل، وهي ظاهرة مهمّة في التاريخ السياسي، فحين يحاول الشعب إخراج السلطة الحاكمة، تستخدم المجموعات الثورية العنف في محاولة إسقاط حكوماتها، فهي اندفاع عنيف من جماهير الشعب نحو تغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية تغييراً أساسياً.

فالثورة أداة لهدف التغيير وتهديم ما استعصى إصلاحه أو تغييره، وبحال بقي مستعصياً فلا بدّ من قيام سلطة بديلة لها شرعيتها الثورية، تحقق أهداف هذا الاندفاع والتدافع الجماهيري.

 وليست الثورة كحالة بحد ذاتها مبتغى أو هدف بذاته أو قيمة في حدّ ذاتها، وإنَّما أداة قوية عنيفة تنشد التغيير وطالما هي فعل تهديم، فلا بدّ من قيام سلطة ثورية بديلة تحقق الهدف وتكمل الطريق وتحقق للناس الحد الأدنى من الطموح، ولا يُترك الناس فوضى لا سراة لهم.

فبهذه الحالة سيتجاوز التهديم والتآكل الداخلي البنية الداخلية، ويصبح كلّ فرد هو سلطة، وكلّ مجموعة سلطة وتنشأ سلطات بُقَعية متباينة ومختلفة وأحياناً متنازعة كما يحصل اليوم في الشمال السوري، لاسيّما بغياب القيادة الواحدة الحقيقية الموجودة على الجغرافيا السورية، وبهذه الحالة حيث غياب السلطة والقيادة وتحقيق أهداف الناس عبر مؤسسات حقيقية، تتحوّل الثورة أو العمل العنفي والمجموعات الثورية إلى فعل تهديم اقتصادي واجتماعي وثقافي وقِيَمِي وهُويّتي، حتى لا يبقى منّا شيء مما كان، وليس مما ننشده أو نشدناه!.

لهذا يتحتم علينا جميعاً إعادة إطلاق مسار الإصلاح لهذا الواقع الذي نحن عليه وإفساح المجال له وليس ترسيخ هذه الحالة من التآكل الداخلي.

ولا إصلاح دون سلطة، سلطة حقيقية وليست صورية كعناوين بلا مضمون أو مضامين ضعيفة، فعدم السلطة سبب كلّ بلاء، وشرعية تلك السلطة تكمن بمدى قربها من وجدان الناس ومشاكلهم وأهدافهم التي اندفعوا من أجلها، لاسيما هناك غياب للحل الكلي في سوريا.

فكلّ مجتمعٍ ثائرٍ بلا ثورة أُنجزت هو مجتمع بلا سلطة، وكل مجتمعٍ بلا سلطة، هو ضياع وشتات، وفوضى بشرية لا ضابط لها.

والرضوخ لهذا الواقع دون سعي حثيث لإصلاحه وتغييره بمنطق عقلاني واعي ينشد النهوض المستمر، هو استسلام للشتات الذي نحن فيه، والقوى الجماهيرية التي انفجرت يوماً للتغيير هي مهيأة لتعاود الكرّة مالم تشعر بالعدل وترى من يسوس أمورها ويسعى لصلاح حالها، فمن يتجول اليوم في المناطق السورية كلّها ويجلس مع الناس في أزقة الشوارع والجلسات الشعبية يرى مدى السخط والاحتقان الذي في النفوس وحُق لهم ذلك.

فهذه الحياة لاتشبه الحياة، وكل بقعة في سوريا تحمل كمون داخلي للانفجار بأيّ وقت كان وربّما المسؤولية الأكبر تقع على مناطق الثورة والمعارضة التي تحمل التغيير هدف، والتي تتجمّع فيها قوى جماهيرية كانت انفجرت يوماً ضد الاستبداد ولاتزال، لكن تعيش حالة لا توصف من البؤس ويعيشه كلّ السوريين من ازدياد الفقر والجهل والتسرّب من التعليم والشتات والتراجع الاقتصادي وغياب المنشآت الاقتصادية حتى الصغيرة منها، لتوفر فرص عمل للأيدي العاملة فهذا يخلق حالة من الضغط الذي يولد الانفجار مالم يتدارك عقلاء قومنا تلك الحالة، وتتحقق السلطة الحقيقية التي تدير شؤون الناس وتنشد مصلحتهم وخدمتهم، أو أمامنا المزيد من الضياع والشتات الذي يهدد بالانفجار.

وحالة الاقتتال الأخيرة لمجرد التنازع وحل الخلافات بالقوة دون الذهاب للقضاء وتمكين المؤسسات وبقاء الحالة الفصائلية رغم عنوان الجيش الوطني!، لكن واضح أنَّه عنوان صوري لليوم، وآن الأوان ليكون عنوان حقيقي لمؤسسة عسكرية، حتى تجرؤ هيئة تحرير الشام لبسط النفوذ بظل الاقتتال الفصائلي، فأدخلنا بدوامة التنازع والاقتتال ومحاولات بسط النفوذ، وكلّه بسبب غياب السلطة الواحدة والمؤسسات الحقيقية الجيش، العدل، الشرطة (...).

فنحن بعد الأحداث الجارية وفي ظلّ انسداد أفق الحلّ السياسي، فنحن بحاجة إصلاح حقيقي وسريع أو الانفجار والضياع لما تبقى، فالمتربصون كثر، وآن الأوان لتفعيل مؤسسات حقيقة تحقق تطلعات الجماهير بإدارة شؤونه بلا استبداد وظلم وبلا تنازع فوق رؤوس المدنيين الذين لليوم صابرين من أجل هدفهم وأكثر من مليون منهم يسكنون قرى من القماش (مخيمات) منذ سنين يتطلعون لحياة كالحياة فقط.

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة آرام ميديا

اقرأ أيضاً: الصراع على النفوذ يدخل الشمال السوري في جدلية "الأخضر" و"الأسود" 

شاهد إصداراتنا: