مع دخول اليوم الأول من عام 2019، كانت المعارضة السورية على موعد مع اقتتال داخلي في منطقة خفض التصعيد بين الجبهة الوطنية للتحرير وهيئة تحرير الشام التي كانت تبذل كامل جهدها للسيطرة على مفاصل الحكم.
ذلك تسبب في إضعاف قدرة المعارضة على الصمود العسكري التي كانت تترقب حملة متوقّعة لاجتياح آخر معاقلها شمال البلاد.
ومع بدء الحملة البريّة لقوات النظام السوري بغطاء من روسيا ولاحقاً إيران، استطاعت فصائل المعارضة إبطاء الهجوم ورفع تكلفته العسكرية، لكنها بنفس الوقت لم تتمكّن من إيقافها نهائياً، مع غياب الرغبة لدى هيئة تحرير الشام بمشاركة فاعلة، إذ لم ترَ غالباً أيّ جدوى لانخراطها الكبير في ظل استحقاقات أخرى قد تواجهها مستقبلاً تجادل فيها على بقائها والحفاظ على مكاسبها.
وفي الواقع، باتت المعارضة السورية أمام تحدّ كبير إزاء التعاطي مع مستقبل هيئة تحرير الشام في ظل غياب القدرة على مواجهتها وعدم إمكانية الاعتماد على تعاون عسكري فاعل معها لتحقيق تغيير ميداني في خارطة السيطرة والنفوذ.
وبمرور الوقت، تشكّلت قناعة لدى فصائل المعارضة بعدم جدوى التعويل على أي دور لنقاط المراقبة التركية في الحدّ من هجوم أو حملة عسكرية جديدة قد يشنّها النظام السوري بدعم من حلفائه.
كل ذلك، ربّما ساهم باندفاع المعارضة السورية نحو ضرورة توحيد المكاسب والإنجازات العسكرية لها في مناطق عمليات تواجد الجيش التركي، وهو ما تم تفسيره باتخاذ خطوة انضمام الجبهة الوطنية للتحرير إلى صفوف الجيش الوطني السوري.
بدوره، وجد النظام السوري في عام 2019 هامشاً مناسباً لاستمرار سيطرته الميدانية شمال البلاد في ظل عجز اتفاق سوتشي (2018) عن إخضاع المنطقة العازلة لسيطرته أو لنفوذه. ولم يختلف الحال بالنسبة له في شرق الفرات مستفيداً من المأزق الذي وقعت فيه قوات سورية الديمقراطية مع إعلان الولايات المتحدة الأمريكية الانسحاب من شمال شرق سورية على طول الشريط الحدودي.
ولم يحمل عام 2019، حظوظاً جيدة بالنسبة لقوات سورية الديمقراطية التي واجهت أكبر تحدّ لها منذ تأسيس الإدارة الذاتية من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي عام 2014.
وواجه تنظيم "داعش" في عام 2019 مزيداً من الانحسار على صعيد الأنشطة العسكرية والقيادة التنظيمية.
ويتناول هذا التقرير التغيرات التي شهدتها نسب السيطرة على الأرض لكل الفاعلين، وأثر هذه التغيرات على التموضعات العسكرية والسياسية في العام الجديد.