الخميس 04 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

عدسة على الإدمان الرقمي.. مخاطر وواجبات (8)

09 مارس 2023، 01:41 ص
الإدمان الرقمي- جهاز كمبيوتر
الإدمان الرقمي- جهاز كمبيوتر

أروى سليم السوادي – آرام

في خِضَم التغيرات السريعة التي يشهدها عصرنا الحالي، وتطور تكنولوجيا الإنترنت والتي تحمل في طياتها جوانب إيجابية يمكن استخدامها بطريقة نافعة وجوانب سلبية ينبغي الحذر منها.

ومما لا شك فيه أن غالبية الممارسات اليومية تحولت للشكل الرقمي عبر شبكة الانترنت وهذا أدى إلى ظهور مالم يكن موجوداً في السابق، وهو الإدمان الرقمي والذي تكمن مشكلته الأساسية في فقدان الشخص السيطرة على حياته الواقعية مع مشكلة تخصيص الوقت على الأجهزة الالكترونية، مما يوصله إلى العديد من المشاكل الشخصية والعائلية والاجتماعية والعاطفية والمهنية.

ومع سهولة الوصول إلى العالم الرقمي واستخدامه خصوصاً، وقد أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياة الإنسان، صار الإدمان عليه أكثر شيوعاً بين مختلف الفئات العمرية والشرائح المجتمعية، حتى كأن العالم الرقمي الجديد يقوم بنشر خيوط الإدمان حولنا، حيث أن الافراط في استخدام الانترنت يؤثر على طبيعة حياتنا.

سنتناول في هذا البحث الإدمان الرقمي من عدة جوانب أساسية فقط، كي نلقي الضوء عليها عَلّها تنفع وتفيد.                                              

يُعرَف اضطراب إدمان الإنترنت Internet Addiction Disorder (IAD) باسم استخدام الإنترنت الإشكالي أو الاستخدام المَرَضي للإنترنت وهو بشكل عام تدمير ذاتي واستخدام إشكالي قهري للإنترنت، مما يؤدي إلى ضعف كبير في وظيفة الفرد في مجالات الحياة المختلفة على مدى فترة طويلة من الزمن.

مجالات الإدمان على الإنترنت قد تكون:

  1.  إدمان عام لا يرتبط بمجال معين.
  2. أو إدمان خاص على المواقع الاجتماعية أو الألعاب أو القمار أو التجارة الإلكترونية أو الإدمان على زيارة المواقع الإباحية، وهناك إدمان البحث عن المعلومات القهري.

يمكن تشخيص الإدمان في حال وجود عدد من الأعراض منها استخدام الانترنت وسيلة للهروب من مشكلات الحياة اليومية، وإهمال الحياة الخاصة والتقليل في استخدام الانترنت والتكتم حول استخدامه.

مخاطر الإدمان الرقمي على الصحة العقلية والنفسية والجسدية

حين يقع الفرد في فخ الإدمان الرقمي فسيكون لذلك تأثير على العديد من جوانب حياته سنتناول هذا التأثير من جوانب صحية ثلاثة، وهي الصحة العقلية والنفسة والجسدية.

على الصحة العقلية:

  • يتطور الإدمان الرقمي من خلال إطلاق الدوبامين المتكرر في الدماغ، والذي يؤدي بمرور الوقت إلى تغييرات هيكلية في بنية الدماغ المرتبطة بالإدمان على مستوى الدوائر العصبية، تُقَوض قدرتنا على التركيز وتنظيم الحالة المزاجية والتواصل مع الآخرين حتى يصبح هذا الإدمان قهرياً وإشكالياً، وتتشابه التغيرات التي تطرأ على الدماغ إلى حد كبير بين الإدمان المرتبط بالمواد وإدمان الانترنت والألعاب.

على الصحة النفسية:

  • زيادة خطاب الأفكار (المؤدي إلى الهوس والاضطرابات النفسية الأخرى) وأعراض الشخصية الحدية.
  • انخفاض التركيز، وزيادة الصراعات في العلاقات مع الآخرين، وانخفاض معدل الأداء في الدراسة والعمل.
  • تدني احترام الذات والتصلب النفسي والقلق والاكتئاب وزيادة الاندفاع واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
  • الذين يعانون من إدمان الانترنت لديهم معدلات أعلى بكثير من التفكير والتخطيط والمحاولات الانتحارية.

على الصحة الجسمية:

  • قلة النشاط البدني والذي يؤدي إلى زيادة مخاطر السمنة وضعف جودة النوم وزيادة أعراض الأرق والتعب وكلها مرتبطة بمعدل وفيات أعلى.
  • زيادة عدد حالات الإصابة بأمراض القلب والعمود الفقري، والتهاب الأوتار نتيجة استخدام الهواتف في أوضاع وهيئات غير صحيحة.

مخاطر الإدمان الرقمي على العلاقات الاجتماعية وإنتاجية الأفراد
شكّل التفاعل مع الآخرين المحرك الرّئيس لتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي على اختلاف أنواعها، حتى أدّى هذا التفاعل إلى الإدمان على كثير من تلك التطبيقات مما استدعى جبهة مضادة لمواجهة المخاطر والأضرار التي نتجت عن الاستخدام السيّئ للتطبيقات الذكية، قبل أن يصل "المدمنون الرقميون" إلى الانتحار!

فالإدمان على الانترنت يؤدي إلى ضعف قدرة المدمن على ضبط الذات واضطراب علاقاته الاجتماعية، وانخفاض مستوى الإنتاجية لديه.

ولتوضيح الأمر وتسهيله سنذكر خمسة أبعاد نقوم من خلالها بتقييم الإدمان الرقمي وقدرته على فقدان التحكم في الحياة الواقعية وهي:

  1. العلاقات الاجتماعية كلما قلت وقابلها زيادة في العلاقات الافتراضية دل ذلك على الإدمان الرقمي.
  2. حين تتحول المشاعر للصورة الآلية بعيداً عن المشاعر الإنسانية كالتسامح وقبول الآخر دل ذلك على الإدمان.
  3. الامتناع عن الضروريات كتفضيل الانشغال بلعبة أو محادثة عن الطعام مثلاً يعد مؤشراً على الإدمان الرقمي.
  4. البيئة التنافسية الموجودة في العالم الرقمي، وخصوصاً في الألعاب الالكترونية تجعل المستخدم في حالة صراع دائم وتنافس مع كل ما يحيط به.
  5. إذا أحس الفرد بانخفاض معدل الأمان الداخلي أو الخارجي دلّ على الإدمان الرقمي نتيجة تعرضه بشكل مستمر للأخبار السيئة، والتي تؤثر على إدراكه لما هو جميل في الحياة.

في الشبكات الاجتماعية لا يهم من أنت أو ما تملكه أو حتى ما تقوم به، وإنما الذي يهم هو ما تشاركه مع العالم على صفحتك، وفي إشارة لإحدى الدراسات ذكرت أن أكثر من نصف مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي يعتقدون أنهم أكثر بؤساً ويأساً من أصدقائهم على العالم الافتراضي.

من الأضرار الاجتماعية للإدمان الرقمي التجسس ومعرفة معلومات عن الأفراد واستخدامها في الابتزاز والتهديد، إضافة إلى أن المستخدمين لفترات طويلة قد يتأثرون بأفكار غريبة أو مضطربة تشكل خطراً عليهم وعلى المجتمع أجمع.

مخاطر الإدمان الرقمي على الهوية القيمية والدينية وأخلاق الأطفال واليافعين

ألقى التطور التقني وخصوصاً الاتصال الرقمي بظلاله على جميع أنماط الإنسان بما في ذلك تنشئته وتربيته، هذه المهمة التي كانت موكلة للآباء ومحصورة سابقاً بعدد محدود من الأشخاص المحيطين بالفرد، صارت الآن مفتوحة على فضاء الإعلام والاتصال الرقمي السريع التطور، وتأثيره على خلق أنماط جديدة للسلوك.   

هذا التطور التكنولوجي المتلاحق أوجد فجوة بين جيل الآباء وجيل الأبناء، فقدرة الأبناء على التعامل والتفاعل مع وسائط متطورة قد لا يستطيع الأهل استخدامها بأنفسهم عزز من هذه الفجوة، وجعل الأبناء أطفالاً ومراهقين يقعون فريسة سهلة سواء بالإدمان أو بالتحرش الإلكتروني أو الابتزاز واستغلالهم في الترَبُّح  أو من خلال التعرض لأفكار تتعارض مع قيمنا وأخلاقنا وديننا دون الوعي بالتسلح بثقافة الاختيار لما يتناسب مع أخلاقنا ومبادئنا كمسلمين، وبالنتيجة انتشار الانحلال والانحراف والعنف وزيادة الحوادث الشاذة التي لم نكن نسمع عنها سابقاً.

في دراسة تم طرحها أطلقت اسم جيل الانترنت على هذا الجيل الحالي توصلت إلى بعض الصفات المميزة لهم أهمها: صفة النرجسية، فهم يحبون ذواتهم ولا يعرفون الإيثار، ويحملون الانتقام وقلة التدين في نفوسهم، وعدم احترام قيم الدين والمجتمع، ومما يزيد الأمر خطورة أن كثيراً من هؤلاء اليافعين يبني شخصية بديلة له على الإنترنت وفي وسائل التواصل الاجتماعي، فتتغير بداخلهم الطريقة التي يتصورون بها هويتهم الذاتية.

مما لا شك فيه أن نشر الوعي إزاء استخدام الانترنت هو مسؤولية مشتركة لجميع أفراد المجتمع بدءاً من الآباء والمعلمين والمسؤولين عن مقاهي الانترنت، وصولاً إلى العاملين في مجال الصحة النفسية.

ولا سيما أنه لا مجال للعودة في مجال التكنولوجيا الرقمية، وكل الجهود لتجاهلها أو تقييدها بالتشريعات ستبوء بالفشل غالباً، المهم أن يتم وضع سياسات ذكية تعظم فوائد التكنولوجيا وتعمل على تقليل الارتباكات الحتمية المصاحبة لهذا التطور.

وختاماً: أثناء تعاملنا مع التكنولوجيا الحديثة يتوجب الانتباه إلى معنى مهم، وهو ضرورة التمييز بين الارتهان لهذه التكنولوجيا فيصير الشخص ضامراً نفسياً أمام سطوتها، وبين أن يتم توظيف هذه التكنولوجيا لصالح الفرد والمجتمع.

نسأل الله أن يرزقنا الحكمة ويحفظ أولاد المسلمين من كل ما يؤذي عقيدتهم ودينهم.

المقالات المنشورة تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي شبكة آرام ميديا

اقرأ أيضاً: عدسة على الإدمان الرقمي.. مخاطر وواجبات (2)

شاهد إصداراتنا: