الجمعة 05 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

انعكاسات المصالحة السعودية الإيرانية على الملف السوري

19 مارس 2023، 09:23 م
انعكاسات المصالحة السعودية الإيرانية على الملف السوري

د. باسل معراوي

كاتب وسياسي سوري

19 مارس 2023 . الساعة 09:23 م

لم تكن الأنظمة العربية عامةً (والخليجية خاصةً) مُرَحبة بانتفاضات أو ثورات الشباب العربي لأسباب عديدة، منها: خوفها من نجاح تجارب في دول قد تُصبح نموذجاً يحتذى به (خاصة في دول محورية كمصر وسورية) وأسباب أخرى كالتصدي لوصول حركات دينية سياسية للسلطة تُشَكل بأيديولوجيتها العابرة للحدود خطراً على الدولة الوطنية، أو بسبب الخوف من استغلال إيراني لحالة الفوضى أو الفراغ التي ستنشأ في تلك البلدان، أو بسبب الخوف من توجه أمريكي تَم اعتماده بعد نهاية الحرب الباردة وانتصار الولايات المتحدة بها بِنَشر نموذج الفوضى الخلاقة.

بمعنى عدم حاجة الولايات المتحدة لدعم أنظمة مكروهة من شعوبها خوفاً من تَوجه تلك الأنظمة للمعسكر الآخر، أو لأسباب أمريكية غربية تَجسدت بعد ضربات الحادي عشر من أيلول 2001، بخلق بُؤر تَوتر في الدول العربية الإسلامية تراها المنظمات الجهادية المتطرفة ساحة خصبة تَمتص جهودها بصراعات في بلدانها مع بعضها أو مع أنظمة الحكم فيها بحيث تَصرف جُل جهودها في تلك الصراعات وتنكفئ عن استهداف الغرب، بمعنى احتوائها وإشغالها بصراعات بعيدة عنها.

كُل دولة انطلقت من سبب أو أكثر لمعاداة الربيع العربي، ومحاولة إجهاضه أو حرف مساره أو استغلاله لخدمة أجنداتها.

عموماً كان التدخل الخليجي في سوريا منصباً على مَنع هيمنة إيرانية كاملة والتصدي لأوجه التغلغل الإيراني المختلفة، وتَجلّى ذلك بوصول الدعم العسكري والمادي لجهات محلية كانت أهدافها لا تتوافق أو تنسجم مع أهداف ثورة الشعب السوري، بل ربما بعضها يعادي الثورة السورية عن علم أو جهل.

وبسبب السيطرة الطاغية للولايات المتحدة من الخلف على دقائق المشهد السوري وتخادمه حتى 2015 مع الأهداف الإيرانية (وفق ما تسمح به الولايات المتحدة)، والتدخل المباشر للقوة العظمى العسكرية المتوحشة الثانية في العالم إلى جانب النظام السوري وحلفائه الذين كانوا قاب قوسين أو أدنى من الهزيمة، انكفأ تماماً التدخل الخليجي (والسعودي خاصة) حيث أدرك الخليجيون حجم التفاهمات الروسية/الأمريكية على الأرض، وبالتالي باركت دول الخليج التدخل الروسي على أمل أن يكون بديلاً للهيمنة الإيرانية، حيث لا مشكلة أو خطر عليهم من نفوذ روسي قوي في سورية عوضاً عن نفوذ إيراني.

ومُنذ ذلك التاريخ لم يَعد لدول الخليج أي أدوات مُهمة أو لم تعد تملك مَلفات مُؤثرة في الشأن السوري خاصةً بعد تسليم مناطق الغوطة والجنوب السوري للاحتلال الروسي بمباركة أمريكية، عربية، عبرية.

حتى إن القوة الوحيدة المؤثرة الموجودة على الأرض الداعمة للثورة، وأقصد هنا تركيا، كانت العلاقات متوترة بينهما ووصلت في إحدى المراحل إلى القطيعة والتنافس، قبل أن تعود إلى طبيعتها مؤخراً.

لكن الموقفين السعودي والقطري بقيا ثابتين وصامدين في وجه كُل الضغوط الروسية، خاصةً بعد عام 2018 لإحداث اختراق يُترجِم تَقدمه العسكري على الأرض إلى مُنجز سياسي يَتجلى بتطبيع العلاقة مع نظام الأسد والمساهمة بتذليل مصاعبه الاقتصادية، وقد يكون الروس حلموا بما هو أكبر كمساهمة الخليج بإعادة إعمار ما دمرته طائراتهم وبراميل الأسد، ودعم مسار أستانا أو أي مسار آخر يتجاوز مسار جنيف الأممي ويكون بديلاً عنه.

حتى إن المملكة أشاحت بوجهها عن هيئة التفاوض السورية (التي كان لها الدور الأكبر بإحداثها) وتَخلت عنها فعلياً وتركتها أسيرة الهيمنة التركية. وحتى أن الدعم الإنساني والإغاثي تَقلص لحدوده الدنيا ونعلم أن جُل الدعم المقدم للشعب السوري هو غربي وقطري.

وكان كُل ذلك الانكفاء السعودي يسير موازياً لازدياد النفوذ الإيراني بمختلف أشكاله وتَجذره، وفشل الرهان على تصادم المشاريع أو المصالح الإيرانية الروسية على الأرض السورية، فتلك التناقضات الآنية والمحدودة كان التحالف الروسي/الإيراني الأوسع والأعمق قادراً على احتوائها أو تجاوزها.

ولا شك أن الساحة السورية بِتعقيداتها المعروفة هي أكبر من أي دور سعودي أو إيراني أو الاثنين معاً، وذلك لكثرة وقُوة اللاعبين الدوليين والإقليميين الموجودين عسكرياً على الأرض.

فسوريا هي أولاً ساحة للصراع الكوني المُحتدم منذ أكثر من سنة بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة وروسيا من جهة أخرى، وليس مُستبعداً تطاير الشرر الأوكراني إليها.

كما أن سوريا تُعتبر نموذجاً فريداً للتخادم أو التنافس أو الصراع الأمريكي/الإيراني على الملف النووي وملفات أخرى، وتدور رحى صراع رمادي بينهما يَتجلى بقصف وقصف مُضاد بين الفريقين.

كما أن سوريا هي ساحة للصراع الإسرائيلي/الإيراني منذ سنوات عديدة عبر عملية تُسمى جز العشب أو الحرب بين الحروب غايتها منع تَموضع عسكري إيراني نوعي في سوريا يَستهدف العمق الإسرائيلي.

كما يُشكل الشمال السوري عمق أمن قومي تركي الأمر الذي حدا بأنقرة إلى بسط حمايتها ونفوذها على 20 ألف كيلومتر مربع بمساعدة حلفائها السوريين وتَطمح للمزيد.

أيضاً ما يُميز الملف السوري عن غيره من الملفات في المنطقة أنه مُدَوَّل منذ بيان جنيف1 في حزيران 2012، وصدرت عدة قرارات دولية مُتعلقة به كالقرار 2118 و2254، وغيرهما.

ويوجد عشرات التقارير والوقائع المُثبتة عن ارتكاب النظام لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، سَتُنظر يوماً ما أمام محاكم دولية.

كما أن اللاءات الغربية الثلاث، لا للتطبيع، لا لرفع العقوبات، لا لإعادة الإعمار مرفوعة علناً بوجه النظام ويستحيل اختراقها، مَشفوعة بقانون أمريكي هو قانون سيزر سَيتبعها قانون كبتاغون الأسد الذي جرى إقراره في الكونغرس الأمريكي بمجلسيه، ووقع عليه سيد البيت الأبيض، وسَتُطبق العقوبات المُتعلقة به بعد أن تصبح جاهزة، حيث سَتُقدم الإدارات الأمريكية التنفيذية المختصة (المدنية والعسكرية والأمنية) خططها العملية لمكافحة تهريب المخدرات والعقوبات المُتوجب فرضها على الأسد وزُمرته، وهو أول قانون أمريكي يصدر باسم رئيس دولة أجنبية بِشكل صريح وشخصي ودون مواربة أو التسمية الاعتبارية لموقع المسؤول المُستهدف.

ولابد من الإشارة أن ملف اللاجئين هو ملف دولي بامتياز وبرعاية أممية تَسري عليه اعتبارات لا يمكن لأي طرف إقليمي أو دولي تجاهلها أو القفز عليها، ولم يَتمكن مسار أستانا رَغم قُوته ووجوده على الأرض من تحقيق أي تَقدم فيه يحابي نظام الأسد.

ولابد من الإشارة أن دول أستانا الثلاث لم تَتَمكن من فتح معبر لدخول المساعدات الإنسانية دون الرجوع للموافقة الغربية بمجلس الأمن.

من كُل تلك المعطيات أرى أن إيران تملك أوراقاً مادية في الملف السوري، وتملك المملكة العربية السعودية أوراقاً سياسية لا يُستهان بها ولكن لا يُمكن لِكِلا الدولتين، فيما إذا رغبتا بتبادل مصالح في الملف السوري، تحقيق ذلك وربما تكون الحظوظ أوفر بمتابعة قضاياهما الخلافية الثنائية (وهي كثيرة ومعقدة).

أو قد تتمكنان من اختراق ما في قضية الحوثي في اليمن أو رُبما بتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية إذا وافقت فرنسا والولايات المتحدة على ذلك. لكن من غير المتوقع أن يكون لذلك التقارب أي أثر سلبي على الملف السوري.

المصدر: نينار برس
المقالات المنشورة تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي شبكة آرام ميديا

اقرأ أيضاً: تأجيل مفاجئ للاجتماع الرباعي بشأن الملف السوري

شاهد إصداراتنا: