الخميس 16 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.92 ليرة تركية / يورو
40.78 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.89 ليرة تركية / ريال قطري
8.62 ليرة تركية / الريال السعودي
32.35 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.92
جنيه إسترليني 40.78
ريال قطري 8.89
الريال السعودي 8.62
دولار أمريكي 32.35

قراءة ما بين السطور في وثيقة حرمون

01 مايو 2023، 11:11 م
قراءة ما بين السطور في وثيقة حرمون

مروان الدغيم

ناشط سياسي

01 مايو 2023 . الساعة 11:11 م

من يقرأ الوثيقة المسماة "وثقية توافقات وطنية" الصادرة عن مركز حرمون يشعر أن الأغلبية العربية السُنية هي من تحكم سوريا منذ ستة عقود، وهي من حولت سوريا الحضارة والتاريخ إلى مزرعة خاصة لعصابة الأسد المافيوية.

الوثيقة من خلال عناوينها هي محاولة من قبل العلمانيين الكارهين لقيم الإسلام وثقافة المجتمع لتعزيز فكرة أن المجتمع السوري عبارة عن خليط من العرقيات والإثنيات والمذاهب والأديان ولا يمكن جمعهم بعقد اجتماعي واحد إلا تحت راية العلمانية "اللينة" كما وصفوها.

يحدثك هؤلاء عن الديمقراطية وحق الشعوب في تقرير مصيرها من خلال صناديق الاقتراع ويتجاهلون عن سابق عمد وإصرار أن غالبية الشعب السوري عربي مسلم سُني ومن حقه أن يقرر مصيره بما يتناسب مع ثقافته وإرثه الأخلاقي والحضاري وهذا من أبسط قواعد الديمقراطية التي يقولون أنهم يؤمنون بها ولهذا يطالبون بحقوق ما فوق دستورية لضمان حقوق الأقليات وتطمينها على وجودها.

في إحدى جلسات الحوار ما بين الإسلاميين والعلمانيين طالب أحد العلمانيين السوريين بفرض حقوق ما فوق دستورية بحيث تتخلى الأكثرية العربية المسلمة عن حقها في أي إشارة في الدستور إلى الإسلام كمرجعية ثقافية وتشريعية وفي نفس الوقت رفض الاحتكام إلى "الديمقراطية العددية" كما سماها لأنه وكل العلمانيين يدركون أنه فيما لو جرت انتخابات نزيهة في سوريا سيسقطون سقوطا مدوياً في الانتخابات، متناسين عن سابق عمد وإصرار أن وجود الأقليات بحد ذاته خلال أربعة عشر قرناً خلت سواء كانت عرقية أو دينية هو دليل  أوضح من الشمس في رابعة النهار على أن الأكثرية لا تستهدف الأقليات لا في حقوقها ولا في وجودها بل هي من تحميها، على عكس نظام تحالف الأقليات الأقلوي المافيوي الذي دمر سوريا وشرد شعبها.

ونظرة سريعة على سكان الخيام ومن اسُتخدم السلاح الكيماوي ضدهم ومن تساقطت فوق رؤوسهم البراميل والآلاف المؤلفة من الضحايا ونزلاء السجون والزنازين كلهم من لون واحد وهم المسلمون السُنة.

كاتبو الوثيقة اللاوطنية قرنوا الديمقراطية بالعلمانية وجعلوا منها كلاً لا يتجزأ، فإذا أردت أن تكون ديمقراطياً وتعطي للناس حق الاختيار في تحديد مصيرهم ومستقبل وطنهم فلا بد أن تنسلخ من دينك وثقافتك وإرثك الحضاري وتكون علمانياً، ولهذا قالوا أن العلمانية خيار ضروري لإنقاذ سوريا لبقائها موحدة.

وكأن نظام الأسد المجرم الذي فتت سوريا اجتماعياً وجغرافياً لا علاقة له بالعلمانية التي يطرحونها كحل ضروري لسوريا المستقبل  بما معناه إما أن تكون علمانياً وإما التقسيم!  

أما عن الأزمة القومية بين العرب والكرد كما أسموها في وثيقتهم، يبدو أنهم تناسوا أن دعاة الفكر القومي العنصري الشوفيني الدخيل على ثقافة مجتمعنا هم أنفسهم علمانيين وتغافلوا عمداً على أن العرب والكرد عاشوا في ظل دول الإسلام المتعاقبة لأكثر من عشرة قرون في ود ووئام ولم يعرفوا الحقد والضغينة فيما بينهم إلا بعد أن تمكن العلمانيين من دفة السلطة!

أما فيما يتعلق بالأزمة الطائفية وسبل معالجتها فقد ذكروا جرائم النظام الطائفي على استحياء  داعين إلى تبرئة الطائفة العلوية من جرائمها التي ارتكبتها بحق الأكثرية العربية المسلمة بوصفها ضحية للنظام وليست أداة مشاركة في الجريمة إلا قلة قليلة منهم لا تكاد تذكر!

بل وبرروا التصاق الطائفة العلوية وبعض الأقليات الدينية بالنظام المجرم إلى جماعات "الإسلام السياسي" نتيجة تركيزهم على الخطاب الديني، وحملوا جماعات الإسلام السياسي على نفس السوية مع النظام المجرم مسؤولية تسعير الأزمة الطائفية متغافلين عن شعارات الميليشيات الطائفية التي استوردها النظام المجرم لقتل الأكثرية العربية المسلمة تحديداً !

وهذه محاولة قذرة لتبرئة النظام المافيوي الأقلوي من جرائمه بحق الأكثرية المسلمة في سوريا، مع العلم هم يدركون ويعرفون أن الجماعات الإرهابية المتطرفة التي رفعت الشعارات الدينية والطائفية من أمثال داعش وأخواتها ليسوا أكثر من أدوات قذرة هم من صنيعة مخابرات النظام وداعميه وأكثر المتضررين من وجودهم هم الأكثرية المسلمة.

يدعونا كتاب الوثيقة إلى اعتماد كذبة الشرعة الدولية لحقوق الإنسان وكريسها دستورياً وقانونياً، والتي لم نرى من عدالتها والقائمين عليها على أرض الواقع إلا دعماً للنظام المجرم والتستر على جرائمه بإعتبارها ذروة ما أنتجته الحضارة البشرية في مجال حقوق الإنسان، متجاهلين عمداً عدم ذكر الحضارة الإسلامية التي ينتمي لها غالبية الشعب السوري وما أنتجته من منظومات دستورية وفقهية وإدارية وأخلاقية.

ملاحظة:

لم يذكر الإسلام الذي هو دين الغالبية في طول الوثيقة وعرضها إلا مرتين وذكروه تحت مسمى الإسلام السياسي ليوجهوا له ولأتباعه التهمة أسوة بالنظام المجرم.

يريدون لسوريا المستقبل أن تكون دولة منزوعة الصفات كما قالوا في وثيقتهم أي منزوعة الدسم ويُحظر على أبنائها الذين قدموا التضحيات الجسام من أجل التخلص من هذا النظام المافيوي الطائفي الحقير أن ينبسوا ولو ببنت شفة بما يشير إلى حضارتهم وثقافتهم التي ينتمون إليها نزولاً عن رغبة بقايا اليسار العلمنجي المنحط وحفاظاً على مشاعر تحالف الأقليات العميل الذي دمر سوريا وشرد أهلها!

باختصار، وثيقة عزمي وغلمانه ليست بالوطنية بل هي محاولة لإنتاج النظام بطريقة أخرى للالتفاف على حقوق الأكثرية العربية السُنية وحرمانهم من أبسط حقوقهم، والحرب الدائرة في سوريا هي حرب إبادة ممنهجة مدعومة من الغرب والشرق ضد المسلمين السُنة وهذه هي الحقيقة التي لا يستطيع غلمان العلمانية المستوردة بتغطيتها أو تزويرها.

المقالات المنشورة تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي شبكة آرام ميديا


اقرأ أيضاً:
تعرف على مخرجات الاجتماع الخماسي في الأردن بشأن سوريا
شاهد إصداراتنا: