الجمعة 05 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

المناطق السورية المحررة ما بعد الانتخابات التركية

07 يوليو 2023، 10:35 م
المناطق السورية المحررة ما بعد الانتخابات التركية
07 يوليو 2023 . الساعة 10:35 م

مع انقضاء شهر أيار/ مايو 2023، طوى حزب العدالة والتنمية في تركيا صفحة ساخنة من المساجلة مع أحزاب المعارضة، وقد كانت مسألة اللاجئين السوريين هي مصدر تلك السخونة دون أدنى ريب، إلّا أن زوال تلك السخونة وانخفاض وتيرة الإثارة الإعلامية حول اللاجئين السوريين لن يؤدي إلى طيّ صفحة القضية السورية في السياسات التركية، بل ربما يصحّ الذهاب إلى أن الحكومة التركية في مرحلة ما بعد انتخابات الرئاسة، تواجه استحقاقاً جديداً حيال قضية السوريين وخاصة في ضوء العديد من المستجدات الراهنة محلياً وعربياً ودولياً، إذ إن المساعي الروسية الهادفة إلى تطبيع العلاقات بين تركيا ونظام الأسد باتت تصطدم بالدفع الإيراني لنظام الأسد نحو التصلّب وعدم الذهاب نحو المصالحة الكاملة قبل انسحاب تركي مباشر أو مُجَدْول من كامل المناطق السورية، بينما ترى تركيا أن الاستجابة لهذا المطلب مرهونة بقدرة نظام الأسد على إبعاد قوات قسد من الجغرافية السورية، وهذا ما تعجز عنه حكومة الأسد في الوقت الراهن.

ولكن بموازاة ذلك ثمة مسعىّ عربياً للتطبيع مع نظام الأسد تقوده المملكة العربية السعودية. ولئن حظي المسعى العربي برضا تركي، على المستوى الإعلامي على الأقل، إلا أن أنقرة تعتقد أنها لا تزال تمتلك أكثر الأوراق قوّة من جهة القدرة على إنعاش الأسد أو بقائه مُنهكاً، وخاصة في ظل منطق الاستجداء الذي تتبعه الدول العربية في تعاطيها مع نظام دمشق، وعدم قدرة الأنظمة العربية على ممارسة أي ضغوطات على حاكم دمشق طالما أن المظلة الإيرانية هي التي استظل بها العرب مع الأسد وليس العكس. وعلى أية حال لا تبدو أنقرة، بعد فوز الرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات الأخيرة، على عجلة من أمرها تجاه استحقاق المصالحة مع دمشق إلّا بقدر ما تدفع إلى ذلك الشراكة التركية-الروسية التي هي العامل الأقوى في التأثير على مواقف تركيا حيال الأسد.

ولكن يبدو أن الاستحقاق السوري الذي يوجب الاستعجال أمام حكومة أنقرة يتمثل في مجمل القضايا ذات الصلة بالمعارضة السورية وتتجسّد في مستويين:

الأول ذو علاقة بكيانات المعارضة السياسية والعسكرية والمدنية التي ترعاها وتشرف عليها الحكومة التركية، إذ من الواضح أن تلك الكيانات قد استنفدت قدرتها على إقناع السوريين بجدوى عملها، كما فقدت أي اعتبار قيمي أو أخلاقي لدى الشارع السوري حيالها، وما ينتظره السوريون هو أن تغيّر أنقرة طريقة التعاطي مع القضية السورية، وألا تبقى عبر هكذا وسائط وآليات وكيانات.

أما المستوى الثاني فيتجسد في مجمل أشكال الحوكمة في المناطق السورية التي تبسط نفوذها عليها، بدءاً من فصائل الجيش الوطني ومروراً بالحكومة المؤقتة وصولاً إلى المجالس المحلية والقضاء، فواقع الحال يؤكد أن الحصيلة الإجمالية لممارساتها مجتمعة لم تفلح في تقديم نموذج مقنع للسوريين عامة، والمقيمين في مناطق تلك الكيانات على وجه الخصوص، بل ربما وجد الكثير في تلك السلطات نموذجاً أو نسخة مكررة لباقي سلطات الأمر الواقع بما فيها سلطة الأسد، وبالتالي فإن الإبقاء على هذا النمط من الحوكمة هو تعبير صريح عن اللامبالاة تجاه معاناة السوريين، بل ربما اعتبره الكثيرون تحدياً تركياً لكرامة المواطن السوري ورغبته في أن يرى في تلك المناطق التي تحررت بدماء أبنائهم، نموذجاً للسلطة مغايراً للنموذج الذي ثار ضدّه ونادى بإسقاطه.

فعلى مستوى الحكومة السورية المؤقتة، من الملاحظ ان عملها خلال السنوات الماضية كان مشوباً بعدم رضا الشارع السوري عن دورها الخدماتي في المناطق التي يُفترض أنها تديرها، وعن فشلها في تشكيل إدارة مركزية للحوكمة تحقق فاعلية العمل المؤسساتي على قواعد قانونية وإدارية سليمة، اذ ليس من المعقول أن تبقى الحكومة مجرد شكل فارغ من مضمونه المؤسساتي، وتعمل كجهة ضمن جهات متعددة، لا تملك من المواصفات ما يؤهلها لتكون مرجعية تنفيذية وإدارية لكل تلك الجهات والأطر الموجودة في تلك المناطق.
وأمام هذا المشهد الذي بات يثير نقمة الكثير من السوريين في تلك المناطق، لا بد من قيام الجانب التركي بإحداث تغييرات كبيرة على مختلف مستويات علاقاته العسكرية والأمنية والإدارية بتلك المناطق، وقيامه برفع الغطاء عن الجماعات والتشكيلات الفاسدة وغير المنضبطة، وإعطاء المؤسسات التي تدير شؤون الحوكمة الضمانات اللازمة لاستقلاليتها وتمتعها بصلاحيات أكبر، وهذا يتطلب العمل على مسارين:

المسار الأول: تعزيز مبدأ الانتخابات كآلية ديمقراطية في اختيار أبناء تلك المناطق للمجالس المحلية، بما يحقق التمثيل الصحيح والابتعاد عن المحسوبيات والفردية التي باتت تسم تركيبة المجالس المحلية وعملها.

المسار الثاني: تعزيز استقلالية القضاء بشقيه المدني والعسكري، وإنهاء حالة التضارب والتداخل في أعمال المحاكم والأجهزة القضائية، لاسيما أن اصلاح السلطة القضائية هو من أكبر المؤشرات على وجود نوايا جدية باتجاه تصويب العلاقة بين المواطن والمؤسسات التي تدير شؤونه وتدافع عن حقوقه.

إن طبيعة العلاقة بين تركيا والسوريين وتأثيرها المباشر على ما يقارب العشرة ملايين سوري موزعين ستة ملايين في مناطق نفوذها، وأربعة ملايين لاجئين على أراضيها، بالإضافة الى كتلة المصالح الكبيرة والمتبادلة بين الشعبين التركي والسوري، تؤكد على أهمية بناء علاقة سليمة ومتوازنة بين الطرفين، بحيث تضمن مصالح الأمن القومي التركي من جهة، وتحقق تطلعات الشعب السوري في الحرية والكرامة وبناء وطن حر من جهة أخرى، وأن تصبح هذه المنطقة نموذج لحكم السوريين لأنفسهم وفق أفضل معايير القانون والعدالة وكفالة الحريات العامة والخاصة.


المصدر: المدن


اقرأ أيضاً:
حشود ورفع جاهزية.. مصدر يكشف لـ"آرام" بنود اتفاق ينهي التوترات في عفرين
شاهد إصداراتنا: