السبت 18 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.92 ليرة تركية / يورو
40.78 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.89 ليرة تركية / ريال قطري
8.62 ليرة تركية / الريال السعودي
32.35 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.92
جنيه إسترليني 40.78
ريال قطري 8.89
الريال السعودي 8.62
دولار أمريكي 32.35

مرام الحكمة في مسؤولية الكلمة

07 اغسطس 2023، 06:18 م
مرام الحكمة في مسؤولية الكلمة
07 اغسطس 2023 . الساعة 06:18 م

كما أن معظم النار من مستصغر الشررِ، فإن معظم مشاكل ومصائب الإنسان من عواقب وزلات اللسان، فرحم الله امرأً عرف متى وفيما وكيف يتكلم، وعلم متى يصمت ! ولم يكنٌ هناك زمنٌ كان للكلام فيه أثرٌ أمضى ولا أشد وقعاً مما هو في يومنا هذا !! ويكفي أن هذا هو عصر مواقع التواصل الاجتماعي !

ولو تحلى جميع المحسوبين على (النخبة) أو حتى (العوام) في المجتمعات العربية والإسلامية بــ (مسؤولية الكلمة) لاختصرنا 90% من المشاكل والفتن الداخلية وتشققات الصفوف الخلفية للأمة.

ومسؤولية الكلمة هي (الحكمة) في قولها أو كتمانها أو أسلوب طرحها، وذلك يتوقف على عدة أمور من قبيل:
أهي كلمة حقٍ أم باطل !؟

" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ " (النساء: 135).
أهي صدقٌ أم كذب !؟

" اضمنوا لي ستًّا من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدَّثتم ........ " رواه أحمد وابن حبان.
" دعْ ما يُريبُكَ إلى ما لا يُريبُكَ فإنَّ الصدقَ طُمأنينةٌ وإنَّ الكذبَ رِيبَةٌ " رواه الترمذي.
هل الزمان أو المكان أو الظرف مناسب لقولها أم لا !؟ فـ " لكل مقامٍ مقال".
هل إثمها أكبر من نفعها أم العكس !؟

هل من الضروري قولها فعلاً !؟ أم أنها من سقط المتاع وفائض الكلام مما لا يقدم ولا يؤخر !؟ وهل تنفع الناس في دينهم ودنياهم أم لا !؟ فإن الكلمة إما أن تكون من الزبد الذي يذهب جُفاءً أو من " مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ" (الرعد: 17).
هل تُقال بموجب قول الحق والنصح لله ورسوله والمؤمنين أم أنها عن هوى شخصي !؟
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا " (الأحزاب: 70).

هل هي من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حقاً !؟ أم أنها من المزايدة والتشدق !؟
"وإنَّ أبغضكم إليَّ وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدِّقون والمتفيهقون" رواه الترمذي.
هل هي من النقد البنّاء أم الهدّام !؟

" مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ " رواه البخاري ومسلم.
هل المتحدث معنيٌّ بموضوع كلامه أم لا !؟
" من حسنِ إسلامِ المَرءِ تركُه ما لا يعنيه " رواه أحمد وابن ماجه.
هل تسهم في الإصلاح ورأب الصدع أم توقد الفتنة وتزيد الفرقة !؟
" فإن النار بالعودين تُذكى .... وإن الحرب مَبدؤها الكلامُ " نصر بن سيّار.

هل هذا الأمر أو الموضوع ثانويٌ يحتملُ تأجيل مناقشته أو التداول فيه، أم هو من الثوابت والمسائل الملحة التي تستدعي التدخل الفوري والرد المباشر !؟

" الصمت بسلامة وهو الأصل، والسكوت في وقته صفة الرجال، كما أن النطق في موضعه من أشرف الخصال " نقله النووي عن الأستاذ أبي القاسم القشيري رحمهما الله.

هل هذا الأمر يستدعي النشر والتعويم أم ينبغي تجاهله والإعراض عنه التزاماً بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "أميتوا الباطل بالسكوت عنه" !؟

هل هذا (الحدث أو الموقف أو الشخص) يستحق الكلمة الطيبة والموعظة الحسنة والحديث ضمن دائرة الأدب والاحترام " ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ " (النحل: 125)، أم أنه يقتضي الرد الرادع القوي الذي يرد الإهانة والسخرية بمثلها فيحفظ عزة الدين وكرامة المؤمن ولا يغري الأعداء بهما، " فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ " (البقرة: 194)، " قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ " (هود: 38) !؟
أهي شهادة حق وإنصاف !؟

" وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ " (البقرة: 283).
هل استوثق صاحبها من صحتها !؟
"فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ" (النحل: 43).
وهل استوثق من مصدرها !؟

" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ " (الحجرات: 6)، " كفى بالمرء إثمًا أن يُحدِّث بكلِّ ما سمع " رواه مسلم.

أهي مما يجب أن يقال على الملإِ وفي العلن أم أن من الواجب قولها في السر ومع الأطراف المعنية بها فقط !؟
 "من وعظ أخاه سراً فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه" الإمام الشافعي.
أهي دفاعٌ عن حقٍ وإثباتٌ لحقيقة !؟ أم أنها لإثبات الذات وإشباع (الأنا) !؟ 

" أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء و إن كان محقًّا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا " رواه أبو داود.


وكل ما ذكرنا من آيات وأحاديث وأشعارٍ وأقوال هو قليلٌ من كثير ما ذُكر في باب آداب الكلام وضوابطه في تراثنا الإسلامي العظيم، وقد استفاض العلماء والفقهاء والأدباء العرب والمسلمون – رحمهم الله جميعاً - في الحديث عن ذلك، وستجدون الشيء الوفير والجميل في مؤلفات السابقين.

ولعل من أهمها وأجملها كتاب (أدب الدنيا والدين) للماوردي رحمه الله، وأقتبس مما جاء فيه:

- "قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مِنْ أَعْوَذِ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ الْعَاقِلُ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ إلَّا لِحَاجَتِهِ أَوْ مَحَجَّتِهِ، وَلَا يُفَكِّرُ إلَّا فِي عَاقِبَتِهِ أَوْ فِي آخِرَتِهِ ".

- "وَقَالَ بَعْضُ الْفُصَحَاءِ: اعْقِلْ لِسَانَك إلَّا عَنْ حَقٍّ تُوَضِّحُهُ، أَوْ بَاطِلٍ تَدْحَضُهُ، أَوْ حِكْمَةٍ تَنْشُرُهَا، أَوْ نِعْمَةٍ تَذْكُرُهَا ".
" وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْكَلَامِ شُرُوطًا لَا يَسْلَمُ الْمُتَكَلِّمُ مِنْ الزَّلَلِ إلَّا بِهَا، وَلَا يَعْرَى مِنْ النَّقْصِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهَا وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: فَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ لِدَاعٍ يَدْعُو إلَيْهِ إمَّا فِي اجْتِلَابِ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ. وَالشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَأْتِيَ بِهِ فِي مَوْضِعِهِ، وَيَتَوَخَّى بِهِ إصَابَةَ فُرْصَتِهِ. وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَقْتَصِرَ مِنْهُ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ. وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يَتَخَيَّرَ اللَّفْظَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ".

- وصلى الله على معلم الناسَ الخير سيدنا محمد الذي قال: "وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وُجُوهِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ ألْسِنَتِهِمْ؟ " رواه أبو داود والترمذي.

اقرأ أيضاً
بدء تنفيذ مشروع لتأهيل أهم طريقين حيويين في ريف حلب
شاهد إصداراتنا: