الأحد 05 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.92 ليرة تركية / يورو
40.78 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.89 ليرة تركية / ريال قطري
8.62 ليرة تركية / الريال السعودي
32.35 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.92
جنيه إسترليني 40.78
ريال قطري 8.89
الريال السعودي 8.62
دولار أمريكي 32.35

حسابات تركيا في التمسك بوجودها في سوريا

17 اغسطس 2023، 10:41 م
حسابات تركيا في التمسك بوجودها في سوريا

محمود علوش

باحث في العلاقات الدولية

17 اغسطس 2023 . الساعة 10:41 م

منذ أن شرعت تركيا في مفاوضات مع النظام السوري برعاية روسية نهاية العام الماضي، كان المسؤولون الأتراك حريصين على التأكيد بأن الانسحاب العسكري التركي من شمالي سوريا لن يكون مطروحاً على طاولة النقاش في المستقبل المنظور. وعلى الرغم من أن النظام اشترط في بدايات المفاوضات التزاماً تركياً واضحاً بالانسحاب من سوريا مقابل المُضي في مسار الحوار، إلا أنّه سُرعان ما خفض اشتراطاته إلى المطالبة بوضع جدول زمني لهذا الانسحاب. مع ذلك، لم تُظهر أنقرة أي استعداد للموافقة على مثل هذا الشرط. تعكس هذه المسألة بشكل عام النظرة المختلفة لكل من أنقرة ودمشق إلى الحوار وأهدافه. في حين يُريد النظام من هذا الحوار أن يُفضي إلى تفاهم يؤدي في نهاية المطاف إلى انسحاب تركيا من سوريا، تسعى أنقرة إلى التوصل إلى تفاهم حول ثلاث مسائل أساسية هي التعاون في مكافحة الإرهاب وإعادة اللاجئين ودفع عملية التسوية السياسية للصراع السوري. وفق هذا المنظور التركي، فإن الانفتاح على النظام لم يكن غاية بحد ذاته لاستعادة طبيعية للعلاقات بقدر ما هو وسيلة أخرى لتحقيق هذه الأهداف الثلاثة التي يُفترض أن تعمل تلقائياً على تمهيد الأرضية المناسبة لإنهاء الحرب وبالتالي معالجة ملف الوجود العسكري التركي.

مع أن النظام يعتبر الوجود العسكري التركي في سوريا عقبة أساسية أمام أي تحول في العلاقات، إلا أنّه يُدرك على غرار حلفائه الروس والإيرانيين أن تركيا ليست بوارد التفكير في الانسحاب من سوريا في الأفق المنظور. في ضوء ذلك، يُمكن النظر إلى إصرار النظام على إثارة ملف الوجود العسكري التركي على أنه محاولة لتحسين أوراقه التفاوضية في الحوار مع تركيا للحصول على بعض المكاسب المؤقتة. لذلك، لا يُمكن النظر إلى شروط النظام على أنّها عائق كبير أمام تقدم المفاوضات التي تتواصل بالفعل خلف الكواليس. علاوة على ذلك، فإن حقيقة أن الحوار بين النظام وتركيا مرتبط بديناميكات المسارات الأخرى الموازية مثل التفاعلات الجيوسياسية التركية الروسية العابرة للجغرافيا السورية والملف الكردي الذي يُشكل نقطة اشتباك تركي أميركي، تجعل مستقبل الوجود العسكري التركي في سوريا قضية تتجاوز الحوار بين أنقرة والنظام.

هناك خمسة أسباب رئيسية تدفع تركيا إلى التمسك بوجودها العسكري في سوريا في المستقبل المنظور:

ـ أولاً: بالنظر إلى أن السياسة الأمنية التركية الراهنة في سوريا تقوم على ركيزتين أساسيتين هما إضعاف وكسر المشروع الانفصالي لوحدات حماية الشعب الكردية، ومنع تدفق المزيد من اللاجئين وتمهيد البيئة المناسبة لإعادة اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا إلى بلدهم، وبالتالي فإن الوجود العسكري التركي يُعد أحد الأدوات الرئيسية لهذه السياسة. الافتراض التركي أن الانسحاب العسكري من سوريا قبل تحقيق هذه الأهداف بشكل كامل سيؤدي إلى نتائج عكسية تفاقم المخاطر الأمنية على تركيا بدلاً من الحد منها.

ـ ثانياً: مع أن تركيا تحدثت مراراً عن الحاجة إلى استعادة سيطرة الدولة (وليس النظام) على كل الأراضي السورية إلاّ أنها لا تزال مُتشككة بقدرة النظام على استعادة السيطرة على المناطق الخاضعة للوحدات الكردية في شمال شرقي سوريا لاعتبارين، الأول أن الولايات المتحدة تبدو مُصممة على الاحتفاظ بوجودها العسكري في هذه المنطقة في الأفق المنظور، والثاني إن عودة محتملة للنظام إلى شرقي الفرات ستكون شكلية لأن الوحدات الكردية ليست بوارد التخلي عن الإدارة الذاتية ولأن النظام لا يملك القدرة العسكرية أصلاً لتأكيد سيطرته على المنطقة. وبالتالي، فإن تخلي تركيا عن وجودها العسكري مع بقاء الولايات المتحدة يُخاطر على نحو كبير في إضعاف تأثير تركيا على الديناميكية المرتبطة بالملف الكردي في سوريا والعراق أيضاً.

ـ ثالثاً: تعتقد أنقرة، وهي مُحقة في ذلك، أن الانسحاب العسكري التركي من شمال غربي سوريا وتسليم المناطق التي تُديرها للنظام سيدفعان بجزء كبير من السوريين المقيمين في المنطقة إلى محاولة اللجوء إلى تركيا إما بسبب الخوف على حياتهم أو بسبب انهيار الوضع الاقتصادي بالكامل في هذه المناطق أو كليهماً معاً. كما أن تركيا ستجد في هذه الحالة صعوبة في إقناع جزء كبير من اللاجئين في تركيا بالعودة إلى هذه المناطق.

ـ رابعاً: لا يزال الوجود العسكري التركي يُشكل ضمانة قوية لمنع انهيار الوضع في منطقة خفض التصعيد الرابعة في إدلب. الانسحاب التركي سيزيد من مخاطر اندلاع تصعيد عسكري كبير بين النظام السوري وحلفائه من جهة وبين هيئة تحرير الشام التي تُسيطر على المنطقة، وبالتالي زيادة مخاطر حدوث موجة لجوء جديدة باتجاه تركيا.

ـ خامساً: يُعد الوجود العسكري التركي ورقة قوة أساسية لتركيا للتأثير في مسار الصراع السوري عموماً ولضمان مصالحها بعيدة المدى في سوريا. وبالتالي، فإن التخلي عن هذا الوجود قبل تحقيق تسوية شاملة للصراع السوري يُضعف إلى حد كبير من قدرة أنقرة على ممارسة تأثير قوي في أي تسوية سياسية محتملة للصراع.

حقيقة إن تركيا تواصل العمل على إعادة تأهيل المناطق الخاضعة لسيطرتها في شمال غربي سوريا من خلال التعاون مع قطر لإنشاء منطقة سكنية كبيرة لإيواء اللاجئين بمعزل عن مسار الحوار الذي تُجريه مع النظام، فضلاً عن تصعيد نشاطها العسكري ضد الوحدات الكردية في المنطقة من خلال هجمات الطائرات المسيرة، وهذا يشير عموماً إلى رهانات أنقرة المنخفضة على أن يؤدي هذا الحوار إلى تفاهم يُعالج هواجسها الأساسية في سوريا ويضمن تحقيق تسوية شاملة للصراع. لأن جانباً أساسياً من دوافع الانفتاح التركي على الحوار مع النظام ارتبط بشكل أساسي بالضغط الداخلي الذي واجه أردوغان قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة، وإعادة انتخاب أردوغان أزالت مؤقتاً الحاجة إلى المضي قدماً في محادثات جوهرية مع النظام، لكن الانتخابات المحلية التركية على الأبواب وتنطوي على مخاطر عالية، وهو ما يجعل مواصلة الحوار أولوية لتركيا وإن لم يؤد إلى نتائج ملموسة على الأرض.

المصدر: تلفزيون سوريا

 

اقرأ أيضاً:
الولايات المتحدة تنهي تجميد العقوبات على نظام الأسد
شاهد إصداراتنا: