هل نحن مقبلون فعلًا على مشاهدة مباريات كرة القدم دون حكام نتيجة استبدالهم بالذكاء الاصطناعي؟!.. عدد من خبراء التحليل الرياضي يرجحون، منذ سنوات عدة، احتمال تحقق مثل هذه التوقعات.

وهذا ما ذهب إليه ألدو كومي، الرئيس التنفيذي لشركة "سوكرمنت" الرائدة في مجال التحليل بكرة القدم، في تصريحات لوكالة الأنباء البريطانية "بي إيه ميديا" يوم الثلاثاء 5 سبتمبر/ أيلول 2023، عندما خلص إلى القول إنه خلال 20 أو 30 عامًا على الأرجح سيصبح الحكم من الذكاء الاصطناعي.

كومي اعتبر أنه قبل إمكانية الوصول إلى مرحلة الاستغناء التام عن الحكم، ربما يكون هناك حكم ولكن دون الحاجة إلى الحكام المساعدين حاملي الراية الذين لربما سيكونون أول من سيختفون من مباريات كرة القدم، فيما يظل الحكم متواصلًا مع "المساعد الافتراضي".

استند كومي في تحليله وتوقعاته هذه إلى ما أسماه "بازدياد فعالية الرؤية الحاسوبية في السنوات القليلة المقبلة، وازدياد فقط عدد الكاميرات"؛ خاصةً أن كمية البيانات التي يتم جمعها، وجودة النماذج التي تم تكوينها انطلاقًا من هذه البيانات ستزداد بشكل سريع ومتواصل، وبفضل هذا سيكون لدينا نماذج ذكاء اصطناعي يمكنها اتخاذ قرارات تحكيمية  استنادًا إلى ما تشاهده -هذه النماذج- في الملعب".

لا شك في أن الذكاء الاصطناعي بتقنياته المتطورة يومًا بعد يوم بات يشمل شتى المجالات الحيوية ويضطلع بأدوار  بالغة الأهمية في الطب والعلوم والهندسة والزراعة والطيران والفضاء وتحليل البيانات وغيرها، ولم تكن كرة القدم بمعزل عن التأثر بالتطور المذهل لتقنيات الذكاء الاصطناعي فاستفادت منها معتمدةً تقنية "خط المرمى" لمساعدة الحكم على تحديد تجاوز الكرة خط المرمى من عدمه، وتقنية "حكم الفيديو المساعد VAR" التي تساعد الحكم على اتخاذ قرارات صحيحة في الملعب ولا سيما في ضبط حالات التسلل والمخالفات التي تؤدي إلى طرد لاعب أو احتساب ركلة جزاء.

التباين كبير بين وجهات النظر إزاء إمكانية رؤية مباريات بدون حكم بشري  في المستقبل، والتساؤلات كثيرة: هل يمكن فعلًا استبدال الحكم البشري كليًا بالذكاء الاصطناعي؟ هل سيكون ذلك إيجابيًا؟ أم تكفي الاستعانة بالذكاء الاصطناعي لمساعدة الحكم؟

ألدو كومي أكد ترجيحه أن الحكم سيصبح من الذكاء الاصطناعي خلال 20 أو 30 عامًا قائلًا: "لا أقول إن هذا إيجابي، أقول فقط إنه سيحدث على الأرجح ".

خبراء وباحثون في هذا المجال، أمثال بنجامين غيدج وغيره، يعتقدون أننا لا نزال بعيدين جدًا عن الوصول إلى ذكاء اصطناعي قادر على تحكيم مباراة كرة قدم. صحيح أن هناك قواعد للعبة يمكن للذكاء الاصطناعي وللآلة الإفادة فيها بشكل أكيد ودقيق،  ولكن هناك قواعد أخرى كثيرة  لا تستطيع "الآلة " تفسيرها وتأويلها، قواعد لعبة وسلوك لاعبين بشر لا يمكن تفسيرها وإدراكها إلا من قبل حكام بشر هم وحدهم يستطيعون من خلالها وبناءً عليها اتخاذ القرار الذي يرون أنه الصائب.

ومن هذا المنطلق يرى هؤلاء الباحثون والخبراء أنه، بدلًا من الحديث عن الذكاء الاصطناعي، يكون من الأجدى الحديث عن "ذكاء  معزز" يقدم مساعدة  للحكم "البشري"  من أجل اتخاذ قرار  سريع وموثوق أكثر،  وليس لاستبداله والاستغناء عنه.

طبعًا للذكاء الاصطناعي دور كبير آخر مفيد لكرة القدم بما يمكن أن يقدمه للمدربين من مساعدة ثمينة في وضع إستراتيجيات وخطط تكتيكية وفنية لفرقهم انطلاقًا مما يوفره لهم الذكاء الاصطناعي من بيانات ومعلومات وتحليلات عن فرقهم وأيضًا عن الفرق المنافسة.  وهذا أمر محمود سيكون له شأن في مستقبل كرة القدم؛ لكنه سيكون باهظ التكاليف وليس في متناول كل الفرق والأندية.

مع ذلك، مهما بلغ الذكاء الاصطناعي من تقدم وتقنياته من تطور دقيق، فإن الحكم "البشري" بذكائه غير الاصطناعي سيظل -في نظري- ملح مباريات كرة القدم و"اللاعب" الأساسي الثالث والعشرين في الميدان.

مقال للكاتب سعد مبروك على منصة "winwin"

اقرأ أيضاً:
• عنصر من الحرس الثوري الإيراني يلقى مصرعه في سوريا
شاهد إصداراتنا: