الأربعاء 03 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

هل فازت المعارضة التركية بفوز أردوغان؟

12 سبتمبر 2023، 05:55 م
هل فازت المعارضة التركية بفوز أردوغان؟

محمد طاهر أوغلو

باحث وكاتب صحفي سوري مختص بالشأن التركي

12 سبتمبر 2023 . الساعة 05:55 م

بعد فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في انتخابات أيار/مايو الماضي، خيم التغيير على جزء كبير من ملامح سياسته التي دأب عليها بصورة انسيابية قبيل الانتخابات وبصورة راديكالية قبل الانتخابات بأربع سنوات وما قبل، سواء على صعيد السياسة الداخلية أو الخارجية أو الاقتصادية.

ينظر البعض إلى ذلك بأنه نوع من البراغماتية الإيجابية لمواءمة الظروف، والبعض الآخر يراه نوعاً من الإصلاح الداخلي والنقد الذاتي وبالتالي يُنظر له كسمة يتميز به حزب العدالة والتنمية "الحاكم" مقارنة بأحزاب المعارضة.

لكن من زاوية أخرى يُنظر لهذه "التقلبات" عن السياسات التي كانت راسخة قبيل وقت قصير، بأنه يوحي بعدم استقرار ويمنح رسائل عدم ثقة وربما يتسبب أحياناً بأزمات بدلاً من أن يصلح الأزمة الموجودة.

بغض النظر عن التوصيف الأدق لهذا الواقع، فإن هناك تغيرات عدة برزت على سياسة الحزب عقب الانتخابات الأخيرة، على رأسها التخلي عن سياسة "خفض الفائدة" والتي بدأها منذ أواخر 2021 وأقال بسببها محافظ البنك المركزي مرتين، وتسببت هذه السياسة بزيادة التضخم والعديد من المشاكل الاقتصادية كما يرى خبراء أتراك.

ورغم مواصلة أردوغان سياسة خفض الفائدة دون هوادة لتهوي إلى 8.5%، كان قرار واحد من البنك المركزي كفيلاً بإعادتها لـ15% دفعة واحدة، وصولاً إلى 25% لما هي عليه اليوم منذ 24 آب/أغسطس المنصرم.

لكن بما أن معظم المؤشرات كانت لا تبشر بسياسة خفض الفائدة على شتى الأصعدة لا سيما ارتفاع التضخم، فلماذا كانت حكومة أردوغان السابقة ماضية في ذلك بشكل راديكالي، ولماذا عادت الحكومة الجديدة عن ذلك بشخطة قلم كما يقال، يتساءل البعض.

الحملة الأمنية المشددة على "الهجرة غير الشرعية" وفق توصيف الحكومة التركية، تأتي كذلك في نفس السياق، لا سيما فيما يتعلق بالسوريين المقيمين تحت "الحماية المؤقتة" ومن في حكمهم.

بالطبع هذه الحملة ليست وليدة اللحظة لكنها نتاج مضخّم لخطوات عديدة سبقتها منذ أواخر 2019 عقب خسارة الحزب بلديتي إسطنبول وأنقرة.

بينما كانت سياسة الحزب تقوم على تغذية المشاعر الإنسانية والأخلاقية وحتى الدينية من خلال إسقاط وصف "المهاجرين والأنصار"، وتركيز الإعلام بصورة أكبر على معاناة السوريين وطبيعة الحرب الداخلية التي خرجوا منها، نجد ذلك قد تلاشى مع تقادم السنوات، أو بحسب تعبير المعادين للمهاجرين "طالت الاستضافة".

أولى الصفعات في هذه القضية كانت حملة التشديد الأولى 2019، ثم إغلاق بعض المناطق والأحياء أمام تسجيل سوريين جدد فيها للإقامة، مع إغلاق ولايات بأكملها قبل ذلك على رأسها إسطنبول وأنقرة وغازي عنتاب وغيرها، ثم إلغاء زيارات السوريين للداخل السوري في إجازة عيدي الفطر والأضحى.

بالطبع كان التحالف مع حزب الحركة القومية والحليف الأصغر "الاتحاد الكبير" عاملاً مهم في التغيير الحاصل بسياسة العدالة والتنمية، وهنا نعود لإشكالية البراغماتية/الإصلاح الذاتي/التقلب.

ما زاد من هذه العقدة هو دعم المرشح الرئاسي السابق اليميني سنان أوغان، والذي كان مرشحاً عن تحالف الأجداد بقيادة اليميني المتطرف أوميت أوزداغ الذي يقود حزب "ظفر" القائم على معاداة الأجانب والمهاجرين والسوريين بشكل خاص.

حينما أعلن أوغان دعمه لأردوغان في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، ركز على ضرورة مكافحة الهجرة وضرورة عودة السوريين إلى بلدهم، وأن دعمه كان بناء على الاتفاق الثنائي على هذه النقاط.

وبالطبع وبدون الخوض في تفاصيل باتت معروفة، كانت هناك آثار سلبية لهذه الحملة انعكست على القطاع السياحي والاستثماري، والأهم من ذلك أنها تؤثر على سمعة تركيا في المنطقة لا سيما بمنطقة الخليج التي تسعى أنقرة اليوم لتعزيز علاقتها مع دول مثل السعودية والإمارات وقطر.

انطلاقاً من هذه النقطة بالتحديد، قال لي أحد الأصدقاء "يبدو وكأن المعارضة فازت"، حينما سمعت هذه الجملة لم تبد لي عرضية أو من جملة الحديث، بل كانت توصيفاً دقيقاً للعديد من التغيرات الراديكالية التي برزت عقب الانتخابات.

قلت لصديقي "وجدتها"، تعجب من انبهاري ومضى، لكن جزءاً من الواقع يكمن في هذه الجملة.

لا يوجد فوز أو انتصار بدون فواتير أو تضحيات أو تنازلات، لا سيما في عالم السياسة، لا يمكنك تحقيق نتائج دون بذل الغالي والنفيس، وحينما تجد الوهن يبدأ سيطرته عليك تبدأ بالبحث عن حلفاء مهما كنت قريباً منهم أو بعيداً، حتى ولو كانوا شياطين، أو كانوا ملاكاً وأنت الشيطان.

ألم تتحالف أحزاب محافظة مثل السعادة والمستقبل، والديمقراطية والتقدم مع حزب مثل الشعب الجمهوري؟ ألم تصمت هذه الأحزاب أمام الحملة العنصرية التي كانت وصمة عار والتي رافقت حملة الجولة الثانية لمرشحهم الرئاسي كمال كليتشدار أوغلو؟

هل المبدأ استطاع أن يمنح أحدهم شجاعة الإعلان بصراحة عن خروجه من التحالف؟ أو الاعتراض بشكل صريح على التحالف مع أوميت أوزداغ في ذلك الوقت؟

طيف من المعارضة في فوز أردوغان!

من المضحك القول إن المعارضة التركية حينما عجزت عن الفوز بالانتخابات والوصول للحكم، اضطر أردوغان أن يساعدها على الفوز بنفسه! كيف ذلك؟

كانت المعارضة تعد منذ انتخابات 2018 بأمور كانت تحقيق بعضها أسطورياً في ذلك الوقت، مثل التطبيع مع مصر والنظام السوري وإسرائيل، ثم رفع الفائدة وجلب أموال المستثمرين و"المرابين" من الخارج، وتشديد الخناق على المهاجرين/السوريين إلى بلدهم، وإصلاح العلاقات مع الغرب بشكل أكبر.

في الحقيقة لم تعد المعارضة تحتاج لهذه الوعود، فمعظمها قد تحقق، والبعض الآخر على الطريق.

هذا ما يراه البعض براغماتية نافعة لمصلحة الدينامية الحزبية، والبعض الآخر يراه إصلاحاً ذاتياً يقوم به الحزب للعدول عن السياسات الضارة أو التي لم تعد تصلح للوقت الحالي، والبعض الآخر يراه تقلباً وتنازلاً عن المبادئ.

تمكن حزب العدالة والتنمية في سبيل الحفاظ على قوته ومحاولة درء الكثير من المخاطر التي أحس بها منذ 2016 بشكل قريب للغاية؛ ومحاولة جلب العديد من المنافع والمصالح؛ تمكن من إصلاح علاقاته مع محيطه العربي وجلب رؤوس أموال خليجية باهظة.

تمكن الحزب من تحدي نفسه والعدول عن سياسة خفض الفائدة، والتخلي عن حجج كانت تبرهن على أن رفع الفائدة هو سبب التضخم وتراجع سعر الصرف.

تمكن الحزب من نسيان مبدأ المهاجرين-الأنصار، وأن الأسد قاتل ومجرم، وبالتالي إقرار الأمر الواقع واللعب وفق ذلك.

في الحقيقة، هذا ربما لا يبدو حتى عيباً في عالم السياسة، بل ربما يبدو لطيفاً للغاية أمام نماذج أخرى، لكن البعض يحب أن يراهن على خسارة أو أن يكون ملكاً أكثر من الملك ذاته، ولذلك فهو مضطر للعيش تحت صدمات لا تنتهي، والقادم أعظم.

المصدر: تلفزيون سوريا

اقرأ أيضاً:
تعليق رسمي بشأن اعتقال المتحدث باسم "الأمن العام" بإدلب
شاهد إصداراتنا: