الأربعاء 03 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

وقودها الضباط وذووهم وأهل الشمال: النار التي يؤججها النظام

09 أكتوبر 2023، 06:15 م
وقودها الضباط وذووهم وأهل الشمال: النار التي يؤججها النظام
09 أكتوبر 2023 . الساعة 06:15 م

تثير مجزرة الكلية الحربية التي وقعت يوم الخميس الماضي الموافق للخامس من تشرين أول الجاري في الأذهان العديد من المسائل، لعل أبرزها هي قيام نظام الأسد بقتل ضباطه ومواليه، بغية استثمار دمائهم ومآسي ذويهم للاستمرار في السلطة، وتلك مسألة – في حقيقة الأمر -  لا تثير الاستغراب، إذ إن هذا الصنيع الأسدي لم يكن بدعةً جديدة أوجبتها مرحلة من مراحل أزمة السلطة، وإنما هذه الممارسات هي جزء من النهج الإجرامي الأسدي الذي يفصح تاريخه في السلطة عن إقدامه باستمرار على الانقضاض على أقرب المقربين حين تستدعي الحاجة، فأين المشكلة حين يفرّط الأسد بأرواح مئة أو أكثر من ضباطه وحاضنته طالما أنه يعتبر الشعب السوري برمته قطيعاً لا يعدو كونه وقوداً لاستمرار السلطة؟

لكن ما هو جديد ولافت للانتباه أن مجزرة الكلية الحربية لا تجسد نزوع النظام نحو استمراره في الجريمة فحسب، بل جديدها أنه أراد من تلك المجزرة أن تكون فاتحةً لاستراتيجية جديدة يعتقد بشار وحلفاؤه الإيرانيون أنها ستكون المخرج الأمثل من المحنة الخانقة التي تحيط بنظام الأسد، والخروج من الأزمة في ظل الإفلاس التام وبمختلف أشكاله لحاكم سوريا، لن يكون إلّا بالتمادي في الجريمة، وها هي المجزرة الجديدة في مدينة حمص تتيح له من جديد أن يشن حرباً جنونية على محافظة إدلب وريفها وكذلك الريف الغربي لحلب، حيث بدأت طائراته وقاذفاته بالحرب على الشمال السوري تزامناً مع وقائع مجزرة حمص، في إيحاء من النظام لحاضنته بأن حربه هذه إنما هي ردّ مباشر على المجزرة التي وقعت بحق قتلاه، علماً أن التحليل العسكري الدقيق لما حصل في الكلية الحربية يؤكد بما لا يقبل الشك أن المجزرة من تصميم وتنفيذ نظام الأسد ولا أحد سواه:

- رغم الغموض الذي اكتنف ملابسات المجزرة وهوية الفاعل، في ظل عدم تبني أي جهة للعملية إلا أن المشاهد الأولية التي ظهرت لا تدل على وجود أي قرائن مادية تثبت صحة رواية النظام باستهداف الحفل بطائرات مسيرة.

- إذا صَدقنا رواية النظام بأن العملية تمت بطائرات مسيرة وهذا مستبعد، فمن هي الجهة التي تمتلك هذا النوع من الطائرات المتطورة القادرة على تنفيذ تلك العملية بهذه الدقة؟

- إذا افترضنا جدلاً بأن من نفذ الهجوم هو هيئة تحرير الشام كما ادعى النظام من لحظة وقوعه، فمن أين لها أن تمتلك هذا النوع من الطائرات المسيرة التي تحتاج إلى شوط متقدم من القيادة عن بعد يحتاج إلى سنوات من التقنية والتقدم العلمي للوصول إليه، والذي روسيا نفسها ورغم كل ما وصلت إليه من تقدم في صناعة الأسلحة فإنها تفتقر إلى خاصية قيادة الطائرات المسيرة والتحكم بها وتوجيهها بدقة متناهية لتنفيذ هكذا مهام قتالية على مثل تلك المسافات، وتستورد هذه التقنية من إيران في حربها على أوكرانيا، فكيف لفصائل لا تملك سوى بعض المسيرات البدائية التي لا يتجاوز مداها 20 إلى 40 كم ولا يمكنها حمل سوى بضع كيلوغرامات من المتفجرات، وإذا كانت هي من فعلت فلماذا تفوت على نفسها صيداً ثميناً وتنتظر حتى يغادر وزير الدفاع والمحافظ وكبار الضباط من الرتب الرفيعة، بالإضافة إلى الملحقين العسكريين الذي حضروا الحفل ومن بينهم الملحق الروسي والإيراني والكوري وغيرهم وتقوم بالاستهداف، إلا إذا كان بالتنسيق معهم.

- الآثار الناجمة عن الانفجار من خلال حجم الأضرار وعدد القتلى والمصابين تدل على استخدام كمية كبيرة من المتفجرات تقدر بأكثر من \150\ كغ وربما تحتوي على مادة C4، وآثارها تدل على أنها ليست من الجو، فمن المعروف عسكريا في علم المتفجرات أنها عندما تكون من الجو يسبق تأثيرها التدميري فعلها على القتل، في حين أننا لم نشاهد أي آثار تدميرية لجهة حُفر في الأرض أو دمار في جدران المنصة.

- المعطيات والقرائن تدل على أن الانفجار حصل بوساطة عبوات صغيرة الحجم مربوطة بقذائف متفجرة ومتشظية وعلى الأغلب تكون قذائف هاونات من العيار الصغير، ما يدل على ذلك حالات البتر والقطع في أطراف المصابين السفلية والعلوية نتيجة الشظايا.

- الكلية الحربية تقع في منطقة محاطة بالكليات العسكرية وقطعات الدفاع الجوي التي يقع على عاتقها مهمة حماية المطارات والكليات العسكرية ومصفاة حمص والمنشآت الحيوية، ومن أهم وحدات الدفاع الجوي المنتشرة بالقرب من الكلية الحربية فوج الصواريخ S200\  \ الذي يعتبر الأحدث في منظومة الدفاع الجوي التي يمتلكها النظام والقادرة أجهزة راداراتها على اكتشاف الأهداف حتى مطار اللد الإسرائيلي في النقب، فهل عجزت عن اكتشاف الطائرة المسيرة؟

استنتاجات:

1 – النظام يقف عاجزاً أمام حراك السويداء الذي بدأ ينتشر ويزداد، ويحظى بتضامن محلي وتأييد دولي، ولعل تحطيم المتظاهرين في السويداء لتماثيل حافظ الأسد ورميها في مكبّات القمامة قد أفقد نظام الأسد صوابه، ودفعه للتفكير باستراتيجية تمكنه من إشعال وتيرة العنف في البلاد وخلط الأوراق بغية اختراق الحراك السلمي وجر البلاد إلى المحرقة من جديد.

علما أن نظام الأسد حاول استثمار القتال في دير الزور بين قوات العشائر وقسد، للتغطية على حراك السويداء ولكنه لم يفلح في ذلك.

2 – نظام الأسد لا يملك وسيلة للخروج من جرائمه إلا بارتكاب مزيد من المجازر، ولا ينجو من مذابحه أحد بمن فيهم حاضنته وحاشيته، كما حدث في عملية الكلية الحربية.

3 – ربما تجسّد هذه المجزرة المحاولة الأخيرة واليائسة لنظام الأسد في سعيه لاسترداد حاضنته التي بدت تتفكك من حوله، محاولاً ربط مصير من تبقى من مواليه بمصيره، ولعل ما عزز لديه تلك القناعة هو تراخي المرجعيات الدولية والأممية حيال كل ممارساته الإجرامية، وذلك جرياً مع المثل القائل: من أمن العقاب أساء الأدب.

4- النظام بحاجة لعمل إرهابي كبير ليغطي له جرائمه التي ينوي ارتكابها، وليحاول تجميع الطائفة خلفه التي بدأت تتململ وبالتالي بدأ يستشعر الخطر من تسخين فوهة بركان الساحل الذي يخشى انفجاره في أي لحظة، وقصفه لمناطق وجود معارضيه في الشمال مباشرة بعد تفجيرات الكلية يعني أنه قد حدد أهدافه وخطط لها مسبقاً.

تفجيرات الكلية الحربية تعيدني بالذاكرة إلى عام 1986 وفي يوم الأربعاء السابع عشر من شهر نيسان ذكرى عيد الجلاء حين قام جهاز الاستخبارات العسكرية في  نظام الأسد الأب بتفجير الحافلات التي تقل الطلاب الضباط في أثناء مغادرتهم الكلية الحربية لقضاء العطلة مع ذويهم، واستهدفت التفجيرات حصريا الحافلات المتجهة إلى الساحل وأوقعت العديد من القتلى والجرحى ومعظمهم من أبناء الطائفة العلوية، وطبعاً كان الاتهام المباشر لجماعة الإخوان المسلمين التي سبق أن أجرى النظام بعض التسويات لبعض كوادرها الذين راجعوا السفارات السورية في الدول العربية وتم العفو عنهم وإطلاق سراح بعضهم وبعض أقاربهم من السجون، وحصل ذلك بضغوط عربية لقاء تقديم الدعم لانتشال النظام من أزمته الاقتصادية الخانقة التي كان يمر بها، فكانت رسالة النظام جلية واضحة للعرب، وللطائفة التي ربط مصيرها بمصيره.

لعله من الصحيح أن نظام دمشق يعيد على الدوام إنتاج إرثه القديم من وسائل الإجرام والمكائد التي تودي بأرواح السوريين، ولعل هذا أمر طبيعي طالما أن ماهية النظام ومنهجه الأمني القائم على الانتقام والاستئصال لم يتغيّر منذ نصف قرن، ويمكن التأكيد بمزيد من الحسم بأنه لن يكون بمقدوره تغيير ذاته، وإن كان ثمة خير ينتظر السوريين، فلن يكون إلّا باستئصال السلطة الأسدية وتجريف قذاراتها من الأرض السورية.


المصدر: تلفزيون سوريا


اقرأ أيضاً:
مقتلة في الكلية الحربية بحمص.. 66 قتيلاً والعدد بازدياد
شاهد إصداراتنا: