الأربعاء 03 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

تركيا وحزب العمال: الوقوف على قدم واحدة!

10 أكتوبر 2023، 09:37 م
تركيا وحزب العمال: الوقوف على قدم واحدة!
10 أكتوبر 2023 . الساعة 09:37 م

ربما لا يجسد الاعتداء الإرهابي الذي شهدته العاصمة التركية في 1 تشرين أول\اكتوبر، حدثاً نوعياً من حيث الشكل، إذ إن حزب "العمال" الكردستاني له إرث عدواني متراكم في تركيا، إلا أن السؤال الذي يمكن أن يطرح في هذا السياق: لماذا يصر حزب العمال الكردستاني على هذا الأسلوب الذي بات معروفاً من جانب الأمن التركي ولم يعد ينطوي على أي من عناصر المباغتة أو الضغط؟ أي لماذا يصر هذا الحزب على ممارسة الإرهاب بالطرق التقليدية التي فقدت عناصر قوتها وتأثيرها على الخصم؟

ما لا يجب إغفاله أن حزب العمال يواجه منذ أكثر من سنة ضربات مؤلمة من جانب الحكومة التركية في سوريا، تستخدم فيها الطائرات المسيّرة التي باتت تصطاد قادة وكوادر الحزب، وذراعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي. ولعل هذه الاستراتيجية التركية كانت الخطة البديلة عن العملية العسكرية التي كانت تنوي أنقرة القيام بها تجاه تل رفعت ومنبج، وحال الفيتو الأميركي دونها.

لكن واشنطن حرصت في الوقت ذاته على ألّا تبدو بمظهر المدافع عن حزب العمال الذي تصنفه هي ذاتها كمنظمة إرهابية، أضف إلى ذلك أن الولايات المتحدة لا تريد أن تفقد الحليف التركي التقليدي لها ول"الناتو" معاً، فكانت موافقتها الضمنية على الاستراتيجية التركية باستهداف الكوادر القيادية العسكرية والمدنية لحزب العمال كبديل عن العملية العسكرية الشاملة.

ونتيجة لفاعلية الطائرات المسيرة والتي باتت تشكل ضغطاً كبيراً على الحزب سواء من حيث عدد القتلى أو نوعيتهم، أو من حيث الحرج الذي يواجهه أمام حاضنته، الأمر الذي جعله في حالة شديدة من الإرباك بالتوازي مع ضيق الخيارات، ودفعه ذلك للإقدام على هذه العملية لمجرد التأكيد على أنه قادر على الفعل، وربما اعتقد أنه بهذا الصنيع يستعيد ولو قليلاً من ثقة حاضنته.

صحيح أن الهجوم لم يسفر عن سقوط ضحايا باستثناء مقتل العنصرين اللذين نفذاه، إلا أن توقيت العملية ومكان تنفيذها اعتبرا مؤشراً خطيراً بالنسبة لتركيا، وخلّف صدمة كبيرة لديها، ما استدعى ردود أفعال كبيرة وغاضبة، فالأمر لا يتعلق بمبنى الأمن المستهدف فقط، بل وبقربه أيضاً من البرلمان التركي الذي سيلقي فيه الرئيس رجب طيب أردوغان كلمة في نفس اليوم. وما دمنا نتحدث عن ظرفي الزمان والمكان فلا بد من الوقوف هنا عند نقطتين مهمتين أيضاً:

الأولى، أن تنفيذ حزب العمال الكردستاني هجوماً جديداً في العاصمة يُعتبر خطوة جريئة جداً تعاملت معها الحكومة التركية بمنتهى الجدية والحزم، فأجمع كل المسؤولين الاتراك على أن الرد سيكون قوياً جداً وهذا ما حصل بالفعل.

أما الثانية، فهي تزامنها مع استمرار التفاوض بين تركيا والغرب حول انضمام السويد إلى حلف الناتو، واتهام أنقرة لستوكهولم بإيواء ودعم كوادر الحزب، وما يمكن أن تؤدي له هذه العملية من تداعيات سلبية على التفاوض بهذا الخصوص.

أنقرة التي تعرفت على هوية المنفذين وتأكدت أنهم أعضاء في حزب العمال الكردستاني، أكدت على لسان الرئيس أردوغان أن "الإرهابيين الذين قاموا بالتفجير في أنقرة قدموا من سوريا وتلقّوا التدريب هناك"، لهذا يضيف أردوغان "فقد أصبحت جميع مرافق البنية التحتية التابعة لحزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب في العراق وسوريا الآن أهدافًا مشروعة لقواتنا وسيندمون على ارتكاب مثل هذا الفعل".
كان هذا التصريح بمثابة إعلان عن توسيع قاعدة أهداف الغارات التركية التي بدأت على هذا الشكل قبل عامين، لتشمل بالإضافة إلى الكوادر، المنشآت الحيوية والبنى التحتية.  فقد شنت القوات التركية حرب مسيرات غير مسبوقة استهدفت مناطق تواجد حزب العمال في العراق وقوات سوريا الديمقراطية في سوريا.

‏التصعيد التركي الذي استهدف شخصيات بارزة وقيادات ميدانية في قسد، إضافة إلى استهداف مواقع ومقرات تدريب ودعم لوجستي شمل كامل جغرافيا سيطرة قسد في سوريا، من القامشلي والحسكة شرقاً الى عين العرب (كوباني) وصرين وصولاً الى تل رفعت غرباً. وقد كان القصف مختلفاً هذه المرة لجهة شموليته وكثافته، ولجهة استهداف البنى التحتية والمنشآت الحيوية التابعة للإدارة الذاتية بما فيها محطات الكهرباء والمياه والوقود، والتهديد بقصف أبار النفط شرق الفرات التي تتواجد فيها قيادات التنظيم، في تغيّر واضح في منحى ونوعية العمليات العسكرية المستقبلية التي قد ينتهجها سلاح الجو التركي كبديل عن العملية البرية التي لم تسقطها تركيا من خياراتها على ما يبدو.

من الواضح أن تركيا لم تتمكن من مقايضة موافقتها على انضمام السويد لحلف الناتو بموافقة أميركية على عملية عسكرية برية في سوريا تبعد خطر حزب العمال الكردستاني، بدليل إسقاط قوات التحالف مسيرة تركية الخميس في شمال شرق سوريا، والتصريحات الأميركية التي حذرت من اي هجمات واسعة، رغم إبدائها التفهم لرد الفعل التركي.

لكن الاقتصار على استخدام استراتيجية حرب المسيرات، مهما كانت فاعليتها وتأثيرها، لا يمكن أن يحسم أي معركة دون أن يكون هناك عمل عسكري موازٍ لها أو يليها على الأرض، والمثال في تجربة العمليات الجوية للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش، التي لم تحقق أهدافها النهائية إلا بعملية عسكرية برية.

من الصعب التكهن بإمكانية اتخاذ أنقرة قرار شن عملية برية في سوريا في ظل الظروف الإقليمية والدولية الراهنة، فسبق ولأكثر من مرة منذ العام 2020 أن أعلنت أنقرة نيتها القيام بهكذا عملية، بل وحددت أهدافها ورفعت جاهزية القوات الحليفة التي ستشارك بالعملية (الجيش الوطني) وكانت اليد على الزناد، إلا أنها ألغيت بسبب المعوقات الدولية التي لم تقتصر على معارضة واشنطن وموسكو بل وإيران أيضاً.

على الرغم من أن العمليات الجوية التركي ذات فاعلية وفائدة كبيرة من حيث التأثير على قدرات التنظيم الإرهابي ووسائطه النارية وتدمير مقار القيادة والسيطرة وخطوط الإمداد ومستودعات الذخيرة والسلاح لديه، إلا أنها ما لم تتوج بعملية عسكرية برية تبعد التنظيم وقوات سوريا الديمقراطية عن المناطق الحدودية إلى العمق المتفق عليه مع الولايات المتحدة وروسيا في تشرين الأول/أكتوبر 2019، فستبقى المهمة ناقصة بالنسبة لتركيا، وستبقى الأرض مهيئة للحرب في كل لحظة، وستبقى إيران وروسيا ونظام الأسد وحتى الولايات المتحدة، قادرين على توظيف قسد وحزب العمال للضغط على أنقرة متى أرادوا، رغم أن ذلك لا يقلل من فاعلية الهجمات التركية بعد تطوير أهدافها في النسخة الحالية التي تنفذ الآن، بمعنى أن أنقرة لا زالت تقف على قدم واحدة بمواجهة خصمها التاريخي، وهذا إن أفاد فلا يحسم.

المصدر: المدن

اقرأ أيضاً:
الاحتلال الإسرائيلي ونظام الأسد يتشاركان في تضليل العالم
شاهد إصداراتنا: