الجمعة 05 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98
...

الشَّام شامك إذا الزَّمان ضامك

24 مارس 2020، 09:54 ص

تتداول مواقع التواصل الاجتماعي أنَّ بعضَ أفرادٍ من عناصر الجيش السوري الحر، قد تركوا أرض الرباط في الشام، وتوجهوا لقتال العميل حفتر وجنده في ليبيا، ولا شك - إن صحَّ الخبر - فهذا يعتبر خيانة لثورتنا وثوارنا الأماجد، وتغليب للمصلحة الفردية على المصلحة العامة، وتفضيل الدُّنيا الفانية على الآخرة الباقية، ولذا أذكرهم جميعًا، وكل من تسوِّل له نفسه ترك أرض الشام المباركة، بهذه الأحاديث النبوية الشريفة العظيمة:
عن سلمة بن نفيل الكندي رضي الله عنه قال: «كنتُ جالسًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رجل: يا رسول الله !! أذال الناس الخيْل (أي أهانوها، واستخفوا بها، بقلة الرغبة فيها، وقيل: أراد أنهم وضعوا أداة الحرب عنها وأرسلوها)، ووضعوا السِّلاح، وقالوا : لا جهاد، قد وضعت الحربُ أوزارها، فأقبل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بوجهه، وقال: «كذبوا، الآن الآن جاء القتال، ولا يزال من أمَّتي أمَّة يقاتلون على الحقِّ، ويزيع الله لهم قلوب أقوام، ويرزقهم منهم حتى تقوم الساعة، وحتى يأتي وعد الله، والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وهو يوحي إليَّ أني مقبوض غير ملبَّث، وأنتم تتبعوني أفنادًا (أي جماعات متفرقين، قومًا بعد قوم، جمع فند)، يضرب بعضكم رقاب بعض، وعُقْر (أي أصلها وموضعها، كأنه أشار به إلى وقت الفتن أن يكون الشام يومئذ آمنًا منها، وأهل الإسلام بها أسلم) دار المؤمنين بالشام» صحيح [رواه النسائي: (3561)] .
وعن عبد الله بن حوالة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سيصير الأمر إلى أن تكونوا جنودًا مجنَّدة، جند بالشام، وجند باليمن، وجند بالعراق» قال ابن حوالة: خرْ لي يا رسول الله !! إن أدركت ذلك، فقال: «عليك بالشام؛ فإنها خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها خيرته من عبادته، فأما إن أبيتم فعليكم بيمنكم، واسقوا من غُدُركم، فإن الله توكل لي بالشام وأهله» صحيح [رواه أبو داود: (2483)].
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني رأيت كأن عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي، فأتبعته بصري، فإذا هو نور ساطع عُمد به إلى الشام، ألا وإن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام» صحيح [رواه الحاكم: (4/509)].
وقال صلى الله عليه وسلَّم: (فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغوطة إلى جانب مدينة يقال لها: دمشق من خير مدائن الشام) وفي رواية: (يوم الملحمة الكبرى، فسطاط المسلمين بأرض يقال لها: الغوطة فيها مدينة يقال لها: دمشق خير منازل المسلمين يومئذ )
[رواه أبو داود في الملاحم: 4298].
وعن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يا طوبى للشام؛ يا طوبى للشام؛ قالوا: يا رسول الله !! وبما ذلك؛ قال: تلك ملائكة الله باسطوا أجنحتها على الشام ) رواه الترمذي والحاكم.
فيا أيها المهرولون إلى ليبيا وغيرها: مهلًا مهلًا.. أقول لكم:
الشام في القلب والروح؛ الشام قلعة الأمن والإيمان؛ إذا تهاوت الأرض تحت وطأة الغزاة والطامعين؛ الشام هي خلاصة الأمة في الماضي والحاضر والمستقبل؛ تحت كل حجر من أحجارها رفات مجاهد، وفي نسغ كل عرق أخضر دماء شهيد؛ ذكر صاحب تاريخ دمشق عن الوليد بن مسلم قال: (دَخَلتِ الشامَ عَشَرةُ آلاف عينٍ رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم) وفي كل الأوقات كانت الشام معقل الإسلام سياسيًا وعسكريًا، والعاصمة الوحيدة للمسلمين في كل تاريخهم، والتي كانت كل بلاد المسلمين تحت سلطانها هي: دمشق، ولا شيء غير دمشق، وذلك في العهد الأموي؛ إذ كانت الأمة المسلمة تعيش في دولة واحدة، ممتدة من سور الصين العظيم إلى أطراف بلاد الفرنجة في فرنسا؛ قبل أن تتحول الأمة المسلمة إلى خمسين دولة، جلها مُستَعمَرٌ تحت وصاية أو حماية، أو محتلٌ احتلالًا مباشرًا؛ دمشق أقسم الله تعالى بها في كتابه لفضلها، وذلك في سورة التين؛ قال قتادة: التين الجبل الذي عليه دمشق، وقال عكرمة وابن زيد: التين دمشق، وهو اختيار الإمام الطبري.
إنَّ من لا يعرف الشام يجهلها، والشام كانت ومازالت وستبقى بإذن الله قلعة الثبات والإيمان، قاعدة الإسلام والتحرير، موطن الكرامة والنصر، وفي الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم؛ لا تزال طائفة من أمتي منصورين، لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة) وفي رواية معاذ بن جبل رضي الله عنه (وهم بالشام) رواه البخاري.
الزموا أرض الشام المباركة، الزموا أرض الثغور والرباط لا تفارقوها، الزموا أرض الحشر والنشر لا تتركوها، فثمَّ عزكم ومجدكم وسؤددكم، لا تفرِّطوا بشبر منها، فأعداؤنا من الروس والمجوس والنُّصيرية متربصون مترقبون مغادرتنا لها، فالأمر واضح وضوح الشمس، وبائن بيان القمر ليلة البدر، إمَّا النَّصر والسيادة، وإمَّا الشَّهادة والسعادة، لا خيار ثالث مطلقًا، ورحم الله الأستاذ: حسن البنا رحمه الله، حيث قال في المؤتمر الخامس لجماعة الإخوان المسلمين:
( أيها الإخوان المسلمون، وخاصة المتحمسين المتعجلين منكم:
اسمعوها مني كلمة عالية داوية، من فوق هذا المنبر، في مؤتمركم هذا الجامع: إنَّ طريقكم هذا مرسومة خطواته، موضوعة حدوده، ولست مخالفاً هذه الحدود، التي اقتنعت كل الاقتناع، بأنها أسلم طريق للوصول، أجل قد تكون طريقاً طويلة، ولكن ليس هناك غيرها. 
إنما تظهر الرجولة بالصبر والمثابرة والجد والعمل الدائب، فمن أراد منكم أن يستعجل ثمرة قبل نضجها، أو يقتطف زهرة قبل أوانها، فلست معه في ذلك بحال، وخير له أن ينصرف عن هذه الدعوة إلى غيرها من الدعوات، ومن صبر معي حتى تنمو البذرة، وتنبت الشجرة، وتصلح الثمرة، ويحين القطاف، فأجره في ذلك على الله، ولن يفوتنا وإياه أجر المحسنين: إما النصر والسيادة، وإما الشهادة والسعادة ).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.