السبت 06 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98
...

كيف تعيش حياتك سعيدًا ؟؟.

30 مارس 2020، 12:54 م

كل إنسان في هذه الدنيا يسعى ويحفد؛ ليسعد ويرتاح، فالحصول على السعادة غايته وهدفه، وهو يراوح في دنياه بين أمور ثلاثة: النعم، والنقم، والذنب، فأما النعم، فنعم الله لا تُعد، قال الله تعالى: ( وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ) النحل: 18. وقال أيضًا: ( وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ) النحل: 53. وتشمل نعم الله على عباده الكثير من النعم، من ذلك: نعمة صحة البدن، ونعمة الولد الصالح، ونعمة الزوجة الصالحة، ونعمة الجار والصاحب الصالحين، ونعمة المال والجاه والسلطان، ونعمة العلم، ونعمة الأمن والأمان، وأعظم النعم على الإطلاق: نعمة الدين، فكل كسر الدين يجبره، وما لكسر قناة الدين جبران. 
ويجب أن تقابل حال النعم بالحمد والشكر لله على ما وهب وأنعم، قال الله تعالى: ( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ) البقرة: 152. وقال أيضًا: ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ) إبراهيم: 7. وأما الحال الثانية: النقم والبلاء، فيتعرض الإنسان لأقدار الله المؤلمة، من مرض وسقم، وفقر وحاجة وضنك عيش، وفقد للأهل والولد والأصحاب، ورزايا وبلايا متنوعة شديدة على النفس، قال الله تعالى: ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ) البقرة: 155. وقال أيضًا: ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) الأنبياء: 35. 
ويجب أن يقابل المسلم حال النقم والبلاء بالصبر واليقين بالله، فبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين، قال الله تعالى: 
( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ  * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) البقرة: 155 - 157.
وأما الحال الثالثة: الذنب والمعصية، ولا يخلو العبد من الوقوع في المعاصي، والعباد متفاوتون بين مقل ومستكثر ومسترسل، فقد خلق الله الملائكة على الخير المحض، وخلق الشياطين على الشر المحض، وخلق بني آدم وجبلهم على الخير والشر، فكل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون، وليس أحدٌ معصومًا من بني آدم إلا الأنبياء والرسل، ولذلك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الحقيقة بقوله: ( والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم غيركم، يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم ) رواه مسلم. 
ويجب أن تقابل حال الإنسان في حالة وقوعه وتلبسه بذنب ومعصية بالاستغفار والتوبة، فعن أنسٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( قال الله تعالى: يا بن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا بن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك، يا بن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا، لأتيتك بقرابها مغفرةً) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
وقال الله تعالى: ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) آل عمران: 135 - 136.
وقال تعالى أيضًا: ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ) النساء: 64.
هذه حال وتقلبات الإنسان، وما يجب عليه في أحواله الثلاث التي يتردد بينها، وهو آخذٌ بسيره ليصل إلى ربه، ليحصل على السعادة في الدنيا، والراحة الأبدية في الآخرة، ولذلك لا بد للإنسان، وهو يسلك طريقه، من أن يجتنب المهلكات الثلاث، ويعمل بالمنجيات الثلاث، وأن يستزيد من المكفرات الثلاث، ويفعل رافعات الدرجات الثلاث، وكلهن ذكرهن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ( ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ، وَثَلَاثٌ مُنَجِّيَاتٍ، وَثَلَاثٌ كَفَّارَاتٌ، وَثَلَاثٌ دَرَجَاتٌ، فَأَمَّا الْمُهْلِكَاتُ: فَشُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ، وَأَمَّا الْمُنَجِّيَاتُ: فَالْعَدْلُ فِي الرِّضَى وَالْغَضَبِ، وَالْقَصْدُ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَخَشْيَةُ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَأَمَّا الْكَفَّارَاتُ: فَانْتِظَارُ الصَلَاةِ بَعْدَ الصَلَاةِ، وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي السَّبَرَاتِ، وَنَقْلُ الْأَقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ، وَأَمَّا الدَّرَجَاتُ: فَإِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَإِفْشَاءُ السَّلامِ، وَالصَلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ) رواه الطبراني، وحسنه الألباني في الصحيح الجامع.
لو حافظ المسلم على هذه الثلاثيات في حياته، سعِد سعادة في الدنيا، لو علمها الملوك، وأبناء الملوك؛ لجالدوه عليها بالسيوف، كما قال إبراهيم بن أدهم - رحمه الله - : " لو يعلم الملوك، وأبناء الملوك، ما نحن فيه من النعيم؛ لجالدونا عليه بالسيوف ". وقال ابن تيمية - رحمه الله -: " إن في الدنيا جنة، من لم يدخلها، لا يدخل جنة الآخرة "، وقال: " ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري؛ إن رحت فهي معي لا تفارقني، إنَّ حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة! ". قال أحد السلف: " مساكين أهل الدنيا، خرجوا منها، وما ذاقوا أطيب ما فيها، قيل وما أطيب ما فيها؟ قال: محبه الله تعالى ومعرفته وذكره والأنس به" . وقال آخر: " إنَّه لتمر بالقلب أوقات يرقص فيها طربًا، حتى أقول إن كان أهل الجنة في مثل هذا، إنهم لفي عيش طيب ".
وأختم الحديث بثلاث، مَنْ دَأَبَ عليهنَّ، وحافظ عليهنَّ، وعضَّ عليهنَّ بالنواجذ، فإنه سيودع الشقاء والتعاسة؛ وداعًا لا لقاء بعده أبدًا، وسيسعد سعادة حقيقية أبدية بإذن الله، وإليك الثلاثة مع أدلتها:
أولًا: لا يجتمع الشقاء مع ملازمة القرآن، وتلاوته بتدبر آناء الله، وأطراف النهار، قال الله تعالى: ( طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ ) طه: 1-2.
ثانيًا: لا يجتمع الشقاء مع الدعاء، فالدعاء في الإسلام هو العبادة، قال الله تعالى: (  قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ) مريم: 4.
وقال تعالى: ( قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ۖ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا ) الفرقان: 77.
ثالثًا: لا يجتمع الشقاء مع برّ الوالدين، وخاصة الأم، قال الله تعالى: ( وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ) مريم: 32.
أسعدنا الله وإياكم في الدارين، وأعنا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأخرجنا من الدنيا على حال يرضيه عنا..