الإثنين 06 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.92 ليرة تركية / يورو
40.78 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.89 ليرة تركية / ريال قطري
8.62 ليرة تركية / الريال السعودي
32.35 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.92
جنيه إسترليني 40.78
ريال قطري 8.89
الريال السعودي 8.62
دولار أمريكي 32.35

"كورونا".. عقوبة إلهية أم حرب بيولوجية؟

31 مارس 2020، 04:11 م
"كورونا".. عقوبة إلهية أم حرب بيولوجية؟

عادل الشمري

المدير التنفيذي لشركة رواد الأعمال للتدريب والاستشارات

31 مارس 2020 . الساعة 04:11 م

منذ بداية أزمة كورونا انقسم مجتمعنا بكل أطيافه من نخبة ومفكرين ومراكز بحثية إلى فريقين:

فريق يقول إن ما يحصل مؤامرة وحرب من نوع آخر يسمونها "حرب بيولوجية، أساسها اقتصادي بين الصين وأمريكا "

وفريق يقول إن ما يحصل ما هو إلا عقاب لهذه البشرية التي طغت وانتكست فطرتها فأصبح من المألوف في بعض الدول (زواج المثليين، تغيير الجنس .........، إنتهاءً بالزواج من الحيوانات)

وسواء كان هذا أو ذاك فإن الحقائق التي لاتتأثر بأي احتمال يمكن تلخيصها بما يلي:

1. ما يحدث هو أحد تجليات سنن الله في خلقه، وهذه السنن الكونية لا تحابي ولا تجامل، وهذه السنن تتميز بثلاث خصائص: الثبات -العموم-الاطّراد) يقول الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: (قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (أل عمران-137) فهذا الوباء هو أحد مظاهر العقاب الإلهي لعموم البشر، بسبب ماكسبته أيدي عموم الناس، ولا يلغي كونه عقابا إلهيا أنه قد يصيب أبرياء، فهذا شأن العقوبات العامة، أنها لاتصيب الظالمين خاصة، فمن أصيب به بريئا مغلوبا على أمره، أو كان قائما بالحق، فهذا الوباء كفارة له ورفعة لدرجاته في الآخرة، لكن موجب هذا الوباء هو العقاب والتحذير، (لعلهم يرجعون)، ومع كونه عقابا عاما سببه الفسوق والظلم، فإن اتقاءه ودفعَه يكون باتباع الوسائل التي مكّن الله البشر منها، فمنّا من عرف وأخذ بها، ومنا من جهل أو تجاهل، وعليه فقد يذهب ضحيته صالحون جهلوا أو أهملوا الأسباب، وقد ينجو مَن هم دونهم منزلة عند الله وتوكلا عليه، لأنهم أخذوا بالأسباب المادية، ثم إن آثار الوباء ليست هي فناء الأرواح فقط، فهناك الانكسارات الاقتصادية والسياسية وغيرها، وكلّ أمة يمسّها من هذا الوباء قدرٌ وأثرٌ لاندرك نحن البشر حكمته، وسواء فعل البشر ذلك بأنفسهم جناية من بعضهم على بعض، أو كان أمرا إلهيا لايصنع البشر مثله، فإن كونه عقابا وتحذيرا وعبرة لايتغير.

في عهد الفاروق رضي الله عنه انتشر طاعون عمواس (نسبة إلى البلدة التي ظهر فيها) وذهب ضحيته آلاف المسلمين، منهم خيرة الصحابة رضوان الله عليهم مثل أبو عبيدة بن الجراح - كان هو الأمير - وبعدها أوصى أن يخلفه معاذ بن جبل، الذي توفى هو الآخر بذات المرض رضي الله عنهم، ولم يذكر أهل التاريخ أنهم قاموا بأي إجراء، وإنما كانوا يقولون للناس اصبروا على هذا البلاء إنما هو ابتلاء وهذا قدر الله، فصبروا واحتبسوا أنفسهم فلم يخرجوا امتثالاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم تولى بعد ذلك حكمَ الشام عمرو بن العاص، وكان أحد دهاة الإسلام، فكان أول ما قام به أن أمَر الناس أن يخرجوا للجبال ويتفرقوا، وقال جملته الشهيرة:

"أيها الناس إن هذا الوجع إذا وقع فإنما يشتعل اشتعال النار، فتحصنوا منه في الجبال " وما هي إلا أيام ونجّا الله أهل الشام من ذلك الوباء.

فالصبر والعلم بأنه من عند الله قاعدة صلبة تُبنَى عليها الأسباب، لانستهين ولا نستنكف، فنحن في قبضة الملك الجبار الحكيم، ولا نكتفي بالعلم واليقين ونستهتر بالأسباب، التي هي مقتضى التوكل ومن تمام الإيمان.

فعلينا أن ندرك مسار هذه السنن، ونحسن التعامل معها. وندرك أن مايفعله الغرب كلّه في دائرة الأسباب المعقولة بالسبر والتجارب، وأن الغرب يحسن التعامل معها أكثر منا، لأنه أكثر اهتماما بالبحث، وأشد اعتمادا على الماديات، ومع ذلك فالوباء يجتاح أقوى دول العالم، لأن الله يريد أن يجعل الجميع أمام ضعفهم وعجزهم وبشريتهم، ونتوقع أنهم قد يتوصلون لعلاج فعّال أو يخفف من آثار هذا الوباء، ولا تعارض، فقانون الأسباب يعمل، وقوة الله تهيمن، فإن اعتبر البشر بما أصابهم فذاك، وإلا فإن لله جنود السموات والأرض، يبتلينا بما لاعهد لنا به… وهكذا .

2. فيما يتعلق بالمؤامرة، وأن هناك قوى كبرى تدير العالم، فمن كان في قلبه شئ من هذا الكلام - الذي قد يبلغ أن يكون قلة يقين بالله - فلعله يراجع حساباته، فكيف بفيروس - كائن غير حي ولا يرى - يرعب هذا العالم، نعم هناك قوى كبرى تهيمن وتستغل، لكن وفق قانون الأسباب من التسليط والإدالة.

وبخصوص افتعال الأزمات في هذا العالم، فتلك حقيقة، فقانون التدافع والصراع بدوافعه الدينية والمادية ينتج ذلك، هذا كسينجر عراب الدبلوماسية الأمريكية يقول: إن من مصلحة أمريكا ليس حل الأزمات إنما الإمساك بخيوطها" وهذا مفهوم بل طبيعي، لكن الذي يجب التوقف عنده، هل وظيفتنا هي تسويق هذه القانون، بدلا من المزاحمة وإدارة هذه الأزمات، لصالح البشر، وللتخفيف من آثارها المدمّرة!!!؟

3. علينا ألا نغرق في التحليل والتنظير ونترك ساحات العمل، وأن نتعامل مع هذه الأزمة بدون تهوين ولا تهويل، ونتذكر في هذا المقام حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام: (إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا تَقوم حتى يَغرِسَها، فليَغرِسْها (مسند الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه) (فيغرسها) بصيغة الأمر ،لِنستوعب أن نبينا عليه الصلاة والسلام يأمرنا بالعمل في ظل مشهدٍ تشخص منه الأبصار.

4. في الأزمات والكوراث تتنشر الشائعات كالنار في الهشيم، فعلينا أن نحذر كل الحذر وأن نمتثل قول المولى عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)الحجرات-6 فهذا نداء رباني علينا أن نعمل على تطبيقه في كل شؤون حياتنا وخصوصاً في ظل ما يحدث من تكثيف وتسابق إعلامي لدفعنا إلى تبني أفكار أو القيام بتصرفات معينة لتحقيق أغراض وأهداف لدول بعينها أو شركات أو مؤسسات تنشط في ظل الأزمات وتعتبرها فرصا لا تتكرر لتحقيق ما تصبو إليه .

وفي الختام أقول لمن يقرأ هذه الكلمات: إن هذه الأزمة أثرت وستؤثر على أكبر اقتصاديات العالم، والأرقام واضحة لا تحتاج لشرح وتحليل، بل هناك من ذهب أبعد من ذلك وصار يتحدث عن أزمة مالية واقتصادية أسوأ من أزمة الكساد العظيم 1929 والأزمة المالية في عام 2008 والتي عرفت آنذاك بأزمة الرهن العقاري وبعض الدول خلال شهر أتجهت للاقتراض الداخلي والخارجي

فما بالكم بمن يعيش في الخيام ودول اللجوء !!!

فما بالكم بعوائل كان مصدر رزقها دكان صغير أو شاب يعمل بأجرته اليومية!!!

فما بالكم بمن ينتظر المساعدات الشهرية من الجمعيات الخيرية في نهاية الشهر !!!

تفقدوا هذه البيوت فالمصطفى عليه الصلاة والسلام يقول:

ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به (رواه الطبراني)