الإثنين 06 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.92 ليرة تركية / يورو
40.78 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.89 ليرة تركية / ريال قطري
8.62 ليرة تركية / الريال السعودي
32.35 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.92
جنيه إسترليني 40.78
ريال قطري 8.89
الريال السعودي 8.62
دولار أمريكي 32.35
...

الغفلة عن أصل العبادات ولبِّها

08 ابريل 2020، 12:21 م

الناس في غفلة ونسيان، لأهمِّ عبادة على الإطلاق، فتجد الكثير لا يتقنُها، ولا يعلم مكانتها وفضلها عند الله عزَّ وجلَّ، وتجده ساهياً لاهياً، تمرُّ عليه الأيام والليالي والأسابيع، ولا يكلِّف نفسه  بممارسة هذه العبادة، ولو لدقيقة واحدة، العبادة التي أقصدها، هي عبادة: الدعاء بقلب حاضرٍ خاشعٍ موقنٍ بالإجابة، وإجابة الدعاء كما ذكر سادتنا العلماء، إمِّا بتحقُّق عين ما دعاه الداعي سريعًا، أو يدفع الله عنه بدعائه من البلاء، مالا يخطر على قلبه وباله، أو يؤجِّل له ذلك ليوم القيامة، فيلقاه أجرًا وثوابًا مدَّخرًا، يجده كنزًا محفوظًا له عند ربه، فيفرح به فرحًا لا يُوصف، ويرقى ببركة دعائه المدَّخر في درجات الجنة، وربما وصل رقيُّه للفردوس الأعلى، ولمرافقة الأنبياء والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.
والدعاء أن يطلبَ الداعي ما ينفعُه، وما يكشف ضُرَّه؛ وحقيقته إظهار الافتقار إلى الله، والتَّبرُّؤ من الحول والطَّول والقوة، وهو سمةُ العبوديةِ، واستشعارُ الذّلةِ البشرية، وفيه معنى الثناءِ على الله عزَّ وجلَّ بما هو أهله، وإضافةِ الجود والكرم إليه.
والدعاءُ طاعةٌ لله، وامتثال لأمره، قال تعالى: ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) غافر: 60.
والدعاء لخَّص لنا النبي صلى الله عليه وسلم فضله بكلمة واحدة، حيث قال: ( الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ ) رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني.
والدعاء أكرم شيء على الله تعالى، فقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الدُّعَاءِ ) رواه البخاري.
والدعاء سبب لدفع غضب الله، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ لَمْ يَسْأَلْ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ ) رواه الترمذيُّ، وحسنه الألباني.
والدعاء سلامة من العجز، ودليل على الكَياسة، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنْ الدُّعَاءِ، وَأَبْخَلُ النَّاسِ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلَامِ ) رواه ابن حبان، وصححه الألباني.
ويكفي الداعي أنه في معية الله، قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( يقول الله عزَّ وجلَّ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي ) رواه مسلم.
وعلى الداعي أن يتخيَّر حالاً معيَّنًا، ووقتًا مناسبًا، ومكانًا فاضلًا لدعائه، فأمَّا الحال: 
فأن يكون صائمًا، ساجدًا، خاشعًا، ذليلًا، نظيف البدن طاهرًا.
وأمَّا الوقت: 
فيتخيَّر الداعي أوقاتًا، حريًّا فيها إجابة الدعاء: عصر يوم الجمعة، وقت السَّحر، عند نزول الغيث والمطر، بين الأذان والإقامة، وقت التحام الصفَّين في الجهاد، عقب دفع الزكاة والصدقات.
وأمَّا المكان: 
فيختار الداعي أماكن شريفة فاضلة: المساجد عمومًا، وبالأخصِّ المساجد الثلاثة: المسجد الحرام - المسجد النبوي - المسجد الأقصى، فالمساجد بيوت الله.
دليل حال الداعي:
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ ) رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة لا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَالصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، يَرْفَعُهَا فَوْقَ الْغَمَامِ، وَتُفَتَّحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ ) رواه الترمذي، وصححه الألباني.
دليل تخيِّر وقت الدعاء:
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةٌ، لَا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ )رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ذكر يوم الجمعة، فقال: ( فِيْهِ سَاعَةٌ لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي، يَسْأَلُ الله شَيْئاً إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ ) متفق عليه. وذكر كثير من أهل العلم أنها ما بين صلاة العصر والمغرب. 
دليل اختيار المكان الفاضل:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(مَنْ غَدَا إلَى المَسْجِدِ وَرَاحَ، أَعَدَّ الله لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ، كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ ) متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: ( صَلاَةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ ) رواه أحمد، وابن ماجه، وصححه الألباني.
ولا تنس أخي أن تعمَّ بدعائك المسلمين جميعًا، وأن تخصَّ كاتب هذا المقال بدعوة صالحة في ظهر الغيب، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ، إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ ) رواه مسلم.
وأختم حديثي عن الدعاء بأن أذكرك أخي المسلم بأن تدعو بشكل دائم ومستمر بأربع دعوات، أراها من الأهمية بمكان، وهي:
1- الدعاء بحسن الخاتمة، فتقول: اللهم أحسن خاتمتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا، وعذاب الآخرة.
2- الدعاء بالثبات على الدين، إلى أن يدركك اليقين، فتقول:
اللهم يا مقلب القلوب والأبصار، ثبِّت قلوبنا على دينك، يا مصرِّف القلوب والأبصار، صرِّف قلوبنا إلى طاعتك. 
3- الدعاء أن يرزقك الله التوبة النصوح، من جميع الذنوب والمعاصي والخطايا، قبل أن تموت، فتقول:
اللهم ارزقنا توبة صالحة صادقة نصوحًا قبل الموت.
4- الدعاء لأهلك وأولادك بالهداية والتوفيق، لما فيه صلاح دينهم ودنياهم، فتقول: 
اللهم يا ربَّ العالمين، ربِّ أولاد المسلمين، واهدهم صراطك المستقيم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.