الأحد 12 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.92 ليرة تركية / يورو
40.78 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.89 ليرة تركية / ريال قطري
8.62 ليرة تركية / الريال السعودي
32.35 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.92
جنيه إسترليني 40.78
ريال قطري 8.89
الريال السعودي 8.62
دولار أمريكي 32.35

التنمر على المصاب أو المتوفى بـــ (كورونا) جريمة إنسانية ومخالفة شرعية

16 ابريل 2020، 10:03 ص
التنمر على المصاب أو المتوفى بـــ (كورونا) جريمة إنسانية ومخالفة شرعية

الدكتور أكرم كساب

باحث في الفكر الإسلامي

16 ابريل 2020 . الساعة 10:03 ص

لا يلام المرء إن خاف على نفسه أو أهله من هذا الوباء، ويعد هذا من بالأخذ بالأسباب، وقد رأينا النبي صلى الله عليه وسلم يقول للمجذوم:«إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ[1]».

لكن الخوف غير المسبب والذي يتسبب في إيذاء الآخرين خوف مذموم لا تقره الشريعة، وقد نشرت الصحف ومواقع النت بأن بعض الناس في إحدى قرى مصر حاولوا منع دفن طبيبة ماتت بسبب (فيروس كورونا) مخافة العدوى، ولم تدفن الطبيبة إلا بعد تدخل قوات الأمن.

والسؤال هنا: هل هناك رأي طبي يقول بأن دفن هذا المصاب فيه أدنى خطورة على الأحياء، ويبدو أن خللا عند بعض الناس في نظرته إلى المصاب بــ (فيروس كورونا)، ولهذا سأشير إلى أهم ما يمكن أن يعتبره الناس في نظرته إلى المصاب ومن يموت في هذا الوباء، وسيكون على هذا النحو:

المصاب بهذا الأمر لا بد أن ينظر إليه المجتمع على أنه مبتلى، وأن ابتلاء المرء قد يكون فيه الخير كل الخير له، روى البخاري عن أبي هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ[2]»، وروى البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ، وَهُوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، وَقُلْتُ: إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، قُلْتُ: إِنَّ ذَاكَ بِأَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ؟ قَالَ: «أَجَلْ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى إِلَّا حَاتَّ اللَّهُ عَنْهُ خَطَايَاهُ، كَمَا تَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ[3]»، بل المصاب الصابر رجل يأتي في مصاف الكبار من خلق الله وعباده، فهو بعد الأنبياء والصالحين، وروى أحمد عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً؟ قَالَ: " الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الصَّالِحُونَ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ، فَالْأَمْثَلُ مِنَ النَّاسِ، يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صَلابَةٌ زِيدَ فِي بَلائِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ خُفِّفَ عَنْهُ، وَمَا يَزَالُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَمْشِيَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ لَيْسَ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ[4]".

الصابر في الأوبئة له أجر شهيد، روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: قال: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:".... لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يُصِيبُهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ[5]».

المتوفى في هذا الوباء يعدّ شهيدا، روى الشيخان عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ[6]»، وعند أحمد عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَأْتِي الشُّهَدَاءُ وَالْمُتَوَفَّوْنَ بِالطَّاعُونِ، فَيَقُولُ أَصْحَابُ الطَّاعُونِ: نَحْنُ شُهَدَاءُ، فَيُقَالُ: انْظُرُوا، فَإِنْ كَانَتْ جِرَاحُهُمْ كَجِرَاحِ الشُّهَدَاءِ تَسِيلُ دَمًا رِيحَ الْمِسْكِ، فَهُمْ شُهَدَاءُ فَيَجِدُونَهُمْ كَذَلِكَ[7]".

ماذا لو كان المصاب أو المتوفي من ذوي هؤلاء المتنمين؟ هل يرضون بهذا الصنيع؟ إن أسوأ ما في هذه الحالة أنها تظهر تفكك المجتمع، وتناسى الناس ما رواه الشيخان عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ[8]».

وأخيرا فأقول لهذا النوع من الناس، واجب عليكم التوبة إلى الله من هذا الصنيع، ومن التوبة أن تقدموا اعتذارا لهذه الأسرة.

 


[1] ررواه مسلم في السلام (2231).

[2] ررواه البخاري في المرضى (5647) ومسلم في البر والصلة والآداب (2571).

[3] ررواه مسلم في السلام (2231).

[4] ررواه أحمد (1481) وقال محققو المسند: إسناده حسن.

[5] رواه البخاري في أحاديث الأنبياء (3474).

[6] رواه البخاري في الجهاد والسير (2830) ومسلم في الإمارة باب بيان الشهداء (1916).

[7] رواه أحمد (17651) وقال محققو المسند: إسناده حسن.

[8] ررواه البخاري في الإيمان (13) ومسلم في الإيمان (45)