الإثنين 06 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.92 ليرة تركية / يورو
40.78 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.89 ليرة تركية / ريال قطري
8.62 ليرة تركية / الريال السعودي
32.35 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.92
جنيه إسترليني 40.78
ريال قطري 8.89
الريال السعودي 8.62
دولار أمريكي 32.35

معركة الرئاسة السورية التي بدأت

20 ابريل 2020، 01:57 م
معركة الرئاسة السورية التي بدأت

ساطع نور الدين

كاتب وصحفي

20 ابريل 2020 . الساعة 01:57 م

إما أن الرئيس بشار الأسد لم يدفع بدل عقود عمل لشركة "فاغنر" للمرتزقة الروس، أو أنه لم يدفع ثمن القمح الذي اشتراه من روسيا، ليس هناك من سبب ثالث للاكتشاف الروسي المتأخر بأن نظام الأسد فاسد وضعيف، وبلا مستقبل.

معايير السياسة في روسيا ليس لها منطق واضح، هي تُبنى  في الغالب على حسابات الربح والخسارة التي يعتمدها أي دكان صغير، لا أي مؤسسة كبرى، أو دولة عظمى، لذلك فإن الانطباع الأول الذي تكوّن جراء الحملة الإعلامية الروسية المنظمة على الأسد وأسرته ومحيطه، هو الابتزاز والضغط للحصول على المبالغ المستحقة، التي لم تحدد قيمتها الفعلية، ولم يُذكر ما إذا كانت تشمل صفقات السلاح والذخيرة التي كانت إيران ولا تزال تغطيها.

لا يمكن لأحد أن يتصور أن روسيا، التي زجّت بجيشها ومرتزقتها وسلاحها الجوي والصاروخي في العام 2015 لحماية الاسد ومنعه من السقوط في غضون أسابيع، (حسب التقديرات الروسية والإيرانية المعلنة رسمياً في ذلك الحين) ، لم تكن تملك تلك المعلومة الراسخة عن أن فساد نظام الأسد هو جزء من تكوينه، وتاليا هو الوجه الآخر لوحشيته.

في تلك الفترة، كانت الفكرة السائدة هي أن اجتماع الفساد السوري مع الفساد الروسي الذي لا يزال يذهل العالم كله، سيؤدي إلى حلف مقدس بين جهازين مافياويين، يمكن أن يصمد لعقود طويلة، ويساهم في تعزيز قبضة النظامين على البلدين، مع غلبة واضحة للجهاز الروسي الضخم والقوي الذي يمكن أن يبتلع سوريا بسهولة فائقة،

لا دليل حتى الآن على أن تلك الحملة الروسية على الأسد وفريقه، تعني فك ذلك الحلف، بل ربما فقط تغيير بعض رموزه وقواعد عمله وإعادة توزيع مهامه وتقييم مصالحه المشتركة، مستفيداً من تضاؤل الدور الإيراني وندرة الأموال التي كانت طهران تضخها في شرايين  الأسد، والتي فاقت كل ما دفعته جميع الدول العربية والأجنبية في تدخلاتها السابقة في الحرب السورية،

مقابل عدم التسليم المسبق بأن فساد نظام الأسد هو مشكلة روسيا الكبرى وهاجسها الأهم في سوريا، لا يمكن استبعاد فرضية أن موسكو تساوم طهران بشكل غير مباشر على تغطية ديون الأسد المتراكمة، طالما أنها لا تزال تمتلك احتياطياً نقدياً معقولاً، قدره الأميركيون أخيراً بنحو 110 مليارات دولار، بات النظام الإيراني يضيق في الإنفاق منها على حلفائه ووكلائه في الخارج، في ظل أزمته الاقتصادية الخانقة التي تفاقمت جراء غزو فيروس كورونا القاتل.

في سياق الحملة الروسية الراهنة على النظام في دمشق ورد تفصيل مثير، وهو استطلاع الرأي الذي أجراه معهد روسي رسمي مقرب من الكرملين، وأفادت نتائجه أن 23 % من السوريين فقط يؤيدون إعادة ترشيح الأسد في الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل، هنا أيضاً لا يبدو أن الروس يكشفون سراً دفيناً، يعرفه العالم أجمع، ولم يعد ينكره حتى أشد الموالين للأسد الذين يفقدون ثقتهم به يوماً بعد يوم، وهم في الواقع أولئك الذين شملهم وحدهم الاستطلاع وجاهروا بموقفهم من النظام، من دون أن يميلوا طبعا إلى المعارضة السورية، التي يدرك العالم أجمع أيضاً أنها لم تعد قادرة على نيل نسبة ال23% !

في هذا التفصيل، يبدو أن الكرملين حسم أمره، وتخطى فكرة الابتزاز، أو ربما ارتقى بها إلى مستويات أوسع وأشمل وأبعد من حدود سوريا.، بناء على واحدة من أهم مفارقات التدخل الروسي في سوريا أن موقف القيادة الروسية من الأسد شخصيا، تدرج من عدم الثقة الى عدم التقدير إلى عدم الاحترام وصولا الى الازدراء المعبر عنه أخيراً بطريقة لم يسبق لها مثيل.

ومن الوقائع المعروفة لذلك التدخل الذي لقي تأييداً بل ترحيباً عربياً ودولياً أن موسكو حاولت منذ اليوم الأول المساومة على الأسد، لكن أحداً من العرب والأميركيين والأوروبيين لم يبدِ اهتماماً، لكنها أوحت أكثر من مرة لجميع هؤلاء أن الأسد لن يكون بالضرورة مرشحها لولاية رئاسية جديدة، بل ربما لن يرشح نفسه للمعركة المقبلة المقررة العام 2021.

لعل هذا هو جوهر ما تقوله الحملة الروسية، التي تطلب من الاسد صراحة أن يستعد من الآن لترك الرئاسة العام المقبل، وتدعو الآخرين إلى التفاوض على اسم الرئيس السوري المقبل.