الجمعة 19 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

الكوميديا : احدى ضحايا الأردن الجدد

28 ابريل 2020، 02:14 م
الكوميديا : احدى ضحايا الأردن الجدد

سفيان توفيق

كاتب ومُدون

28 ابريل 2020 . الساعة 02:14 م

"في الأردن أنت لا ترى المنحدر ، أنت فقط تسقط فيه " بعيدا عن أن نسأل هل ما سبق صحيح أم لا ، يكفينا أننا نحن من قلناه و نؤمن به، ولكن سؤالنا هنا ، هل يصح ذلك عما يدور في نطاق الدراما الأردنية، أم أنه من الحري قبل ذلك السؤال : هل يوجد هنالك دراما في الأردن ؟.

ببساطة : الإجابة لا، إذن عن ماذا يكون السؤال ؟ الإجابة أن السؤال سيكون عن مجمل ما يقوم به كل من يسمي نفسه "فنانا "أردنيا ، وكل ما يعرض على شاشة التلفزيون الأردني من أداء "فنانين" أردنيين .

كالعادة ، وفي كل رمضان ، تتهافت المسلسلات تباعا على كل الشاشات على اختلاف أصحابها واختلاف جهاتها ، وللأردن نصيب قليل من هذا التهافت، إلا أنه وعلى الرغم من قلته ، يحمل في طياته –وللأسف- حجما لا يوارى من السخف الثقيل، من الفتور العميق، من محاولات التقيء، والتي ستبقى محاولات .

 حصلت الطامة الكبرى عند ظهور شخصية "العم غافل" على الشاشة الأردنية ، والتي اكتسحت فيما بعد ما يسمى بعالم الكوميديا الأردني الغريب والمختلف كليا عن أي كوميديا أخرى، ووقعت الطامة الأخرى والأكبر أيضا لحظة ظهور شخصية " أبو الفراجين" كشخصية كوميدية وما رادفها من شخصيات أخرى حملت الكروموسومات الفنية نفسها .

على ذلك ، تتعدد الأسباب التي أودت بالفن "الأردني"-إن آمنّا أن هنالك فنّا- إلى ما دون القاع ، ولعلّ ذلك على الأرجح هو في حجم الفراغ الكبير في هذا الوسط ، والذي كان معه الدخول لأي شخص واقتباسه لأي شخصية هو بالشيء المنجز، وعلى ذلكم تركز الفن الأردني تباعا في بضع شخصيات فقط .

لكن المشاهد الأردني-والواقع لا يقول سوى وجود جهة واحدة تشاهد هذا الفن، هم الأردنيون فقط- ألم يستطع أن يتحرر-ولو لمرة واحدة في حياته- إلى ما غير هذه الوجوه ؟ هو بالفعل تحرر ، والدليل على ذلكم أن الدراما السورية قد اكتسحت العالم العربي بالكامل، والصدر الأرحب لها و الأكبر كان لدى الشعب الأردني-فنحن كلّ واحد ومهما ابتعدنا سنعود- وحقّ لها ذلك لعظمتها وعبقريتها بكافة وجوهها، لكن سوريا الآن في حال يرثى لها بسبب أزمتها، وهذا هو السبب أن الحصان السوري قد غاب، فحضر كثر يحاولون تقليده .

سؤال آخر : هل هنالك نقص في كُتّاب السيناريو الأردنيين ؟. ولكن كاتب السيناريو قادر على تعدي خطوط اللهجات ؟ بمعنى شراء سيناريوهات قريبة إلى لهجتنا -والمنبع السوري على سبيل المثال كبير جدا وهو الأقرب -، أم أن هنالك إنكارٌ لكُتّاب أردنيين مهمشين كالعادة بسبب عبقريتهم؟ ألا يوجد لدينا من يضاهي الدكتور ممدوح حمادة صاحب الروائع " ضيعة ضايعة" و "الخربة " وغيرها ، أم أن العبقرية كانت لدى نضال سيجري ودريد لحام ؟ أم أن الإبداع والعظمة قد اختلقتا عندما صافح ممدوح حمادة نضال سيجري وغيره وانسابت أفكار الكاتب المبدع إلى جسد الفنان الموهوب.

باختصار ،  "عالم الفن" يمثل حافة عليا تستلزم عبقرية قابلة للتشارك من كل يد تريد الوصول إليها ، كما تمثل اةأيضا "هوة" سحيقة يمكن أن تهدم حضارة بأكملها .

يقول الدكتور محمد عناني في كتابه "فن الكوميديا" : كان من نتيجة النجاح الجماهيري لبعض عروض المسرح التجاري أن اختلط مفهوم الكوميديا لدى كثيرين، إذ بدأ الاعتقاد يسود-بكل أسف- بأن الكوميديا هي التسلية عن طريق الإضحاك بأي وسيلة ممكنة...والحقّ أن الكوميديا –مثل أي فن درامي- لا بد أن تنبع من موقف ومعنى الموقف وجود قوى متصارعة تخلق ما اصطلح على تسميته بالتعقيد .ولكن الكوميديا تختلف عن التراجيديا في أنها تعتمد على إمكانية حل هذا التعقيد بإحلال نوع من التوافق بين هذه القوى يعيد المياه إلى مجاريها ويعلن انتصار الحياة بانتصار الإنسان على نوازع الصراع والتصارع .

سعيا على ما سبق، لا توحي أغلب المشاهد التي تدعي محاولة الظهور بطابع كوميديا-إن لم تكن كلها – سوى بانحطاط فني لم يشهد له مثيلا من قبل، والغالب هنا ليس في عدد الشخصيات الكوميدية فذلك محط شك في معيارية حكمه، وإنما في أداء هذه الشخصيات وبراعتها

قلنا ذات مرة في قصة أوحينا بها تحمل عنوان "وحي العمى" : "في وجه الممثل تقبع فترة زمنية مخفية وراء وجهه الحقيقي، وهي دوره على خشبة المسرح وخلف الشاشة، لكن العبقرية الحقيقية هي في أن تجمع عصورا مع بعضها على تنافرها تحت وجه واحد، تنتقل بها حيثما اقتضى ذلك، انظر إلى بسام كوسا، سترى من خلاله العصر الجاهلي وما بعده وما قبله، يجمعها كلها ويحيكها في الخفاء، حتى تعجز عن معرفة من هو وما هو ، انظر أيضا إلى غيره ممن هم أحياء ومن مات منهم ، باختصار : على خشبة المسرح أنا لا أراك ، أنا أرى من خلالك " .

كما تروى أيضا قصة غريبة، عن أحد رواد السينما "ثاقبي الذهن" قد قام بكسر شاشة السينما العملاقة، وحين تم سؤاله في قسم الشرطة عن سبب ما فعل ، كان رده : لقد قتل هؤلاء الكوميديا ؟ .

في النهاية، وللأسف، كانت بداية الكوميديا عند الإغريق، ولكن نهايتها كانت في الأردن .