الخميس 04 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

انتهى "عقد المتعة" بين روسيا والأسد وحانت لحظة السقوط

29 ابريل 2020، 04:14 م
انتهى "عقد المتعة" بين روسيا والأسد وحانت لحظة السقوط

لم تستطع روسيا الاتحادية وهي الوريث الشرعي والوحيد للاتحاد السوفييتي بحكم كونها أكبر دوله وأكثر المساهمين فنياً وبشرياً في اقتصاده اللينيني الماركسي، لم تستطع أن تخرج عن طريقته في ادارة ملف العلاقات الخارجية ومقاربته لكيفية توسيع النفوذ والهيمنة والنظر دائماً إلى كيفية إثبات عظمة الدولة ومقدراتها الاقتصادية والعسكرية كقطب يفرض نفسه على العالم من خلال موازين القوة العسكرية الصرفة، التي لا تستند إلى مقومات اقتصادية تساعدها على الثبات والديمومة.

ولم يشكل تدخلها الصارخ في الازمة السورية خروجاً عن هذه القاعدة، مع أنه بدى كتدخل الضباع لالتهام فريسة عفت عنها الكواسر الأشد قوة وتأثيراً، فقد اقتصر تدخل روسيا في البداية على الدعم السياسي واللوجستي بتقديم قطع الغيار والذخائر وبعض التجهيزات العسكرية، وعندما لاحظ الروس عدم اكتراث الغرب والولايات المتحدة بما يجري وعدم تدخلهم مباشرة في هذا الشأن، رمت روسيا بكل قوتها العسكرية في منتصف العام 2015 لوقف تهالك نظام الأسد وتلاشي سيطرته، والذي بدا وكأنه قاب قوسين أو أدنى من السقوط التراجيدي المدوي.

وأدركت روسيا أن النظام في هذه المرحلة الحرجة سيتخلى عن كل مقدراته الاقتصادية والسيادية في سبيل البقاء في الحكم، لأيّ كان يمد له طوق النجاة، ورأت أن الفرصة سانحة لذلك، تبعاً لمواقف الدول الغربية التي أدارت ظهرها للسوريين وحقوقهم، وإلحاح إيراني وتعهد بتقديم الدعم الأرضي الميليشياوي المساند، وتوفر التمويل اللازم للتدخل الجوي والأرضي واللوجستي من بعض الدول العربية المارقة التي شعرت أن أي ثورة شعبية عادلة ستطال تداعيتها كل غث وسمين من رؤساء وأمراء الوكالة الحاكمين بأمر الطواغيت.

وساعدها في ذلك تاريخ من العلاقات مع النظام الحاكم منذ عشرات السنين قائم على صداقة مصلحية بحتة تيح لروسيا موطئ قدم في أكثر المناطق استراتيجية في العالم، والثابت والمؤكد ومنظري النظام وأبواقه يعلمون ذلك، أن التدخل الروسي لم يكن لدوافع انسانية أو قانونية، وأنه ما كان إلا لأهداف استراتيجية قائمة على الهيمنة والنفوذ في منطقة بدأ نفوذه بالتآكل فيها، لا سيما بعد خسارته لحليفين أساسيين هما العراق وليبيا.

لم ولن يكن الزواج بين الروس والنظام كاثوليكياً، كما لم تكن العلاقة بينهما على أسس ثابتة من الصداقة والمنفعة المتبادلة والعادلة، بل هي ليست أكثر من "عقد متعة" مؤقت وضرورة مرحلية أملتها المصالح الروسية العليا، بعد تقارير سرية أكدت وجود مخزونات ضخمة من الغاز والنفط في المياه الاقليمية السورية، هذا غير الثروات السابقة من النفط والفوسفات والغاز والبيئة الاستثمارية والسوق الواعدة، وأهم من كل ذلك مياه المتوسط الدافئة وتوق روسيا الدائم لأن تدلي أقدامها المتجمدة فيه، والتي أثبتت أنها مستعدة للمغامرة وتحدي العالم في سبيل ذلك، وقصة القرم ليست ببعيدة.

لم تكن المراهنة على الحكومات الديكتاتورية مجدية في يوم من الأيام وقصص التاريخ تشهد بذلك، ولن تكون مراهنة روسيا على نظام الأسد المجرم ثابتة ودائمة، خاصة لدولة قوية تطمح للديمومة والبقاء، والتي فيما يبدو أنها باتت تعد المشاهد الأخيرة لترحيل هذا النظام البائس مع كل قطعة فيه غير مأسوف عليه، خاصة بعد أن ثبت لها أنه غير قادر على قيادة مرحلة ما بعد الحرب، نتيجة الفساد الذي ينخر إدارته بشكل عامودي وأفقي، ويحيط به من كل جانب.

لقد كان أجدى بدولة كبيرة أرادت أن تقف في وجه الغرب الذي لا يهمه إلا السيطرة كما تدعي، ألا تناصر الظالمين وتعمل آلتها التدميرية قتلاً وتنكيلاً لبقائهم، بل كان يجب أن تراهن على علاقتها بالشعوب التواقة للحرية، لأن الأحرار وحدهم من يلتزم بالعهود والأحرار وحدهم من سيبقى ومن سيسود، فلا ميثاق لطاغية ولا عهد لظالم، ولن تنسى الشعوب المقهورة حقوقها ولن تلتزم بأي عهد أو عقد وقعه الطغاة نيابة عنها.