الإثنين 29 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

مخيم الركبان.. معاناة متفاقمة تتجلى في رمضان

12 مايو 2020، 01:52 م
مخيم الركبان.. معاناة متفاقمة تتجلى في رمضان

جلال سليمان – خاص آرام:

يسند السوري أبو سعيد شنان، ظهره على خيمته المتهالكة رغم أشعة الشمس الحارقة بشكل يومي لعله يجد الراحة قليلاً بعدما فقد برفقة الآلاف من الأهالي العون والسند داخل مخيم الركبان على الحدود السورية الأردنية.

شنان الذي هُجر من ريف حمص عام 2016، يواجه الظروف القاسية بإنشاد بعض أبيات الشعر بصوته الشجي الذي تخالطه أصوات أطفاله من حوله، متفكراً بمصير عائلته المكونة من خمسة أفراد داخل 4 متر مربع!

يقول لـ"آرام" إنه يعمل في بيع الخضار التي يتم تهريبها من مناطق سيطرة نظام الأسد، عبر التجول لمدة 8 ساعات داخل المخيم عله يُحصل قوت أطفاله في ظل ارتفاع الأسعار وعدم مقدرة الأهالي على الشراء.

محمد إبراهيم، سوري آخر من مدينة دير الزور، يُجسد مشهداً آخر من المعاناة، حيث يجلس أمام خيمته منتظراً أذان المغرب وبحوزته وجبة طعام واحدة تلقاها كمساعدة، لكنها للأسف لا تشبع أطفاله الثالثة وزوجته.

يُشير إبراهيم الذي نزح من مدينته عقب سيطرة تنظيم "داعش" عليها، أن رمضان أثقل كاهل الأهالي جراء عدم قدرتهم على تأمين حاجيات أسرهم وأطفالهم، حيث يأمل بحياة كريمة وأجواء سعيدة في هذا الشهر الفضيل.

وذكر في حديثه لـ"آرام" وعيناه مليئتان بالحزن، أنه يعتمد في حياته داخل المخيم على 100 دولار فقط تصله من شقيقه في السعودية بشكل شهري، إضافة لمساعدات رمزية يتلاقها من الأمم المتحدة.

ويعيش أكثر من 12 ألف نازح في أوضاع مزرية في مخيم "الركبان" العشوائي، بالمنطقة العازلة هرباً من ويلات الحرب، إلا أنهم واجهوا إغلاق الحدود أمامهم عقب تفجير لـ"داعش" أودى بحياة 7 جنود أردنيين.

طينة وخيام

"70% بيوت طينية سقوفها شوادر بلاستيكية، و30% خيام"، هكذا بدأ الناشط بالإدارة المدنية للمخيم، عمر الحمصي، وصف المأساة، مبيناً أن أغلب السكان من ريف حمص والشام ودير الزور وقد نزحوا جراء معارك "داعش" مع نظام الأسد.

وأوضح الحمصي في حديثه لـ"آرام" أن المخيم يضم أكثر من 45 ألف نازح، 80% منهم تحت خط الفقر، فيما لا يوجد تنظيم، فالمياه مصدرها الأردن، وتوجد نقطة طبية واحدة داخل الحدود الأردنية تستقبل حالات معينة.

ولفت إلى أن هناك حالات مرضية تذهب إلى مناطق نظام الأسد مقابل مبالغ مالية عالية جداً عن طريق التهريب، حيث توفي أكثر من 20 نازحاً بسبب عدم توفر الخدمات الطبية في المخيم العام الماضي.

وبشأن الغذاء، ذكر أنه يتمثل بـ"سلال غير منتظمة لا تُسمن ولا تغني من جوع، تأتي كل عدة أشهر من الأمم المتحدة، أو عن طريق التهريب من مناطق النظام أيضاً بأربعة أضعاف سعرها الحقيقي".

وقبل أيام، أضرمت نازحة في المخيم النار في جسدها لعدم قدرتها على مساعدة أبنائها، حيث عانوا الجوع طويلاً، وهي ترقد حالياً في حالة صحية خطرة.

مخاوف التهجير

النازح محمد موفق، أحد قاطني "الركبان"، يقول لـ"آرام"، إن معظم سكان المخيم يعملون من شروق الشمس وحتى الغروب لتأمين ثمن ربطة الخبز التي يصل ثمنها إلى 900 ليرة سورية، ما يعادل 1.7 دولار أمريكي.

ويحاول نازحون، بينهم مدرسون وممرضات وحلاقون، تأمين دخل مالي، ولو قليلاً، عبر ممارسة أعمالهم في المخيم، "فالحالة مأساوية، ومهما وصفت فلن أستطيع التعبير عما نعيشه"، حسب تعبير مُوفق.

وشدد على أن الخوف يعتري جميع السكان بعد قرار الولايات المتحدة سحب قواتها من سوريا، حيث هناك خشية من سيطرة ميليشيات الأسد على المخيم، وهذا يعني مواجهة التهجير والنزوح مرة أخرى.

أما الصحفي داخل المخيم، غسان الفضيل، قال لـ"آرام" بعد أخذ نفس عميق: "لسنا إرهابيين، وإنما هربنا من بلادنا حفاظاً على حياتنا من الإرهابيين، النظام أغلق كل الطرقات، ولا بد لأي شيء أن يمر من حاجزه".

وفي السادس من الشهر الجاري توفيت رضيعة سورية تبلغ من العمر 4 أشهر داخل المخيم لعدم السماح لها بتلقي العلاج في الأردن، أو في مناطق سيطرة نظام الأسد.

ويعود "الحمصي" للحديث عن قصة الطفلة، بالقول: "الرضيعة قضت نتيجة الجفاف وقلة الرعاية الطبية، فلا يوجد طبيب مختص أو مستشفيات، والنقطة الطبية التابعة لمنظمة يونيسف رفضت استقبالها مثل الأردن".

وأضاف "النقطة الطبية بررت رفضها استقبال الطفلة بأنها تحتاج لشهر كامل من العلاج، ويجب نقلها لمستشفى متخصص، حيث لا تسمح السلطات الأردنية بدخول المرضى إلى أراضيها إلا حالات محددة".

سجن كبير

المسؤول الإغاثي في "الركبان" محمود هميلي، شدد على أن الوضع في المخيم بائس، وصافاً المكان بسجن كبير، في ظل عدم وجود مقومات الحياة شتاءً وصيفاً، فيما لم تلقى مناشداتهم آذناً صاغية حتى الآن.

وذكر أن بعض من لديهم خبرة بالتدريس فتحوا خيامهم لتعليم الأطفال.

أحمد الزعير، ناشط إغاثي آخر في المخيم، قال: "إن فصل الصيف ورمضان دخل علينا ولم تلتزم المنظمات الإنسانية بتوفير الدعم للأهالي من إغاثة وطبابة وتعليم ووقود للطهي".

وأضاف لـ"آرام" عن ظروف الحياة الصعبة "لتر المازوت سعره 450 ليرة (0.85 دولار)، وكيلو الحطب الأخضر 100 ليرة (0.19 دولار)، فيما لا توجد أموال لدى الأهالي لشراء تلك المواد أصلاً".

وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة قد عبر عن قلقه البالغ حيال الظروف الصعبة التي يواجهها النازحون في مخيم "الركبان".

ودعا المتحدث باسمه "هيرفيه فيرهوسيل" بمؤتمر صحفي في جنيف، جميع الأطراف لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين بشكل آمن ومستدام، تماشياً مع القانون الإنساني الدولي.

ووصلت آخر قافلة مساعدات إلى مخيم "الركبان" في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حيث تستمر معاناة سكانه إلى حين الاستجابة لنداءات استغاثتهم فهل من مجيب؟!