الإثنين 06 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.92 ليرة تركية / يورو
40.78 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.89 ليرة تركية / ريال قطري
8.62 ليرة تركية / الريال السعودي
32.35 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.92
جنيه إسترليني 40.78
ريال قطري 8.89
الريال السعودي 8.62
دولار أمريكي 32.35
...

الرشوة

31 مايو 2020، 01:09 م

 

(لعن الله الراشي والمرتشي والقائم بينها ) هو دستور اعتمده المشرع العربي مستندا على أحكام المذهب الحنفي وانتقلت هذه القاعدة لكافة قوانين العالم فاستند عليها المشرعون وصارت مرتكزا لكل دولة تريد الوصول لمصافي الدول المتطورة والراقية.

لقد عالج المشرع جريمة الرشوة في مقدمة الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة لكونها الجريمة الأكثر ارتكابا من قبل الموظف العام والأكثر خطورة على الوظيفة العامة والرشوة هي: اتِّجار الموظف العام أو (القائم بخدمة عامة) بوظيفته أو استغلالها بأن يطلب أو يقبل أو يحصل على عطية أو وعد بها لأداء عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجباتها

والمشرع إذا يجرم هذا الاتجار بالوظيفة العامة إنما يحمي نزاهة الوظيفة العامة والإدارة العامة وهو حق أساسي للدولة في كل مجتمع منظم..

وتعد الرشوة من أخطر الجرائم التي تقع على الإدارة العامة لعدة أسباب:

١)-  المساس بنزاهة الدولة: فاتجار الموظف العام بواجبات وظيفته يحول الخدمات العامة التي تقدمها الدولة مجانا أو بشروط محددة إلى سلع لها أسعار قابلة للارتفاع والانخفاض بحسب ما يراه الموظف ويحقق له المكاسب الشخصية ويجردها من سموها كخدمات تقدمها الدولة لأفراد الشعب.

٢)- التفرقة الظالمة بين المواطنين: فالخدمات لا تقام إلا للمواطن القادر على الدفع، أما غير القادر فلا يحظى بخدمات دولته.

٣)- المساس بهيبة القانون

٤)- الإثراء دون سبب مشروع: من قبل الموظف مقابل الخدمات التي عهد إليه بتقديمها من قبل الدولة ..

الركن المفترض:

 الفاعل: الموظف العام ومن في حكمه .

الركن المادي: ويتمثل في النشاط الجرمي * النتيجة الجرمية * علاقة السببية بين النشاط الإجرامي والنتيجة الجرمية

أولا_ الركن المفترض الفاعل: الموظف العام ومن في حكمه ذكرنا أن جوهر جريمة الرشوة هو اتجار الموظف العام بأعمال وظيفته وذلك في سبيل تحقيق المكاسب الشخصية ويبنى على ذلك أن الفاعل في جريمة الرشوة لا يمكن أن يكون إلا موظفا لدى الدولة أما الراشي فهو مجرد شريك في جريمة الرشوة التي يرتكبها الموظف العام  والسؤال من هو الموظف العام؟ هو كل من يعين بصورة دائمة في إحدى الوظائف الملحوظة في الملاك العددي للجهة العامة.

وعرفت الوظيفة: كل عمل دائم وردت تسميته في ملاك الجهة العامة وفق أحكام القانون

الموظف العام الحكمي وهم في حكم الموظف الحقيقي وهؤلاء الأشخاص هم:

١)- الموظفون في السلك القضائي

2)- ضباط السلطة المدنية أو العسكرية أو أفرادها

٣)- العامل أو المستخدم في الدولة أو في إدارة عامة ومثال ذلك العمال في معامل الدولة.

٤)- المكلفون بخدمة عامة سواء بالانتخاب أم بالتعيين ومثال ذلك أعضاء مجلس الشعب والمجالس المحلية.

المكلفون بمهمة رسمية والحكم والخبير

٦)- المحامون، ونشير إلى أن المشرع ذكر هؤلاء الأشخاص على سبيل المثال لا الحصر ..

ثانيا- الركن المادي :

*النشاط الإجرامي وله صورتان وهما الطلب والقبول

*موضوع النشاط الإجرامي المنفعة (مقابل الرشوة )

*الغرض من الرشوة

أ_ صور النشاط الإجرامي في جريمة الرشوة يتمثل بالطلب: وهو تعبير يصدر عن إرادة منفردة للموظف العام يطلب فيه من صاحب الحاجة مقابلا لأداء عمله الوظيفي وتقع جريمة الرشوة بمجرد صدور الطلب من الموظف العام ولو لم يقبل أو يستجب صاحب الحاجة بل ولو رفضه وسارع إلى إبلاغ السلطات العامة ولا يشترط لطلب الموظف شكل معين فقد يكون كتابة أو شفاهة وقد يكون صراحة أو ضمنا وقد يكون لمنفعة الموظف نفسه أو لمنفعة شخص آخر غيره.

القبول: هو تعبير عن الإرادة يصدر من قبل الموظف اتجاه ما عرض عليه من صاحب الحاجة فالقبول يفترض وجود عرض أو إيجاب من قبل صاحب الحاجة بتقديم المنفعة إذا قام الموظف بقضاء مصلحته ونشير إلى أن مجرد القبول بالرشوة ولو لم يحصل عليها الموظف بصورة فعلية يكفي لقيام جريمة الرشوة ولا يشترط في قبول الموظف المرتشي شكلا معينا فقد يكون شفهيا أو كتابيا وقد يكون بالقول أو الفعل وقد يكون صريحاً أو ضمنياً

ب_ موضوع النشاط الجرمي: المنفعة قد تكون ذات طبيعة مادية أو معنوية كالنقود والمصوغات أو الثياب كما قد تكون معنوية وقد تكون ظاهرة كما قد تكون ضمنية مستترة

وترتبط جريمة الرشوة وجودا وعدما بالمنفعة بمعنى أن انتفاء المنفعة يؤدي الى انتفاء جريمة الرشوة

ج_ الغرض من الرشوة: لا يكفي لقيام جريمة الرشوة أن يلتمس أو يقبل الموظف هدية أو منفعة ما، بل يجب أن يقترن ذلك بهدف معين لدى صاحب الحاجة وهو قيام الموظف بأداء عمل شرعي من أعمال وظيفته أو عمل منافي لواجبات وظيفته أو ليهمل أو يؤخر ما كان عمله واجبا عليه فالرشوة عبارة عن عقد غير شرعي بين طرفين، الموظف المرتشي، وصاحب الحاجة الراشي، يتعهد الثاني بتقديم منفعة حالية أو مستقبلية لقاء قيام الأول بعمل شرعي من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه

 

الركن المعنوي: جريمة الرشوة جريمة مقصودة تتمثل في صورة القصد الجرمي وهو قصد الموظف المرتشي لكونه الفاعل في جريمة الرشوة، فكما سبق لنا القول جريمة الرشوة من جرائم ذوي الصفة لأنها تتطلب في الفاعل صفة محددة وهي صفة الموظف في الدولة ولا تقع هذه الجريمة إلا مقصودة وبالتالي فإن الخطأ لا يكفي لقيام هذه الجريمة

* يتطلب قيام القصد الجرمي في جريمة الرشوة توافر عنصري العلم والإرادة فالعلم شرط للإرادة ومرحلة في تكوينها ولا يكفي العلم وحده في جريمة الرشوة بل لابد من توافر الإرادة أي أن تتجه إرادة الموظف إلى الاتجار بواجبات وظيفته وذلك من خلال التماس أو قبول المنفعة أو الحصول على وعد بها.

حدد المشرع لجريمة الرشوة عقوبات أصلية وعقوبات إضافية وجوبية وهذه العقوبات قد تكون مشددة بحسب الحال.

الإعفاء من العقوبة يعفى الراشي والمتخل من العقوبة إذا باحا بالأمر للسلطات ذات الصلاحية أو اعترفا به قبل إحالة القضية إلى المحكمة

منح المشرع عذرا محلا من العقاب للراشي والمتدخل فقط أما المرتشي فلا يستفيد على الإطلاق من الإعفاء من العقوبة وعليه استبعاد المرتشي من الإعفاء من العقوبة

وقد حدد المشرع سببين للإعفاء من العقوبة على سبيل الحصر، البوح والاعتراف

والبوح هو الإبلاغ إلى السلطات ذات الصلاحية أي إخبارها بأمر الرشوة ويفترض جهل السلطات بأمر الرشوة 

أما الاعتراف هو الاقرار الصادر من الراشي أو المتدخل والذي من شأنه مساعدة السلطات في إثبات جريمة الرشوة ويفترض الاعتراف علم السلطات بوقوع الجريمة وسعيها في إثبات الجريمة في مواجهة الموظف المرتشي.

وخلاصة القول إن الرشوة من أخطر الآفات التي يمكن أن يصاب بها المجتمع والوظيفة العامة فهي تشوه العلاقة التي تربط الدولة بمواطنيها والتي يجب أن تقوم على الثقة والقانون والمصلحة العامة وتسلب الوظيفة العامة وعمالها الاحترام الذي يجب أن تحظى به من قبل المواطنين لأن الخدمات في نظر المواطن تتحول الى سلع معروضة قابلة للبيع والشراء.

لا يبرر الوضع أو الضرورة أي شكل من أشكال الرشوة صغرت أم كبرت وباسمها الحرفي رشوة أو بألقابها هدية (قيمة فنجان قهوة) حتى وإن كان الهدف وراء الرشوة نبيلا فالغاية لا تبرر الوسيلة