الإثنين 06 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.92 ليرة تركية / يورو
40.78 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.89 ليرة تركية / ريال قطري
8.62 ليرة تركية / الريال السعودي
32.35 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.92
جنيه إسترليني 40.78
ريال قطري 8.89
الريال السعودي 8.62
دولار أمريكي 32.35
...

كيف تتم سرقة الثورات

31 مايو 2020، 07:11 م

الثورة أصبحت اليوم شبه عادة في كثير من المجتمعات خاصة تلك التي تتسم بالطابع الاستبدادي القمعي و التي غالبا ما تؤدي إلى حدوث الثورات لكننا اليوم نحاول أن نفهم العوامل التي تؤدي إلى سرقة الثورات أو استغلالها من قبل جماعات لها مصالحها الخاصة و التي قد يكون النظام القديم معاديا لها و حينها ستكون ثورة الشعب نقطة تقاطع مع مصالح تلك الجهات و بالتالي سيكون الهدف واحد و هو الإطاحة بالنظام القديم، حتى الآن لا شئ يدعو للقلق و الريبة فالشعب يريد إسقاط الحكومة و كذلك المعارضة و لكن بعد أن يتم إسقاط النظام فهنا تتباين الآراء. 
الكل بعد الثورة يحاول فرض رؤياه الخاصة و ربما يقتسمون الكعكة قبل الكعكة و أصحاب المصالح سواء سياسية أو اقتصادية و غالبا ما تكون سرقة الثورات من هذه النواحي فقط و سرقة الثورات قد تكون من الداخل أو من الخارج أو الاثنين معا و لنرَ تلك العوامل :
1- أن تحاول جهة المصلحة حصر الثورة في ذاتها فقط فهي غالبا تحاول أن تشكك في كل التيارات السياسية الأخرى و إن كانت معارضة معها سابقا و قد تقول إنهم أعوان للنظام السابق و هم يحاولون دائما أن أفعالهم و أقوالهم هي من تمثل الثورة فقط و إن خالفت بعض مبادئها. 
2- محاولة جعل الأنظمة القديمة كشماعة عليها أوزار و أخطاء ما تفعله الجهة السارقة فمثلا لو فشلت في حل مشاكل الاقتصاد ستقول لك أنه بسبب النظام القديم و أنهم أدخلوا الدولة في مستنقع لا يمكن الخروج منه و أن هذا كله بسببهم دون أن يحمل نفسه أي مسؤولية عن كل ما يجري في عهده أو فشله في ملفات خارجية أو ملفات سلام فإنه أيضا سيحاول إيقاع كل أخطائه في أخطاء الأنظمة القديمة فكل ذلك إن دل على شئ فإنه يدل غالبا على أن النظام الجديد يريد رمي أخطائه على النظام القديم دون تحمل أي خطأ أو مسؤولية.
3- الانشغال في قضايا غير رئيسية و محاولة صرف العقول إلى قضايا غاية السطحية فمثلا تجد نظاما يترك مكافحة الفساد والظلم و ينشغل بإلغاء قوانين الردة مثلا أو فرضها أو الغاء الحجاب أو فرضه دون التطرق لمحاسبة النظام السابق أو حل قضايا الشعب الأساسية و إن كنا نجد حكومة ثورية تفعل ذلك فهي غالبا تكون حكومة قد سرقت الثورة و حادت عن مكتسباتها و عدم الاهتمام بالقضايا المركزية و هذا يؤدي بالتالي إلى فشل الثورة .
4- ادعاء المؤامرة و هو أمر شبيه بالحالة الثانية و لكن هنا قد يكون الأمر أكثر تعقيدا فمثلا لو حدثت خلافات بين القوى السياسية المكونة للنظام الجديد قد يدعي أحدهما أن الآخر متواطئ مع النظام السابق و هذا الأمر يحدث فقط للحكومات الانتقالية التي تتشكل عبر مجموعة من التيارات السياسية. 
5- ادعاء العجز بصورة غير طبيعية فمثلا قد يتكرر على لسان الحكومة الجديدة أن الدولة ليس فيها أموال كافية لمشروع كذا فتتكرر هذه المقولة حتى تقال في أتفه الأمور و قد تكون أمورا لا تحتاج لاقتصاد قوي لتتحقق و هو ما يدعو إلى الشك في كفاءتها و التزامها. 
6- تمديد فترة الإصلاح السياسي بصورة كبيرة فقد يقول لك أن الدولة بحاجة إلى عشرين عامٍ لتصلح ما أفسده الدهر و هذه لا تستخدم بصورة دائمة في استغلال الثورات فأحياناً أخرى قد لا تكون الحكومات التي تمدد الفترات سارقة للثورة لكن إذا صاحب التمديد صور أخرى من صور الاستغلال فهذا يؤكد تماما أن الثورة قد تم استغلالها. 
تلك التي ذكرناها هي المعالم الداخلية لسرقة الثورات أما العوامل الخارجية التي تشجع على سرقة ثورات الدول هي :
1- الخوف من تصدير الثورة خاصة إذا أتت الثورة أكلها فالشعوب تتعلم من بعضها دائما. 
2- الخوف من خسارة حليف إقليمي أو مكتسبات اقتصادية لا يمكن تحقيقها في ظل الحكومة الجديدة .
و كل تلك المؤشرات تعتبر جسَّ نبض لمسار الثورة إذا ما كانت ستحقق مكتسباتها أم لا و تفشل الثورات عادة إذا لم تهتم بالقضايا الأساسية و هذا دائما يؤدي إلى الإصابة بالإحباط للشعوب الثائرة و يصعب أيضا على الشعب اكتشاف الخلل في مجتمعه و معرفة أسباب فشله و لماذا لم يحقق ما كان يرجوه من ثمرة نضاله.