الأحد 07 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

مصير فصائل المعارضة في ظل الفوضى الأمنية

01 يونيو 2020، 07:25 م
مصير_فصائل_المعارضة_في_ظل_الفوضى_الأمنية.
مصير_فصائل_المعارضة_في_ظل_الفوضى_الأمنية.

بلال صطوف

باحث سياسي سوري

01 يونيو 2020 . الساعة 07:25 م

شهد الشمال السوري خلال الفترة الماضية تنامياً في عدد التفجيرات داخل المدن وكان أبرزها تفجير مدينة عفرين شمال حلب في 28\4\2020م ، الذي راح ضحيته 40 شخصاً بينهم 11 طفلاً، و47 جريحاً،  تلاه تفجيرات باستخدام الدراجات النارية في محيط مدينة أعزاز، ترافق ذلك مع ازدياد عدد حالات التنازع الداخلي بين فصائل المعارضة بدايةً من جرابلس وصولاً لأطراف مدينة أعزاز لتصل أخيراً لمدينة عفرين.

هذه الأحداث وتكرارها بشكل مكثف في الآونة الأخيرة يجعلنا أمام حالة انفلات أمني واضح المعالم، وتطرح هذه الظاهرة مسألة في غاية الأهمية لما لها من أثر شديد يتعدى الخسائر البشرية والمادية، فهي تتجاوز ذلك كلّه لتصيب شرعية وجود هذه الفصائل في المقتل ما لم تعمل هذه الفصائل على تكيّف واقعها للتجاوب مع ظروف المرحلة الراهنة، وتحدياتها بخاصة بعد تراجع الدور العسكري للفصائل المتمثل بحماية المناطق المحررة من هجمات النظام بعد التدخل التركي في الشمال السوري حيث كان للتدخل العسكري التركي المباشر في الشمال السوري دوراً محورياً في وقف هجمات تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على مدن ريف حلب الشمالي.

ولعب كذلك الموقف السياسي التركي دوراً مماثلاً في ما يتعلق بإمكانية شن قوات النظام السوري هجمات على المنطقة، وبعد توقيع الاتفاق التركي الروسي في إدلب الذي أدى إلى توقف المعارك التي كانت تشارك فيها الفصائل، من الناحية النظرية قد تدفع هذه الظروف إلى تراجع الدور العسكري لفصائل المعارضة لصالح الدور الأمني وبخاصة في حال تزايد عدد التفجيرات، وتحوّل خصوم الثورة للعمل الأمني بهدف زعزعة حالة الاستقرار في مناطق الشمال السوري (إدلب وأرياف حلب وحماة واللاذقية) على حدٍ سواء.

تُمثّل مسألة حماية المدنيين المبرّر الأخير لوجود هذه الفصائل نتيجة غياب العمليات العسكرية ضد قوات النظام السوري، لكنَّ الملاحظ حتى الوقت الحاضر زيادة في عدد التفجيرات والعمليات الأمنية المجهولة المصدر في معظم الأحيان يضاف إلى ذلك ازدياد حالات النزاعات الداخلية بين القوى العسكرية في الشمال السوري، مما ينبئ بتآكل شرعية النموذج الحالي من الفصائل.


إن تحقيق حالة الاستقرار شرط أساسي لقيام أي نشاط اقتصادي واجتماعي فلا حركة للمجتمع بلا استقرار، ولا تقدّم بلا اقتصاد ولا استمرار بلا أمن، ولهذا فإنّ العمل على تحقيق الأمن شرط أساسي لاستمرار أركان أي منظومة حاكمة وفي حالة الشمال السوري تتضلع الفصائل بما تملكه من انتشار على الأرض وأجهزة مرتبطة بها بجزء كبير وأساسي من عملية تحقيق الأمن في ظل عدم وجود أجهزة أمنية متخصصة وفاعلة تضطلع بهذه المسؤولية وتراكم حالات إخلال والتقصير في تحقيق الامن سيدفع الناس بالبحث عن من يحقق لهم ذلك.  

ما يشهده الشمال السوري من تفجيرات يطرح العديد من الأسئلة المتعلقة بالجهة التي تقف خلف هذه التفجيرات، والمناطق التي تم الإعداد فيها للتفجير، وكيف دخلت هذه المتفجرات للمناطق المحررة، ومن الجهة المسؤولة عن ذلك، كل هذه الأسئلة بقيت "معلقة دون إجابة"، مما أفقد الثقة بمدى جدوى العمل الأمني للفصائل فضلاً عن اتهامها بالتواطؤ والفساد بين عامة الناس.

تعتبر حالات النزاع الداخلي بين للفصائل أشد خطراً على شرعية الفصائل، وذلك بسبب حالة الاستقطاب المناطقي والعشائري الذي يُرافق حالة الاقتتال، ما ينذر ببوادر ظهور "شرخ مجتمعي" بين سكان المناطق المحررة والقوى العسكرية، ويخلق هرمية من الانتماءات الضيقة القروية والعشائرية والمناطقة.

ما يجعل حالات النزاع الذي يشهده الشمال السوري مؤخراً أشد خطراً من تلك النزاعات والمواجهات التي شهدتها مختلف المناطق الخارجة عن سيطرة النظام على سبيل المثال لا الحصر تلك المواجهات التي اندلعت عام 2018 في إدلب وغرب حلب والمواجهات التي اندلعت بين فصائل الغوطة عام.

وجاءت تلك الحالات في ظل تهديد عسكري مستمر مصدره النظام السوري، فـ "الحنق الشعبي" (الغضب) يرتفع مع ارتفاع حالة الاقتتال، ثم ينخفض بمجرد حدوث عمليات عسكرية ضد قوات النظام، أما اليوم، فلا يوجد عمليات عسكرية ما يُنذر باستمرار الحنق الشعبي، والذي قد يؤدي إلى مواجهات مباشرة مع عناصر الفصائل كما حدث في مدينة عفرين مؤخراً الذي راح ضحيته عدد من المدنيين.

أمام هذا الواقع فإن الخيارات المتاحة أمام القوى العسكرية لضبط الفوضى الأمنية، وإعادة بناء أطر للعلاقة مع الحاضنة المجتمعية، باتت تضيق وتتحدد بإخراج مقرات الفصائل خارج المدن وهو إجراء مؤقت قد يستطيع وضع حلول لحوادث اقتتال مؤقتة "مشاجرات"، إلا انها لا تلغي إمكانية الاقتتال على مستوى أكبر مالم تقرن بإعادة هيكلة للفصائل العسكرية تشمل قياداتها وآليات عملها ومنظومتها الفكرية، وتفعيل دور أجهزة الشرطة والأمن والمحاكم القضائية المدنية والعسكرية، واستقطاب أصحاب الكفاءة العسكرية والأمنية.