الإثنين 06 مايو 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.92 ليرة تركية / يورو
40.78 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.89 ليرة تركية / ريال قطري
8.62 ليرة تركية / الريال السعودي
32.35 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.92
جنيه إسترليني 40.78
ريال قطري 8.89
الريال السعودي 8.62
دولار أمريكي 32.35

دعك من "قيصر".. سأحدثك عن نفسية بشار الأسد

20 يونيو 2020، 01:52 م
دعك من "قيصر".. سأحدثك عن نفسية بشار الأسد

صفوان مصطفى

كاتب سوري

20 يونيو 2020 . الساعة 01:52 م

لم تعد سياسة حافة الهاوية التي ورثها بشار الأسد عن أبيه والتي تقتضي الذهاب بعيداً وحتى النهاية في الهروب من الاستحقاقات الداخلية والخارجية مجدية ومفيدة في عصر باتت فيه المنفعة الجيوسياسية والاقتصادية المباشرة هي الأساس في العلاقات الناظمة للعلاقات الدولية، ولم تعد خزعبلات المنطلقات النظرية والخطابات الخشبية والشعارات الجوفاء تنطلي على أحد في زمن الثورة الرقمية والالكترونية والفضاءات المفتوحة والتبادل الإنسيابي فائق السرعة للخبر والصورة والمعلومة.

كما لم تعد مجدية المراهنة الساذجة على فرض حقائق مزيفة عن الثقل السياسي والموقع الجغرافي والتوازنات الإقليمية والقرب من كيان سياسي استراتيجي حرص الغرب على زرعه في منطقة تتحكم في إمدادات الطاقة وفي الطرق التجارية البحرية والبرية، وذات ثقافة وإيديولوجيا يعاديها الغرب ويعتبرها خطراً على وجوده ومستقبله.

وبناء على ما سبق، لم يعد بمقدور روسيا تجاهل الحقائق المستجدة التي فرضتها ديناميكية العلاقات الدولية في القرن الحادي والعشرين وتبادل المصالح التشاركية مع المؤثرين في العالم والإقليم انطلاقاً من المنفعة الصرفة، وذلك منذ قررت خلع جلباب الإتحاد السوفييتي الذي دفع ثمن الحروب الباردة والساخنة التي زج نفسه بها مع التكتلات الغربية السياسية والعسكرية ودون مقومات حقيقية تمكنه من الفوز بها، وباتت روسيا الديناميكية جاهزة لعقد الصفقات والبازارات السياسية والاقتصادية مع الدول صاحبة التأثير الدولي وتلك الطامحة لأدوار كبيرة في الإقليم الكبير والمعقد.

فنظام بشار الأسد لم يفهم أن روسيا بوتين بنيت على تزاوج السلطة والمال ونفوذها مشروط باستمراره وتحكمه ترتيبات توزع النفوذ الدولي، كما لم يفهم أن التفويض الدولي الذي استمر منذ ما يقرب من 60 عاماً ليس أبدياً وهو مشروط بالقدرة على تحقيق التوازنات الداخلية والخارجية دون العبث بقواعد الزمان والمكان بصرف النظر عن الحكم الرشيد والأساليب الديمقراطية، وهو ما لم يستطع تحقيقه، فلا هو استطاع أن يحقق نصراً حقيقياً مؤكداً على الحراك الشعبي، كما لم يستطع أن يمتلك دفة التحكم والسيطرة على ميليشياته، ونفوذ حلفائه الإيرانيين الطامحين لأدوار كبيرة خارج إرادة السرب الدولي.

وظهرت إلى السطح تناقضات حكمه والتي استطاع ابقائها مخفية لعقود ودب الخلاف بينه وبين أذرعه المالية والتجارية، حين أراد استرداد كل إمكانياتها لدفع مستحقات حلفائه ولتغطية العجز الفاضح في موازنة الدولة ولتمويل حربه المجنونة على شعبه ودون أن يترك لها شيئاً ترضى به ويؤمن خضوعها.

رامي مخلوف ليس شريكاً عادياً يمكنه إنهاء دوره بيسر وسهولة، وهو الذي أتاح له التمدد والسيطرة على المفاصل الاقتصادية المهمة والمجدية من أموال الشعب، والذي نشط كذلك في عمق الطبقة المؤيدة من خلال جمعياته الخيرية والتي توزع لها الفتات كإعانات اجتماعية ومساعدات لأسر قتلاها وجرحاها، وهو المنحدر من صلب هذه الطغمة ومن ذات العائلة الحاكمة، وله تأثير ومريدين من نفس حاضنة النظام وهذا ما مكنه من الخروج للعلن والتحدث عن مظلوميته وظلم القرارات "التعسفية" التي طالت شركاته ونفوذه المالي، وهذا ما لفت نظر الطبقة المؤيدة إلى فساد نظامها واستخدامها كوقود في محرقته العبثية ومجده المالي وهي التي بذلت نصف رجالها مابين قتيل وجريح ومعاق دفاعاً عنه دون أن يكترث لمشاكلها وعذاباتها.

وبدأ التململ والريبة يتسلل إلى عمق المؤيدين وظهر الكثير من الحديث عن الفساد والألم ونكران الجميل على مواقع التواصل والمنتديات الخاصة والشوارع، خاصة بعد الانهيار الاقتصادي وانخفاض قيمة الليرة إلى الحضيض وانعدام القوة الشرائية والقدرة على الصمود لدى المؤيدين، وظهور بؤر متنقلة للحراك الشعبي الرافض لواقع الحال، واعتماد الولايات المتحدة لقانون قيصر الذي من شأنه أن يجهز على البقية الباقية من إمكانيات النظام المتهالكة أصلاً، ويدفع باتجاه الكثير من المتاعب له ولحلفائه الاقتصاديين.

كل هذا عزز التكهنات التي تتحدث عن البحث عن بديل أو صيغة توافقية داخلية تتيح المجال لإنهاء هذا النظام أو على الأقل الإطاحة برأسه لتستطيع القوى الدولية الفاعلة تعويم شخصية بديلة أو نظام بديل يرضيها ويرضي السوريين ولو بالحد الأدنى، فوجود هذا الطاغية الأبله لم يعد ممكناً بعد الإدارة الكارثية للاستحقاقات الداخلية والخارجية، وظهوره بمظهر العاجز حتى عن الحديث لشعبه وتبرير المصائب والكوارث التي حلت به، ويجمح الخيال لتصوره كسكير بائس قد اعتزل بصومعة يقضي وقته نائماً أو غائب العقل، ولا يريد أن يصحو لأن هذا يتطلب منه قرارات جريئة ومواجهات تاريخية هو أدنى وأوضع بكثير من خوض غمارها.

ولم يعد بمقدور أحد حتى أصدقائه المقربين أن يتمكن من تعويمه والدفاع عنه، ولم يبقى إلا قرار تاريخي يجمع المؤثرين الدوليين والإقليمين للشفقة عليه وإطلاق رصاصة الرحمة اتجاهه، ولن يذرف أحد الدموع عليه، وبعد وقت قصير من ذلك سيشكر الشعب السوري أياً كان موضعه واتجاهه من حكم عليه بالفناء ولو لمصالحه وساعد هذا الشعب على تنفس الصعداء، والسير نحو جسر الهوة بين مكوناته وتحقيق آماله وتطلعاته، فمالا يدرك كله لا يترك جله.

شاهد إصداراتنا: حرب عالمية تلوح في الأفق _ كوريا الشمالية تفجّر مكتب الارتباط مع الجنوبية والجيش يعلن جاهزيته