عائشة صبري – آرام

بعد الجدل الواسع والاحتجاجات الشعبية حول سجن القيادي عبد الرحمن المحيمد المعروف بـ "أبي خولة موحسن"، لمدة خمسة أعوام، كشف وكيله المحامي أحمد الحريري عن بوادر للإفراج عنه.

وقال "الحريري" العضو بمجلس نقابة المحامين الأحرار فرع حلب، في تصريح لـ"شبكة آرام": إنَّه "انتهى من إعداد لائحة الطعن بالنقض، وسيقدمها اليوم الأحد لمحكمة مدينة أعزاز، حيث تشمل طلب إخلاء سبيل أبي خولة".

وأضاف أنَّ "الموكل في كلّ الأحوال بريء من التهم المسندة إليه، إذ أنَّ المحكمة كوّنت قناعتها على وقائع تم استخلاصها باستدلال خاطئ، وأنا على ثقة بأن محكمة النقض ستقوم بفسخ القرار الطعين".

المحكمة لم تثبت التهم

وأوضح أنَّ "موحسن" محكوم بثلاث تهم رئيسية وُجهت إليه من قبل النيابة العسكرية، وهي: "تشكيل فصيل مسلَّح دون إذن السلطة، تشكيل عصابة أشرار، القتل قصدًا مع جهالة الفاعل المستقل".

وتابع أنَّ "مسألة الإفراج، أمر يخضع لإرادة محكمة النقض، وننفي ما أشيع حول إطلاق سراحه قبل يومين، حيث دحضنا كدفاع تلك التهم، والنيابة العسكرية لم تثبت أيَّا منها، لهذا أتوقع البراءة له".

وذكر المحامي، أنَّ "قرار المحكمة جاء فيه إدانة الموكل بجناية عصيان الأوامر العسكرية، الدليل للوصف الجرمي لجناية تشكيل فصيل مسلّح دون إذن السلطة، وإدانته بجناية حجز الحرية خارج نص القانون تبديلًا للوصف الجرمي لجناية تشكيل عصابة أشرار".

من جهته، أكد القيادي في الجيش السوري الحر، عبد الوهاب عليوي، لـ"آرام" أنَّ "أبا خولة" قيادي ثوري من عائلة ثورية ملتزمة، حيث وصلت منذ أيام صورة شقيقه مقتولًا تحت التعذيب بسجون نظام الأسد ضمن صور "قيصر".

ولفت "عليوي" إلى أنَّ شقيقًا آخر لـ"أبي خولة" قتل على يد "داعش"، وابنته قتلت بقذيفة من النظام، وهو أصيب مرّتين في المعارك ضد نظام الأسد و"داعش" و"قسد".

ولفت إلى أنَّ "موحسن" أخذته الحمية عند هجوم النظام على درعا منتصف 2018، حيث سيطر على منطقة تادف جنوب مدينة الباب خلال ساعة فقط، فجاءته أوامر من الجيش الوطني بالانسحاب منها، ونشر حينها تسجيلًا مصورًا حول ذلك.

وتطرّق إلى الصوتيات التي نشرت عن العقيد هيثم عفيسي قائد أركان الجيش الحر حينها، إحداها قال فيها، "نريد إيجاد سبب نقاضي به أبي خولة والبحث عن تهم"، وبعدها تم الهجوم عليه في عفرين (18 / 11 / 2018)، ففرَّ لإدلب ومنها إلى حماة حيث أعلن انضمامه لجيش العزة في أيار 2019".

وتابع أنَّ "عفيسي" نشر صوتية بعد إطلاق الحكم على "أبي خولة" في نهاية حزيران/يونيو الفائت، ذكر فيها أنَّه تعرَّض لمؤامرة معه، قائلًا: "هو بالسجن وأنا طعنت بوطنيتي"، حيث اعتبر "عليوي" ذلك دليل لبراءة أبي خولة، حسب وصفه.

فصائل غير المنضبطة

الباحث في "مركز جسور للدراسات" عبد الوهاب عاصي، أشار إلى أنَّ قضية "أبي خولة" تعود لنهاية عام 2018، حينما قام الجيش الوطني بحملة أمنية في مدينة عفرين تهدف إلى "اجتثاث المجموعات الفاسدة وغير المنضبطة بما يؤدي للوصول إلى الاستقرار والأمن".

وذكر "عاصي" في حديثه لـ"آرام" أنَّ المقصود من تلك الحملة تحديدًا فصيل شهداء الشرقية الذي رفض مطالب متكرّرة بحلّ نفسه تمامًاً.

وقال: إنَّ "المقصود بعبارة غير المنضبطة، أي الفصائل المسلّحة التي لا تخضع لهيكلية الجيش الوطني وتعمل بشكل منعزل عنه، ومثال ذلك فصيل شهداء الشرقية الذي تشكّل نتيجة انفصال مجموعتين هما كتيبة الحمزة ولواء المنتصر عن تجمع أحرار الشرقية، حيث توقفت الحملة عند هذا الهدف الذي أدّى لفرار أبي خولة إلى إدلب وحلّ فصيله".

أولويات في فرض الأمن

"عاصي" تحدث عن أولويات لدى الجيش الوطني في فرض الأمن، وأحدها مكافحة المجموعات غير المنضبطة، والتي كان منها فصيل أبي خولة، والسبب بتصور "الوطني"، أنَّ "الكيان يهدد الناشئة".

وأضاف أنَّ "هذه الأولية لا تعني عدم الاهتمام بمكافحة الفساد التي تحتاج لأموال طائلة وحوكمة مكلفة، فلا قدرة ولا رغبة بذلك، لتجنُّب معاقبة قياديين على رأس الهرم أو إزاحة كتل بأكملها، لذلك التركيز يكون على المتمردين أو الغير منضبطين".

وأكد أنَّ مظاهر الفوضى الأمنية لا تقتصر على ملاحقتهم، حيث تطال العديد من الجوانب، كضبط السلاح الفردي، في ظل الاشتباكات التي دارت بين عائلتين بمدينة الباب، وأخرى بين الفصائل بمناطق تواجدهم، وهذا لا يعتبر حلًا بل قفز للأمام بما يُسمّى "سياسة ترحيل المشكلات".

واستدرك أنَّ "قضيّة أبي خولة الرئيسية هي عدم الانضباط العسكري، والقضايا الأخرى شكلية، حتى وإن كانت صحيحة، وإلّا ما كانت الحملة الأمنية لتتوقف عند فصيله".

وشدَّد "عاصي"، على أنّ اختصار محاربة مظاهر الفوضى الأمنية بالفصائل غير المنضبطة وعدم وجود جدية أو خطة واضحة لمكافحة الفساد والعمل على فرض سبل الاستقرار، سيؤدي غالبًا إلى تقنين الفساد واحتكاره ضمن قوى عسكرية مركزية.

وسبق أن تظاهر مئات المدنيين، الجمعة 3 تموز/يوليو الجاري، في مدينتي عفرين شمال حلب، وإدلب شمالي سوريا، تضامنًا مع قائد تجمع شهداء الشرقية "أبو خولة موحسن" المعتقل في سجن للجيش الوطني السوري منذ 28 أيار/ مايو 2019.

اقرأ أيضًا: أهالي درعا يُجددون مطالبهم بالتظاهر والكتابات الجدارية

وينحدر "أبو خولة" من مدينة موحسن شرق دير الزور، وهو مولود بمدينة رأس العين شمال الحسكة عام 1985، وتطوع في سلك الشرطة المدنية، وعمل في العاصمة دمشق، وانضم إلى الجيش الحر بعد وقوع معركة الرصافة في دير الزور عام 2012 التي راح ضحيتها 21 مقاتلًا بينهم أبناء عمومته.

شاهد إصداراتنا : لا تعتبن على الزمان .. أبو العتاهية