الخميس 04 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

هل كان النفط الهدف منذ البداية؟

باحثون لـ"آرام": بقاء أمريكا شرقي سوريا يهدف للسيطرة على النفط

12 نوفمبر 2019، 12:05 ص
سيارات أمريكية في سوريا
سيارات أمريكية في سوريا

 عائشة صبري – خاص آرام

يُجمع باحثون ومحللون سوريون أنَّ بقاء القواعد العسكرية الأمريكية شرقي سوريا يهدف بالدرجة الأولى إلى السيطرة على حقول النفط في محافظتي دير الزور والحسكة، تحت ذريعة قتال تنظيم الدولة "داعش" وحرمانه من الاستفادة من عوائدها المالية.

كما أنَّ الوجود الأمريكي في تلك المناطق يُعزِّز دورها بالمشاركة كطرف رئيسي في الحلِّ السياسي مستقبلاً، وبالتالي دعم مباشر للشركات الأمريكية في عملية إعادة الإعمار في سوريا.

ويرى أكاديميون في تصريحات لشبكة "آرام" أنَّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بات لا يخفى ولعه بالنفط في أكثر من مناسبة، وأنَّه سيأخذ حصة بلاده من النفط السوري الذي يعتبر قليلاً مقارنة مع دول نفطية كبرى كالعراق ودول الخليج وإيران.

وهذا ما دفع "ترامب" إلى التراجع عن فكرة الانسحاب من سوريا، على الرغم من تصريحاته المتكررة بأنَّ القوَّات الأمريكية لن تبقى في سوريا بعد الانتهاء من حربها على "داعش".

وقال الدكتور "طلال المصطفى" في تصريح لـ"آرام": إن المواقف السياسية الأمريكية وتحديداً تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب فيما يتعلّق بالتواجد العسكري في الجزيرة السورية يُلاحظ عليها "التخبط وعدم الوضوح".

وأردف فمن الإعلان الأمريكي في 13 تشرين الأول الفائت عن الانسحاب العسكري، إلى العودة لقرار إعادة التموضع العسكري في المنطقة.

أسباب العدول عن الانسحاب الأمريكي

أوضح الباحث في مركز حرمون للدراسات المعاصرة "المصطفى"، أنَّ العدول عن الانسحاب العسكري الأمريكي يعود إلى عوامل مركبة ومتداخلة، منها "الاتفاق الروسي التركي حول المنطقة الآمنة، والخوف من إحلال القوات الروسية مكان الأمريكية، وهذا الاتفاق يرجّح فوزاً روسياً على حساب النفوذ الأمريكي".

وأضاف أنَّ "إعادة التموضع العسكري الأمريكي في الجزيرة السورية، وخاصة في حقول النفط الرئيسية يمنع وصول روسيا ونظام الأسد إلى حقول النفط، وبالتالي الاستفادة من مواردها الاقتصادية".

 وتابع أنَّ بقاء القواعد العسكرية الأمريكية في سوريا "يُعزِّز تواجدها السياسي في المشاركة كطرف رئيسي في الحلّ السياسي مستقبلاً، ثم دعم مباشر للشركات الأمريكية في عملية إعادة الإعمار في سوريا، ومؤشرات ذلك الحركة الدبلوماسية الأمريكية في اللقاءات السياسية مع المعارضة السورية وتركيا حالياً".

وذكر "المصطفى" أن "حقول النفط التي لا تعمل في الوقت الحالي بطاقتها الإنتاجية بسبب ظروف الحرب، ستحتاج إلى الحماية العسكرية، إذا ما حصل استقدام لشركات نفط أمريكية لتشغيلها، وهذا يحصل في القواعد المتواجدة مسبقاً".

وأشار إلى أن "ذلك يعطي أيضاً فرصة لحلفائها المحليين (المليشيات الكردية) بالبقاء في المنطقة بعد أن بدا أن انسحابها هو شكل من أشكال التخلي عنهم، والطعن في ظهورهم بعد مشاركتهم الفعّالة في حرب التحالف الدولي ضد تنظيم داعش".

وبيَّن أنَّ "استمرار التواجد العسكري الأمريكي، وخاصة على الحدود العراقية - السورية يأتي في إطار مراقبة الحدود من قوافل الميليشيات الإيرانية واستقدامها من إيران عبر العراق لتصل سوريا ولبنان، والحدّ من نشاطها خاصة بعد انطلاق الثورة في كلّ من العراق ولبنان ضد الأنظمة المتحالفة مع إيران".

وحول تصريح بشار الأسد بأنَّ الرئيس الأمريكي "صادق" وهجومه على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يرى "المصطفى"، أن "امتداح بشار لترامب نابع من اعتقاده أن بإمكانه الحصول على تعاون مع الشركات النفطية الأمريكية القادمة إلى سوريا".

وبيَّن أن ذلك بهدف "تحصيل فتاتاً من عائداتها المالية، ليُعيد العافية لقواته العسكرية المتصدعة واقتصاده المنهار".

وأردف "أن الحملة العسكرية التركية ضد الميليشيات الكردية الحليف الرئيس لنظام الأسد والممثل السلطوي له في الجزيرة السورية، رآها بشار خلطت الأوراق السياسية المرتبة بينه وبين تلك الميليشيات من خلال اتفاقات غير معلنة بخصوص طبيعة الحلّ السياسي في المنطقة".

وتطرق الدكتور إلى موقف الجامعة العربية من الإعلان الأمريكي عن سيطرته على حقول النفط السورية، قائلاً: "لا بدَّ من التنويه إلى أنَّ الجامعة العربية تاريخياً غير فاعلة سياسياً، وبالتالي موقفها مرتبط بموقف الدولة العربية المهيمنة عليها في كلّ مرحلة تاريخية".

وتعود مواقفها السياسية الى مواقف السعودية بالدرجة الأولى والإمارات ومصر بالدرجة الثانية، وهم غير قادرين على الاختلاف السياسي مع واشنطن على الإطلاق.

وما يؤكد هذا، الموقف الرافض لعملية "نبع السلام"، بل الموقف العدائي من تركيا، ومن يسمع تصريحات الجامعة ضد تركيا يعتقد أنها تُحضِّر جيوشها للسير باتجاه تركيا. حسبما قال "المصطفى".

انقسام في الداخل الأمريكي

الباحث الأكاديمي في الشأن الأمريكي "صالح المبارك"، وافق "المصطفى" في الرأي، وأكد في حديثه مع "آرام": أنَّ "تضارباً وتخبطاً حصل في السياسية الأمريكية نتيجة قرارات الرئيس ترامب الفجائية والغير مدروسة، التي لم يسبقها تشاور مع اختصاصين".

وأضاف أنَّ "البيت الأبيض يتلقى عادةً تقارير وتوصيات من وزارة الخارجية ووزارة الدفاع ووكالة الاستخبارات (CIA)، وكثيراً ما تنقسم الآراء حول نقطة ما، فيكون لهذه الجهة توصية ولتلك توصية معاكسة، فيأخذ الرئيس بالتوصية التي يراها أنسب".

وأرجع "المبارك" إعلان ترامب الانسحاب من سوريا، (الذي خلق ردود فعل كثيرة بين أفراد الإدارة الأمريكية ما جعل بعضهم يستقيل من منصبه)، إلى أنَّ الرئيس الأمريكي يُوازن حساباته كتاجر وليس كسياسي".

فبرأيه أنَّ "ترامب ما يراه خاسراً (بالمعايير المادية) ينسحب منه، وربَّما أراد بالانسحاب بهدف إلقاء المسؤولية (بالمال والأرواح) على بعض حلفائه مثل تركيا، لتحمل مسؤولية حفظ الأمن هناك، وخاصة من داعش".

ولفت إلى أنَّ "أميركا لن تنسحب بشكل كلّي من المنطقة، وبإمكانها العودة في أيّ لحظة ترى ضرورة أو مصلحة لذلك، وستجد المبرّر اللازم لهذه العودة إن حصلت، وقد حصل ذلك بشكل جزئي مؤخراً".

داعش "شماعة"

وأكد "المبارك" أنَّ "الولايات المتحدة الأمريكية تستخدم شماعة تنظيم داعش للسيطرة على حقول النفط، ويمنحها مسألة الحرب عليه تبرير لكثير من القرارات شرقي سوريا".

ويعتقد أنَّ "الولايات المتحدة ستسعى إلى الاستفادة من النفط السوري بشكل مباشر تارةً، وبشكل غير مباشر تارةً أخرى، كأن تتركه للميليشيات الكردية كمساعدة لهم"، عازياً ذلك "إلى النمط الذي يُفكر فيه ترامب".

وحول التصريحات المباشرة من الرئيس الأمريكي حول احتفاظ بلاده بالنفط السوري، قال "المبارك": "لطالما صرَّح ترامب، وحتى قبل أن يُصبح رئيساً عن رغبته بالاستيلاء على النفط العراقي والخليجي، والنفط السوري لا يختلف عنهم".

وأضاف أنَّ "التدخل الأمريكي في سوريا إذا كان من أجل النفط، فإنَّه أيضاً لحفظ توازنات في مصلحة أميركا وإسرائيل، إضافة إلى الضغوطات التركية التي وصلت حدَّ التهديد (إن لم تساعدونا في إنشاء المنطقة الآمنة فسنتحرك بمفردنا)".

وتابع أن "أميركا وجدت نفسها مضطرة لمسايرة تركيا في إنشاء المنطقة الآمنة، ثم محاولة الالتفاف عليها وتجريدها من مضمونها بشكل أو بآخر".

فيما نوّه إلى أنَّه لن يُقيم الكثير من الوزن لما يقوله بشار الأسد، قائلاً: "لكننا نلاحظ غزله المباشر وغير المباشر لأميركا، فهو يريد رضاها بمشاركتها الحرب المزعومة ضد الإرهاب ليظهر لها أنَّه ضد الإرهاب".

وأنهى "المبارك" حديثه بأنَّ "الأراضي السورية ونفطها ومواردها أصبحت مشاعاً للقوى الكبرى وعملائها، وذلك تحقيقاً للحديث النبوي الشريف القائل: (يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها...)، فليس في سوريا حكومة قوّية مخلصة تحرص على مصلحة البلد والشعب".

وكان النفط السوري يُقدّر إنتاجه بنحو 380 ألف برميل نفط يومياً قبل اندلاع الحرب، وقدرت ورقة عمل صدرت عن صندوق النقد الدولي عام 2016 أنَّ الإنتاج تراجع إلى 40 ألفاً فقط منذ عام 2011.

ولا شكَّ أنَّ قطاع النفط كان من أكثر القطاعات تضرراً، فقد قدرت وزارة النفط التابعة لنظام الأسد خسائره بأكثر من 62 مليار دولار حتى عام 2017.