الأحد 21 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

آثار حرب أوكرانيا على المنطقة التركية الآمنة في سوريا

12 يونيو 2022، 11:00 م
آثار حرب أوكرانيا على المنطقة التركية الآمنة في سوريا

فراس العرودكي

كاتب سوري

12 يونيو 2022 . الساعة 11:00 م

في كلّ فترة، يطلُّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليتوعد بشن عملية عسكرية في الشمال السوري ضد حزب العمال الكردستاني وفرعه السوري "وحدات حماية الشعب" الكردية وهما المكونان الرئيسيان لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد). وآخر تهديدات أردوغان هي شن عملية عسكرية لتحرير منطقتي منبج وتل رفعت اللتين تقعان تحت سيطرة (قسد) بريف محافظة حلب.

في السابق، قامت القوات التركية والجيش الوطني السوري بعمليتين عسكريتين ضد قسد: الأولى هي غصن الزيتون في منطقة عفرين والثانية نبع السلام في مدينتي رأس العين وتل أبيض وما بينهما. العملية الثانية كانت الأساس لظهور اتفاق 1998 الموقع بين تركيا وسوريا على السطح، حيث يعطي تركيا الحق في التوغل داخل الأراضي السورية بعمق 30 كم في حال وجود تهديدات إرهابية خاصة من حزب العمال الكردستاني.

هذا الاتفاق يستند عليه الرئيس التركي في وعيده المتكرّر لتشكيل منطقة آمنة تحمي الحدود التركية الجنوبية من أي اعتداءات داخل أراضيها. في الماضي القريب، حاولت تركيا تسويق عملية عسكرية ولكنها لم تؤول إلى شيء، حيث تحرّكت روسيا وأمريكا للحؤول دون حصولها. أمّا اليوم، فالتغيرات السياسية والعسكرية الدولية وخاصة حرب روسيا على أوكرانيا غيّرت الكثير من المعطيات وسمحت بما كان ممنوعاً في السابق.

ما حدث في أوكرانيا وما تلاها من ردة أفعال دولية، تلقفته تركيا من جميع النواحي، حيث أصبحت الوسيط بين الناتو وأوكرانيا من جهة، وروسيا من جهة أخرى. كما أن مخاوف الدول التي ليست عضواً في الناتو مثل السويد وفنلندا من عملية عسكرية روسية عليها على غرار حرب أوكرانيا وطلبها الانضمام للناتو، أعطت تركيا بعض الأفضلية لفرض بعض الشروط لتلبي طلباتها. فاليوم تركيا ترفض انضمام هاتين الدولتين للناتو بسبب إيوائهما لمجموعات تابعة لحزب العمال الكردستاني والسماح بعمل فعاليات وأنشطة لهذه الجماعات.

في الواقع هناك سؤالان يتبادران للذهن: الأول هو لماذا لم تتحرك تركيا في سوريا منذ بداية الحرب الأوكرانية؟ والثاني هو لماذا لم تتحرك تركيا في سوريا عندما بدأت روسيا في الانسحاب من قواعد عسكرية ومدن ومناطق فيها؟.

الجواب لهذين السؤالين معقّد جداً، ولكن يُمكن تبسيطه بأن تركيا أصبحت ناضجة سياسياً وخطواتها مدروسة بدقة وعناية لأن تركيا تصرفت في الساحة الدولية على مدى سنوات عدة بشكل طائش وانفعالي وتأثرت سلباً من نواحِ عديدة. عندما حدث الربيع العربي ووصل إلى حدودها، كان لزاماً عليها التأني ودرس خطوات سياستها حتى تستفيد على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي. ومن يلاحظ ردات فعل تركيا على أزمات العالم، يجد أنها تنتهز أي فرصة لتسويق نفسها كوسيط، أو كمورد أسلحة، أو كملجأ استثماري أو حتى كملاذ آمن للاجئين. لذلك استفادت تركيا من الدروس والتجارب السابقة لتتحين الفرص التي تخدم مصلحتها بشكل مستدام.

على الرغم من تحالف تركيا مع الغرب عن طريق الناتو، إلا أن هناك لعبة مكاسرة قوية تحدث بين الحليفين إذا ما صح التعبير. ومن الملاحظ أن تركيا لا تريد إعطاء الغرب الفرصة للانقضاض على الروس، بل على العكس في بعض الأحيان يخال للمرء أن تركيا حريصة على علاقات متينة مع روسيا لمواجهة الغرب. هذا الأمر فيه شيء من الصحة عندما لا يتعارض الأمر مع مصلحة تركيا، ولكنه ليس كذلك في حالات استثنائية مثل الملف الليبي والأذربيجاني في موضوع قرة باغ.

أما في سوريا، فتركيا ترى أن روسيا لاعباً أساسياً ومهماً لعدة أسباب منها أن النفوذ الروسي يجب أن يكون أقوى من النفوذ الأمريكي والإيراني على حد سواء. أما النفوذ الأمريكي، فتركيا-أردوغان لا تثق البتة بأمريكا مهما كانت إدارتها. أما عن النفوذ الإيراني، فتركيا السنية لا تريد أن تحاوط إيران الشيعية حدودها من جهتين.

ويعلم أردوغان أنه مهما حصل، فروسيا لن تبقى طويلاً في المنطقة. لذلك، استغلت تركيا مطالبة السويد وفنلندا بالانضمام للناتو لِلَي ذراع الغرب في موضوع حزب العمال الكردستاني وقسد، وفضّلت أخذ مكاسب من الغرب على استغلال انشغال روسيا في أوكرانيا، وبدلاً من إظهار ضعفها أمام الناتو والغرب، فضّلت تركيا كسر شوكة الناتو وإطلاق تصريحات بشن عملية عسكرية في الشمال السوري لخلق المنطقة الآمنة على شريطها الحدودي.

جدية تركيا هذه المرة في تحرير مناطق ريف حلب المتبقية الخاضعة لسيطرة "قسد" واضحة وجلية والحشودات العسكرية في مناطق درع الفرات تعطي انطباعاً أن هناك قراراً بتنفيذ العملية قريباً. كما أن السياسة الداخلية التركية تلعب دوراً بارزاً في تسريع وتيرة هذه العملية خاصة مع رفع صوت المعارضة التركية تجاه اللاجئين وتماهي حزب العدالة والتنمية الحاكم مع مطالب المعارضة في تقليل عدد اللاجئين السوريين في تركيا خاصة في المدن الأساسية. ولكن لم يكن حزب أردوغان لينحو تجاه هذه الخطوة لولا وجود اللحظة الدولية المناسبة للتفكير الجدي بهذه العملية.

العمليات العسكرية السابقة في سوريا، كلّفت اقتصاد تركيا الكثير، فكلّ مرة تقوم بعمل عسكري، تهبط الليرة التركية مقابل الدولار وتزداد نسبة التضخم وتقل شعبية الحزب الحاكم حسب الانتخابات الرئاسية والمحلية. لذلك، أي عملية عسكرية في سوريا فيها مخاطر جمة على الأتراك داخلياً، أما على المستوى الخارجي، فالمكاسب كثيرة وطبعاً هناك مكاسب للمعارضة السورية وتحقيق توسع جغرافي ومزيد من السيطرة العسكرية وانتصار سياسي على نظام الأسد.

اقرأ أيضاً: