غادر الرئيس اللبناني ميشال عون، الأحد، القصر الرئاسي في بعبدا قبل يوم من انتهاء ولايته وبحضور عدد من أنصاره في حزبه "التيار الوطني الحر"، بعد مرور ست سنوات على تسلمّه المنصب.
وألقى عون خطاباً أعلن فيه، أنَّه وجّه رسالة صباحاً إلى مجلس النواب ووقع مرسوم اعتبار "الحكومة مستقيلة".
وقال: إنَّ "البلد مسروق بخزينته وبمصرفه المركزي، ومن جيوب المواطنين. وأصبح لدينا دولة مهترئة بمؤسساتها ومن دون قيمة، لأنَّ المنظومة الحاكمة استعملتها، والقضاء معطّل لا يحصّل حقوق الناس".
وتساءل عون (89 عاماً): "ماذا نقول إذا كانت كل الجرائم المالية قد ارتكبها حاكم المصرف المركزي ولم نتمكن من ايصاله الى المحكمة؟ فمن يحميه؟ ومن هو شريكه؟ جميعهم في المنظومة الحاكمة منذ 32 عاماً أوصلونا إلى هذا الحال".
وادعى عون أنَّ القضاء لا يحاكم من في حقهم دعاوى جرمية، مشيراً الى انه مضى سنتان او ثلاث على رفع 22 دعوى قضائية، من دون معرفة مصير أي منها حتى الآن.
وأعلن عن الانتقال إلى المرحلة الثانية لإخراج الوطن من الحفرة العميقة التي وضعوه فيها، معتبراً أنّ الثروة الوطنية المتمثلة بالنفط والغاز ستعطينا وحدها الرأسمال الكافي لإنقاذ لبنان، وأنَّ الصندوق السيادي هو الذي يحافظ على أموال الشعب.
وتوجه الى الجماهير بالقول: "أنتم من سيحمي هذه الأموال، ولا أحد غيركم". موضحاً أنَّ عدم إقرار قانون "الكابيتال كونترول" لغاية اليوم يهدف إلى استمرار السماح بخروج الأموال من لبنان.
٦سنين بـ٦ أيام (٦/٦)... أين أصاب عهد #ميشال_عون؟@maroun_nassif #LBCI #LBCILebanon #LBCINews pic.twitter.com/RBA8FnFQ4I
— LBCI TV (@LBCILebanon) October 30, 2022
ويأتي ذلك، وفقاً لوكالة "فرانس 24"، في خطوة تزيد من تعقيدات المشهد السياسي في لبنان الذي يعاني من فراغ سياسي يهدّد بتعميق الأزمات في ظل انهيار اقتصادي متسارع منذ ثلاث سنوات، مع عدم وجود مرشح قادر على حصد الأكثرية المطلوبة في البرلمان، وتعذر تشكيل حكومة منذ أيار/مايو الماضي.
وفي رسالته إلى البرلمان، قال عون: إنَّ خطوته تأتي بعدما أعرب رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي: "عن عدم حماسته للتأليف لأسباب مختلفة"، ولقطع الطريق أمامه لـ"عقد جلسات لمجلس الوزراء" بما يخالف "مفهوم تصريف الأعمال بالمعنى الضيّق".
ومنذ أسابيع، يتبادل عون الاتهامات بتعطيل تشكيل حكومة نتيجة شروط وشروط مضادة.
وتعد خطوة عون سابقة في لبنان، حيث يتعين على رئيس الجمهورية إصدار مرسوم قبول استقالة الحكومة، في اليوم ذاته الذي يوقع فيه مرسومي تعيين رئيس الحكومة وتشكيل حكومة جديدة. وتصدر المراسيم الثلاثة معاً.
ولم ينتخب لبنان بعد خليفة لميشال عون بعد إخفاق البرلمان في انتخاب رئيس جديد للجمهورية طيلة أربع جلسات، بفعل تعطيل "حزب الله" وحلفائه النصاب القانوني، وهو الفراغ الثالث الذي تعيشه الرئاسة الأولى بعد اتفاق الطائف (عام 1989) وبعد عهدي إميل لحود وميشال سليمان.
اقرأ أيضاً: البرلمان اللبناني يفشل في انتخاب رئيس جديد للبلاد
أبرز أحداث لبنان في عهده:
اتسّم النصف الثاني من عهده بشلل سياسي وانهيار اقتصادي متسارع وتظاهرات غير مسبوقة في تشرين الأول/أكتوبر 2019 استمرت أشهراً واستقال على إثرها رئيس الحكومة سعد الحريري.
وفي 7 مارس/آذار 2020 أعلن لبنان تخلفه عن سداد مستحقات الديون السيادية الأجنبية. ثم وقع انفجار مروّع في مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس 2020، ضاعف النقمة الشعبية على أداء الطبقة السياسية.
في 14 أكتوبر 2020 انطلقت المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل حول الحدود البحرية الجنوبية في الناقورة بوساطة أميركية ورعاية أممية وامتدت 5 جولات قبل أن تتوقف أكثر من سنة ومن ثم يتوصل الطرفان لاتفاق وقع نهائياً في 27 أكتوبر 2022.
في 7 إبريل 2022 توصل لبنان إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي وتعهد فيه بجملة إصلاحات لم ينفذها باستثناء بعض البنود التي أتت على حساب الشعب اللبناني وحمت المسؤولين السياسيين والمصارف.
وشهد عهد عون انهيار العملة الوطنية وفقدانها أكثر من 90 في المئة من قيمتها، فوصل الدولار إلى أكثر من 40 ألف ليرة، ما انقلب على الأسعار خاصة بعد رفع البنك المركزي الدعم عنها، ما أدى إلى تراجع كبير في القدرة الشرائية، كما كان تمدد السوق السوداء، والمهربين والتجار والمحتكرين والمخزنين.
بينما لا تزال المصارف تحتجز ودائع الناس منذ عام 2019، برزت أسعار صرف عدة، فاقمت معاناة اللبنانيين وألحقت بهم خسائر كبيرة بحصولهم على ودائعهم الدولارية بأقل من قيمتها الفعلية، في حين شهدت المصارف سلسلة اقتحامات من قبل المودعين لاستيفاء الحق بالذات، ما دفع المصارف إلى الإقفال والإضراب واتخاذ إجراءات حادة قيدت حركة المودعين ومعاملاتهم.
اقرأ أيضاً: "تيم حسن" يرصد مكافأة لمن يستعيد أمواله من بنوك لبنان
اقرأ أيضاً: مصارف لبنان تشهد موجة من الاقتحامات من قبل مودعين
وسجل أيضاً ارتفاع كبير في معدلات الهجرة والبطالة والفقر والجوع، وبينما برزت أزمة جوازات السفر، ارتفعت ظاهرة الهجرة غير الشرعية بحراً، خصوصاً شمالاً، فكانت قوارب الموت التي طبعت سواداً في الساحة الشعبية.
وشكل قصر بعبدا العام 1989 مقصداً للآلاف من مناصري عون الذي تولى حينها حكومة عسكرية ورفض تسليم السلطة الى رئيس منتخب.
وفي 1990، تم إخراجه من القصر إثر عملية عسكرية قادها جيش النظام السوري، ولجأ الى السفارة الفرنسية، ثم إلى فرنسا حيث أمضى 15 عاماً في المنفى وأسّس تياره السياسي. ويلقبه مناصروه بـ"الجنرال" منذ تعيينه قائداً للجيش العام 1984.
اقرأ أيضاً: لبنان يُسيّر أول قافلة لاجئين سوريين إلى مناطق نظام الأسد بسوريا
