الأربعاء 03 ابريل 2024
20°اسطنبول
27°أنقرة
31°غازي عنتاب
26°انطاكيا
29°مرسين
20° اسطنبول
أنقرة27°
غازي عنتاب31°
انطاكيا26°
مرسين29°
34.44 ليرة تركية / يورو
40.21 ليرة تركية / جنيه إسترليني
8.78 ليرة تركية / ريال قطري
8.53 ليرة تركية / الريال السعودي
31.98 ليرة تركية / دولار أمريكي
يورو 34.44
جنيه إسترليني 40.21
ريال قطري 8.78
الريال السعودي 8.53
دولار أمريكي 31.98

عدسة على الإدمان الرقمي.. مخاطر وواجبات (4)

05 مارس 2023، 09:58 م
الإدمان الرقمي- جهاز كمبيوتر
الإدمان الرقمي- جهاز كمبيوتر

عمر الهلول - آرام

كان للتكنولوجيا تأثير كبير على العالم في السنوات الأخيرة، خاصة مع اختراع الهواتف والأجهزة المحمولة الموجودة الآن في كل منزل تقريبًا. سمح ذلك للناس بالتواصل مع بعضهم البعض من جميع أنحاء العالم من خلال منصات التواصل الاجتماعي. يستخدم اليوم أكثر من نصف سكان العالم هذه الوسائل.

أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي أكثر شيوعًا كوسيلة للبقاء على اتصال مع الأصدقاء والعائلة وزملاء العمل. تلعب هذه المواقع دورًا كبيرًا حقًا في حياتنا اليوم. ظهرت العديد من المنصات منذ بداية القرن الحادي والعشرين، ومن أشهرها (فيسبوك، انستجرام، واتس آب، تويتر) كان أول ظهور لهذه المنصات مع ظهور الفيسبوك في العام 2004.

على الرغم من أن منصات التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل كبير في تسهيل التواصل بين الناس وقللت المسافات الطويلة، بالإضافة إلى الخدمات التي تقدمها، إلا أنه يجب ملاحظة والتنويه إلى بعض السلبيات فيها.

في هذا المقال سيتم مناقشة مخاطرالإدمان الرقمي وإدمان وسائل التواصل الاجتماعي وأثره على المجتمعات.

أولاً: مخاطر الإدمان الرقمي على الصحة النفسية والعقلية والجسدية:

أظهرت نتائج البحث الإحصائي أن أكثر المستخدمين للهواتف ولوسائل التواصل الاجتماعي هم من الشباب، في حين أن كبار السن هم الفئة الأقل استخدامًا. جعلت هذه الوسائل الأشخاص مدمنين عليها بشدة، حيث أصبحت اليوم جزءًا أساسيًا من يومهم، وقلة ما يمكن رؤية أشخاص لا يستخدمونها. كما يقضون ساعات لا تحصى فيها، مما يؤدي إلى عزلهم عن الواقع، والعالم من حولهم، وحتى أحبائهم. من المؤكد أن الجلوس في غرفة لفترات طويلة لتصفح هذه المواقع ولعب ألعاب الفيديو له آثار ضارة على صحة الفرد، ويكون إما عقليًا أو جسديًا. تتجلى هذه المخاطر في تركيز الشاب أفكاره، أفعاله، اهتماماته وكل تفاصيل حياته بين هذه الشاشات.

ليس فقط الإدمان العقلي هو ما نحتاج إلى القلق بشأنه، أيضًا الضرر الجسدي الذي ينجم عن الاستخدام المفرط للهاتف والكمبيوتر. يمكن أن يسبب تصفح وسائل التواصل الاجتماعي وكثرة الجلوس وراء الجهاز المحمول مشاكل في العين وفقدان الشهية وحتى مشاكل العظام.

هذه المواقع لها تأثير كبير على سلوك الناس وقراراتهم وأكبر تهديد تمثله هو أنهم يستهدفون بشكل أساسي الشباب، من المهم أن نذكر العامل النفسي أيضاً، وبما أن معظم الأشخاص الذين يستخدمون هذه الوسائل هم من الشباب، وبالتالي فإن الضرر النفسي الذي يعانون منه ناتج عن ما يشاهدوه من صور ومقاطع الفيديو والكتابات والألعاب. حيث يكون العديد من المراهقين بشكل خاص معرضين للخطر خلال هذه المرحلة من فراغ يجب ملؤه بشتى الطرق، مما قد يؤدي إلى سلوك انتحاري أو عدواني إذا ترك دون رادع.

ثانياً: مخاطر الإدمان الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية وإنتاجية الفرد:

الخطر الرئيسي لانتشار الهواتف وكثرة استخدام مواقع التواصل في الوقت الحاضر هو أنها تتعارض مع العلاقات الاجتماعية. وإدمانها يمكن أن يسبب العزلة إذ غالباً ما يفضل الكثير من الأشخاص الذين يستخدمون هذه المواقع البقاء بمفردهم وعدم التواصل مع أفراد عائلاتهم. اليوم، لا يخفى على أي شخص وضع التجمعات العائلية. فلكل فرد أصبح له عالمه الخاص، إما يتصفحون وسائل التواصل الاجتماعي أو يلعبون الألعاب، وهذا الإدمان الرقمي يسبب انفصالاً بين أفراد الأسرة ويغير من بنيتها.

علاوة على ذلك، تنعكس علاقة الفرد مع الآخرين في مجتمعه من خلال ما يشاهده ويتابعه من خلال هذه المنصات. من الواضح اليوم أن أولئك المدمنين على هذه المواقع أصبحوا أقل اجتماعية من ذي قبل وأصبحوا أقل حضورًا وتتم إقامة المناسبات الرسمية واللقاءات مثل الزواج والتواصل وغيره من خلال هذه المواقع.

وبالتالي، أصبح الحضور الجسدي والجلوس غير مهمين، وحتى هذه المشاعر لم تعد محسوسة عند التقاء شخصان وجهًا لوجه، حيث أصبح الأمر عاديًا للجميع. لذلك، أكملت هذه المواقع مهمتها ونجحت في جعل الأفراد أكثر انطوائية وعزلة عن بيئتهم.

أيضاً من نتائج الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي فقدان الخصوصية في العلاقات الأسرية. إذ يتم نشر كل ما نقوم به على هذه المواقع من ما نأكله على الطاولة إلى تفاصيل علاقاتنا الخاصة الزوجية لم يتوقف الخطر عند العلاقات الاجتماعية فحسب، بل امتد ليشمل إنتاجية الفرد ويؤثر عليها كذلك. فقد سببت هذه المواقع ارتفاع معدل البطالة، وشجعت الشباب على اللعب بدل العمل وحتى أثناء وجوده في العمل يقضي وقتًا طويلاً في تصفحها؛ مما أدى ذلك إلى تراجع إنتاجيته وأدائه في العمل.

ثالثاً: مخاطر الإدمان الرقمي على الهوية الدينية وهوية الطفل والشباب اليافع:

تحتوي هذه المواقع على كل شيء يطلب. إن تأثير هذا المواقع لا يقف عند نقطة معينة، بل يستمر من جيل إلى جيل وإن من أهم المخاطر التي تحويها هذه المواقع هو أنها عالم مفتوح على كافة الجهات. اليوم، قد تأثر على شاب بدينه ومعتقداته من خلال ما يشاهده ويتابعه ويقوم بنقله بشكل إرادي أو لا إرادي إلى أولاده ومن الممكن أحفاده كذلك.

إذا شاهد أحداثًا غير إسلامية ورأى أن أصدقاءه يتفاعلون معها، فقد يتم تشجيعه على المشاركة والاحتفال في مناسبات مماثلة. على سبيل المثال، يحتفل الكثير من الناس اليوم برأس السنة الجديدة، وهو ما يتعارض مع العقيدة الإسلامية. على الرغم من أن المشاركة في مثل هذه الاحتفالات حرام شرعاً، إلا أنه يقوم بعض الشباب المسلم بالاحتفال، إنشاء شجرة والتقاط الصور لنشرها على وسائل التواصل الاجتماعي.

إذا كان في سن المراهقة، فهذه هي الحال. ولكن إذا كان طفلاً لم يبلغ سن البلوغ بعد، فالأمر مختلف لأنه من السهل بشكل طبيعي توجيه الأطفال والتأثير عليهم. من المعروف أن هذه المواقع يتم الوصول إليها من قبل الأشخاص من جميع الأعمار، من الأطفال إلى البالغين. لذلك عندما يدخل الطفل هذا العالم ويقضي أغلب وقته في لعب الإلعاب بدل التعلم، لن يتمكن من مغادرته بسهولة وسيساهم هذا الإدمان بشكل كبير في تحديد أخلاقه ومبادئه. وخصوصاً إذا لم يكن هناك إشراف من الوالدين، فقد يؤدي الإدمان الرقمي إلى تطوير معتقدات غير دقيقة. حتى عندما يسأل والديه ويحاول أن يفهم، يصبح متشككًا لأن الآخرين يفعلون ذلك. سيبدأ في التعود على طريقة الحياة هذه وستزاحم هذه المنصات عائلته في تطوره.

ختاماً، فإن مخاطر الإدمان الرقمي ولاسيما مواقع التواصل الاجتماعي لا حصر لها ولا يمكن التقليل من شأنها. إنها لا تؤثر فقط على الأفراد أو المجتمعات، بل على العالم بأسره. لذلك، أصبح وصول الأشخاص إلى هذه المواقع أمرًا لا مفر منه. ويكون الشعور بخطر آثار إدمانها على الأفراد أولاً، ثم العائلات، ثم المجتمعات، ثم البلدان ككل.

ويجب ألا ننسى أن هذا العالم أصبح هو من يديرينا لا نحن اذاً هو شي حتمي فرض علينا لا نستطيع أن نمنعه من الدخول إلى حياتنا، ولكن يمكن الحد من خطر إدمانه والتعلق به بتوجيه الأفراد وتقديم النصائح والدروس من أجل تقليل هذه الاضرار ولاسيما الفئة الصغيرة التي ما تزال في مرحلة التكوين.

المقالات المنشورة تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي شبكة آرام ميديا

اقرأ أيضاً: الجزء (1) مخاطر الإدمان الرقمي

شاهد إصداراتنا: